IMLebanon

الشوف – عاليه: المنازلة الانتخابية الكبرى

تكتسب المعركة الانتخابية في دائرة الشوف- عاليه أهمية خاصة باعتبارها كبرى المعارك، وتحديداً بين الحزب «التقدمي الاشتراكي» المتحالف مع «تيار المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» وبين «التيار الوطني الحر» المتحالف مع الوزير طلال أرسلان والحزب «السوري القومي الاجتماعي»، من دون أن تحجب الأنظار عن اللوائح الأربع الأخرى ومنها اللائحة التي يتزعمها رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب، إضافة إلى اللائحة المدعومة من حزبي «الوطنيين الأحرار» و «الكتائب» ولائحتين تمثلان الحراك المدني في هذه الدائرة.

وبلغت استعدادات اللوائح المتنافسة ذروتها لخوض الانتخابات بعد غد الأحد، وسيكون لنتائجها تأثيرها المباشر على التحالفات السياسية ما بعد مرحلة إنجاز الاستحقاق النيابي، لأنها تتعلق مباشرة بإعادة تكوين السلطة في لبنان، خصوصاً على صعيد تأليف الحكومة العتيدة.

واللافت أن تركيب التحالفات الانتخابية في الشوف- عاليه تميز بإحداث شرخ بين «قوى 8 آذار» وإن كان بعضها على ائتلاف مع «التيار الوطني» تمثل بتحالفه مع أرسلان في مقابل خروج وهاب عن هذا التحالف، فيما تدعم حركة «أمل» مرشحي «اللقاء النيابي الديموقراطي»، وهي في دعمها على خلاف مع «حزب الله» الذي قرر أن يوزع أصواته شوفياً على لائحة «التيار- أرسلان» من جهة، وعلى لائحة وهاب في عاليه.

إلا أن المشكلة التي عانى منها بعض «قوى 8 آذار» تكمن في انحياز السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي لمصلحة لائحة «التيار- أرسلان» من خلال طلبه من الناخبين الموالين للنظام السوري منح أصواتهم التفضيلية للواء المتقاعد علي الحاج المرشح عن المقعد السني في اللائحة، وهذا ما دفع بوهاب إلى شن هجوم سياسي عليه، لأنه كان يراهن على أن يبقى الدعم السوري محصوراً بلائحته.

وكاد موقف وهاب من السفير السوري ينسحب، ولو بصمت، على «تيار المردة» و «حزب الله» على خلفية حثه العلويين في طرابلس على الاقتراع لمصلحة المرشح المحسوب على النظام السوري، كمال خير عن المقعد السني في المنية الملحقة انتخابياً بطرابلس والضنية.

لكن إصرار السفير السوري على موقفه كان وراء مبادرة «المردة» و «حزب الله» إلى التواصل مع مركز القرار في دمشق الذي أعطى تعليماته بضرورة الالتزام بخيارهما الانتخابي الداعم للائحة التي يرأسها الوزير السابق فيصل كرامي عن دائرة طرابلس- الضنية- المنية، بذريعة أن لا حظوظ لخير بالحصول على الحاصل الانتخابي، وبالتالي فإن من شأن التصويت له أن يضعف اللائحة الكرامية.

وفي هذا السياق أيضاً لا بد من الإشارة إلى أن قيادة «التيار الوطني» نجحت أخيراً في استيعاب اعتراض مؤسس «التيار» في الشـــوف غياث البستاني على استبعاده من الترشح عن أحد المقاعد المارونية الثلاثة لمصلحة رجل الأعمال فريد البستاني، وهو من أصول سورية ومن مواليد حلب.

وعلمت «الحياة» أن غياث البستاني عدل عن قراره عدم التدخل في الانتخابات، إنما على قاعدة حصر الصوت التفضيلي بواحد من المرشحين الثلاثة الماروني ماريو عون والكاثوليكي غسان خيرالله والسني وزير البيئة طارق الخطيب، الذي لم يوفق في إقناع «الجماعة الإسلامية» التي ليس لها أي مرشح في الشوف- عاليه بالتصويت له، وقررت دعم مرشحي «اللقاء الديموقراطي» في الدائرة، بينما سيقترع مناصرو «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) لإحدى اللوائح المناوئة للائحة «المصالحة» التي تضم ائتلاف «التقدمي» و «المستقبل» و «القوات».

أما حزبا «الأحرار» و «الكتائب» فيخوضان معركتهما الانتخابية بغية تسجيل موقف لاختبار حجمهما الانتخابي، بينما يجزم أكثر من مرشح على لائحة الحراك المدني بأن النتائج ستحمل مفاجأة تتمثل في قدرتهم على إحداث خرق لمصلحة اللائحة.

لكن يبدو أن المنافسة ستبقى محصورة بين لائحتي «المصالحة» وتحالف التيار الوطني- أرسلان- القومي، مع أن وهاب يؤكد كما ينقل عنه، أن لديه القدرة على الانضمام إليهما كمنافس ثالث.

ومع أن الترجيحات الأولية تصب لمصلحة مرشحي لائحة «المصالحة» كما تقول مصادرها، مؤكدة أنها تكثف تحركاتها في بلدات الشوف وعاليه لقطع الطريق على حصول خرق للائحة، وأن يقتصر في حال حصوله على مقعدين أو ثلاثة، إضافة إلى المقعد الذي يفترض أن يشغله أرسلان بعدما أبقت، وبناء لطلب رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط، على المقعد الدرزي الثاني في عاليه شاغراً.

وعليه، فإن الانتخابات في الشوف- عاليه تحمل نكهة سياسية خاصة، لأنها تضم بعض كبريات القوى السياسية في هذه الدائرة والتي لديها امتدادات في دوائر أخرى، إضافة إلى أنها تتسم ببعد سياسي تمثل في توزع «قوى 8 آذار» على أكثر من لائحة في مواجهة لائحة «المصالحة»، وهذا ما أزعج «حزب الله» الذي لم يوفق في إتمام مصالحة بين أرسلان ووهاب تفتح الباب أمام ائتلافهما إلى جانب «التيار الوطني» و «القومي الاجتماعي» في لائحة واحدة.