كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:
الشجارات البسيطة مع الشريك لا مفرّ منها فهي جزء من روتين الحياة اليومي، ولكنّ ثمّة سلوكيات تساعدكما على التخفيف من تواترها وحدّتها، خصوصاً إذا أدركتما أهمّ مسبّبات المشكلات بينكما، عامدَين إلى معالجتها بما يتناسب مع نمط حياتكما.
صحيح أنّ لكل ثنائي أسبابَ شجاره الخاصة المختلفة عن غيره، ولكن يبدو أنّ بعض مسبّبات الشجار موجودة في كلّ المنازل، وهي كقنابل موقوتة، جاهزة للانفجار صراخاً أو نكداً أو نفوراً أو نقّاً أو اشمئزازاً في أيّ وقت، ناسفةً الأجواءَ المنزلية المريحة والسعيدة.
هذا السبب الرئيس!
تؤكد دراسة أجراها موقع أميركي يهتمّ بسعادة الأزواج أنّ الأعمال المنزلية والتنظيف وراء أبرز أسباب شجار المتزوّجين. تلفت الدراسة التي شملت 75000 ثنائي متزوّج إلى أنّ حتّى تقاسم الثنائي هذه الأعمال لا يجنّب الشجارات.
مثلاً، هي تتّهمه بأنه لا يجيد التنظيف، أو أنه إذا طبخ ليخفّف عنها يخلّف وراءه وابلاً من الأواني المكدّسة للجلي…. وهو يتّهمها بالفوضى وعدم توضيب أغراضها وتخريب ما رتّبه…. هذا إن لم يتذمّر لأنها تقضي وقتها في التنظيف، خصوصاً أنّ تقسيمَ الأعمال المنزلية بين المرأة والرجل غالباً ما لا يكون عادلاً.
في هذا السياق، تقدّر دراسةٌ أجرَتها منظّمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي عام 2014، شَملت 15 بلداً، أنّ الرجال لا يخصّصون سوى ساعة واحدة يومياً للأعمال المنزلية، في مقابل 5 ساعات للنساء.
طبعاً هذه النتائج تؤشّر إلى المعدّل، وتبيّن من ضمن مَن شملتهم العيّنة رجال لا يشاركون أبداً في الأعمال المنزلية، وغيرهم يعملون لأكثر من ساعة واحدة يومياً. وكذلك الأمر للنساء، فمنهنّ مَن يكرّسن ساعات طوال للعمل المنزلي وغيرهنّ يعملن أقلّ من هذا المعدّل.
منافع مشاركته
وبينما تشجّع الحياة العصرية الرجل يوماً بعد يوم على التعاون بأعمال المنزل التي كانت حكراً على النساء، تؤكد العديد من الدراسات أنّ لمبادراته تلك وقعاً إيجابياً على حياة الثنائي.
ها هي دراسة أجرتها مدرسة لندن الاقتصادية عام 2010 تشدّد على أنّ مشاركة الزوج في الأعمال المنزلية تخفّض خطر الطلاق بشكل كبير. عمله في البيت يريح زوجته، ويُشعرها بحبّه ورغبته في التضحية ما يعزّز المودّة بينهما. وتُبيّن الدراسة أنّ الأسرة التي تهتمّ فيها المرأة بالأعمال المنزلية وتربية الأولاد منفردة، ترتفع فيها نسبة الطلاق إلى 91 في المئة مقارنةً بالعائلات التي تعمل فيها المرأة ويساعدها زوجها في المنزل.
حياة جنسية أكثر ازدهاراً
إلى ذلك، يبدو أنّ مشاركته في الأعمال المنزلية تمتدّ لأبعد من إراحة الزوجة ومدّ يد العون لها. فتقاسمه المهمات المنزلية معها يعزّز العلاقة الجنسية بين الطرفين، بحسب دراسة أجراها الأستاذ في علم البيئة الأُسرية الدكتور مات جونسون في جامعة «ألبرتا» في ألمانيا.
للنجاح ركّزوا على الجلي!
ويتبيّن أنّ الجلي من أكثر المهمات التي تزيد سعادة الثنائي إذا ما تولّاها الرجل. دراسة حديثة، أجراها مركز بحوث مجلس العائلات المعاصرة في الولايات المتحدة الأميركية، تشير إلى أنّ تَشاركَ الزوجين في غسل الصحون يومياً مؤشر الى السعادة الزوجية، والتناغم التام بينهما. وتلفت الدراسة إلى أنّ النساء المسؤولات بمفردهنّ عن غسل الصحون يُسجّلن نسبة تذمّر عالية من الحياة الزوجية، ما قد يدمّر العلاقة، حين تنشأ نقاشات كثيرة بسبب شعورهنّ بضغط الأعمال المنزلية.
أما مساهمة الزوج بالجلي فلا تزيد رضاها فقط، إنما رضاه أيضاً. فالأزواج المتعاونون مع زوجاتهم في الأعمال المنزلية، وخصوصاً تنظيف الصحون عبّروا عن نسبة رضا عالية مقارنةً مع غيرهم. ويؤكّد البروفيسور دانيال كارسون، من جامعة يوتاه، أنه بالنسبة إلى المرأة، يعدّ غسل الصحون أكثر أهمية من غيره من المهام عندما يتعلّق الأمر بتوزيع الأعمال المنزلية بينها وبين شريكها.
الاستثمار في هذا المضمار
هذه الدراسات وسواها تثبت أنّ أعمال التنظيف تقف عائقاً في وجه سعادة العديد من الأزواج، وأنّ صراعاتهم يمكن أن تتقلّص لو نزعوا مشكلة التنظيف من حياتهم. ولكن، لا يغب عن بالكم أنه يمكن التخفيف من حدّة مشكلات التنظيف باستخدام مَن يساعدكم. وتشير دراسة حديثة صدرت عن جامعتي هارفارد وكولومبيا الأميركيتين أنّ الثنائي الذي دفع المال لاستخدام مَن يساعده كان أكثرَ سعادة، إذ تقلّص قلقه واستفاد من وقته للراحة والقيام بنشاطات ترفيهية.