تتسابق الماكينات الانتخابية على جذب أكبر عدد من الأصوات لصالح مرشحيها؛ وهو ما ينسحب على لائحتي دائرة الجنوب الثانية (صور ـ الزهراني)، اللتين تتسابقان على الصوت السنّي، الذي بات تحت مجهر القوى النافذة في المنطقة، في ظلّ غياب أي مرشّح لهذا المكوّن في الدائرة المذكورة. في وقت يعاني هذا المكوّن ضياعاً حيال الخيار الذي سيلجأ إليه، بسبب انكفاء قيادته عن ولوج معترك هذه الدائرة البالغة الحساسية. في حين جزمت إحدى فعاليات الطائفة السنيّة في صور، أن الناخب السني له حرية الاختيار لمن يقترع، لكنها أكدت أن الطائفة “تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المنطقة، وتدعو أبناءها للحفاظ على أفضل العلاقة مع محيطها، ولا سيما مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة أمل”.
ويتوزّع الناخبون السنة في قضاء صور على بلدات عدّة، أبرزها يارين: مروحين، البرغلية والبساتين. وأعلن أحد وجهاء بلدة يارين لـ”الشرق الأوسط”، أن “القسم الأكبر من الناخبين السنة في هذه المنطقة غير معنيين بالحدث، وهم لا يجدون أنفسهم في مكان معين، وغير ملزمين بالتصويت للائحة محددة”. وأشار إلى أن الناخب السنّي “لن ينكفئ عن ممارسة حقه في الاقتراع، ويترك له حقّ تقدير من سينتخب، ومن هو أفضل من يمثله، مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على حسن الجوار”.
ويبلغ عدد الناخبين في دائرة صور ــ الزهراني 297000 ناخب، موزعين طائفياً على الشكل التالي (شيعة 242000) أي بمعدّل 81 في المائة، كاثوليك 20000، أي نحو 7 في المائة، سنة 18000 بمعدّل 6 في المائة، وموارنة 13500 ناخب، أي 4.5 في المائة. ويتنافس في هذه الدائرة لائحتان، الأولى تضمّ الثنائي الشيعي حركة أمل و”حزب الله”، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقابل لائحة التيار الوطني الحرّ والأحزاب المعارضة لثنائي “أمل” و”حزب الله” وشخصيات مستقلّة، ويرأسها رجل الأعمال رياض الأسعد.
ورغم ضآلة عدد الناخبين السنة، فإن هذه الأصوات تستهوي اللائحتين ومرشحيهما الذين يتسابقون على الأصوات التفضيلية. لكنّ خبيراً انتخابياً أكد لـ”الشرق الأوسط”، أن “لا تأثير حاسماً للأصوات السنة في هذه الدائرة؛ لأن عدد الناخبين السنة قليل جداً”. ولفت إلى أن “هذا العدد المتواضع غير قادر على تأمين حاصل واحد، ليكون قوّة مرجحة لفوز مرشّح معين”. وقال: بحسب المعلومات، فإن “جزءاً من الأصوات السنية محسوبة على الحزب الشيوعي، وقسم موال لـ”تيار المستقبل”، أما الآخرون فهم مستقلّون إلى حدّ ما”. لكنه أشار إلى أن “آخر استطلاع للرأي أجري في المنطقة قبل نحو شهرين، بيّن أن معظم وجهاء الطائفة السنية، يحترمون محيطهم من الأكثرية الشيعية، وهم أحرص ما يكونون على تمتين علاقاتهم بحركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بما يمثّل مرجعية سياسية ووطنية كبيرة”.
ويتعمّد “تيار المستقبل” الغياب هذه الدائرة التي لم تشملها زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الجنوب، ولم يعط أي إشارة لمؤيديه فيها، وقال مصدر في “التيار” لـ”الشرق الأوسط”، إن “حساسية هذه الدائرة، وغياب التأثير الفعلي لـ”التيار” فيها، تجعل الابتعاد أفضل الخيارات، كي لا يشكل ذلك استفزازاً لأي طرف، خصوصا أنها معقل الرئيس نبيه بري والخزان البشري لحركة أمل”. ولفت إلى أن الناخب السنّي في دائرة الجنوب الثانية “صاحب قرار وهو من يتخذ خياره في صندوق الاقتراع”.
بدوره، أوضح مصدر في حركة أمل لـ”الشرق الأوسط”، أن الحركة كتنظيم “على علاقة جيدة بكل المكونات الموجودة في دائرة صور – الزهراني”. وأشار إلى أن “الروابط مع أبناء الطائفة السنية هي روابط عائلية بفعل الزواج المختلط، وعلاقة أرض وهوية وتاريخ وانتماء”، وقال: “تاريخياً الصوت السنّي يصبّ بغالبيته إلى مرشحي “أمل” وللرئيس نبيه بري، من منطلق الوفاء لهذه المرجعية، التي تشكل ضمانة لحماية التنوع والعيش المشترك في الجنوب كما في كلّ لبنان”. ورفض المصدر مقولة أن “لا تأثير للصوت السنّي بسبب العدد المتواضع؛ لأن كلّ صوت له قيمته لأي لائحة توجه”.