IMLebanon

“حزب الله” يضع الحواجز مبكرا أمام ولاية جديدة للحريري

اوضحت مصادر سياسية لبنانية مطلعة إن حزب الله يعمل خلال هذه الأيام على خطين متوازيين عشية الانتخابات التشريعية التي ستُجرى الأحد المقبل. ورأت هذه المصادر أن تدخل الأمين العام حسن نصرالله في الحملة الانتخابية لدعم اللوائح الانتخابية دائرة تلو أخرى، يمثل الخط الأول ويعكس قلقا لدى الحزب من مغبة حصول اختراقات ولو بسيطة في دوائر الجنوب والبقاع تشكل صفعة لسمعة الحزب أمام جمهوره في لبنان كما أمام رعاته في إيران.

وأضافت هذه المصادر في حديث لصحيفة “العرب” اللندنية أن الحزب المطمئن مع ذلك على حصته داخل مجلس النواب المقبل بدأ على خط ثان يعد العدة لعملية تشكيل السلطة بعد الانتخابات، لا سيما لجهة دوره المقبل داخل مؤسسات الدولة الدستورية والإدارية.

ولفتت المصادر إلى أن استناد خطاب نصرالله على وعد لناخبيه بمكافحة الفساد بعد الانتخابات قد ألحق بنقد وجّه ضد بقية الطبقة الحاكمة وخصوصا تيار المستقبل، بصفتها كانت مسؤولة عن الملف الاقتصادي والإنمائي المتدهور فيما كان الحزب “مشغولا بمهام المقاومة والدفاع عن لبنان”.

وعلى الرغم من إجماع المراقبين على مسؤولية حزب الله المباشرة في رعاية قسط وافر من سلوكيات الفساد داخل الدولة اللبنانية لا سيما وأنه مشارك في الحكومات التي تعاقبت منذ عام 2005، إلا أن حديث نصرالله عن العزم على المشاركة في القرار الاقتصادي يكشف عن خطط الحزب الجديدة لتوسيع هيمنته داخل مفاصل الدولة لتشمل المؤسسات الاقتصادية والمالية بعد أن حصل على حق القرار داخل المؤسسات العسكرية والأمنية.

وفيما يعلن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أن رئاسة المجلس النيابي ستبقى لرئيسه الحالي نبيه بري، فإنه يطلق إشارات ضبابية حول الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة. وفي وقت ترى فيه الدوائر القريبة من الحزب أن نتائج الانتخابات هي التي ستقرر وجهة ذلك، فإن قاسم مع ذلك لم ينتظر هذه النتائج واستبق إرادة الناخبين بإعلانه “تعيين” حليف الحزب نبيه بري على رأس السلطة الثانية في البلاد.

وقال مرجع برلماني لبناني إن الحزب انقلب على حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2011 في محاولة منه للإطباق على الحكم اللبناني من خلال الإتيان بشخصية قريبة منه. وذكّر هذا المرجع أن الحزب رشح آنذاك الراحل الرئيس عمر كرامي قبل أن يتخلى عنه لصالح الرئيس نجيب ميقاتي.

وأضاف المرجع أن حكومة ميقاتي خلت من قوى مناهضة لحزب الله، ومع ذلك فشل الحزب في التمكن مؤسساتيا ودستوريا من السيطرة على الحكم في لبنان، وأن اضطراره إلى إعادة القبول بسعد الحريري على رأس الحكومة كان حاجة للحزب قبل غيره في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها.

وترى مصادر دبلوماسية عربية أن حزب الله تخلى عن مواقفه الهجومية في لبنان وهو مرابط داخل مواقع دفاعية تهدف إلى استظلاله بسقوف برلمانية وحكومية تقيه الضغوط التي تستهدفه كما تستهدف النظام الإيراني الذي يرعاه.

وأضافت هذه المصادر أن حديث قاسم عن أن الحزب لم يقرر من سيدعم لرئاسة الحكومة يهدف إلى تحسين وتحصين حصة الحزب داخل النظام السياسي اللبناني، كما يسعى إلى الاستمرار في ورشته لتوسيع هيمنته على مراكز الدولة في لبنان.

وقالت مصادر قريبة من تيار المستقبل إن موقف الحزب ليس جديدا حيال الرئيس سعد الحريري وأن تعيينه كما تعيين والده الراحل رفيق الحريري من قبله لتشكيل حكومات في لبنان لطالما كانت تتم على الرغم من امتناع نواب الحزب عن تسميتهم.

وأضافت هذه المصادر أن الانتخابات المقبلة ستنتج مشهدا برلمانيا جديدا لا يعرف الحزب ما إذا كان سيمسك بمفاتيحه حتى الآن، خصوصا أن التحالفات تحت قبة البرلمان ستختلف عن تلك التي تشهدها لوائح المرشحين التي ركبت لدواع انتخابية مؤقتة.

غير أن بعض الأوساط المسيحية رأت في طرح أمر رئاسة الحكومة من قبل حزب الله بشكل مبكر هدفه بعث رسائل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون كما إلى التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل مفادها أن تفاهمات الصفقة الرئاسية بين عون والحريري نفدت صلاحيتها وباتت تحتاج إلى تحديثات جديدة تأخذ في الاعتبار خطط الحزب ومزاجه الجديد.

وأضافت هذه المصادر أن الحزب، وعلى الرغم من تحفظه على مواقف أطلقها باسيل بشأن دور الحزب في تعطيل قيام الدولة وأخرى طالت سهامها الرئيس بري، فإنه لن يدخل في مواجهة مع الحليف المسيحي الأساسي له.

ورأت المصادر أن الرسالة التي وجهها نائب الأمين العام للحزب والمشككة في اسم رئيس الوزراء لا تملك أي مصداقية فعلية لارتباط اسم سعد الحريري بإرادة داخلية إقليمية ودولية بإعادة تعيينه في هذا المنصب، فيما أن تصريحه بشأن “تثبيت” بري رئيسا للبرلمان هدفه إعلان انحياز الحزب الكامل لصالح حليفه داخل الثنائية الشيعية ضد حليفه باسيل الذي تتدهور علاقته بزعيم حركة أمل.