يشهد شهر ايار 2018 مجموعة من الأحداث الهامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تتصدر هذه الأحداث الانتخابات البلدية (المحلية) في تونس، والانتخابات البرلمانية في لبنان والعراق.
يدلي التونسيون واللبنانيون بأصواتهم، الأحد 6 ايار 2018. أما العراقيون فسيكون موعدهم مع الانتخابات السبت 12 ايار 2018، وهو تاريخ مفصلي يتزامن مع حدث آخر مهم قد يؤثر على بلادهم، وهو موعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن موقفه من الاتفاق النووي. وتختلف الانتخابات في تونس عن الانتخابات في لبنان والعراق، لكنها تلتقي عند أهميتها الزمنية من جهة، وموقف المواطنين السلبي منها.
تعد الانتخابات المحلية في تونس الأولى منذ 2011، وهي خطوة جديدة في مسار التحول الديمقراطي الصعب الذي تشوبه خيبة الأمل من نقص الوظائف. كما أنها الأولى وفق قانون جديد يتصوّر نقلا تدريجيا لصناعة القرار إلى المستوى المحلي لكن لا يزال من غير الواضح كيف سينفذ ذلك عمليا.
والانتخابات في لبنان هي الأولى بنظام النسبية الجديد، كما أنها تعقد للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات شهدت انقسامات سياسية حادة ناتجة عن تداعيات الصراعات الإقليمية، وفي ظل توافق سياسي هش في البلد متعدد الطوائف.
وفي العراق هذه الانتخابات هي الأولى في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، والأولى التي يشهد فيها الصف الشيعي انقساما على المستويين الشعبي والسياسي، فيما لن يعود الأكراد إلى بغداد هذه المرة بنفس القوة في ظل تداعيات الاستفتاء على الانفصال عن الدولة العراقية.
من محليات تونس إلى برلمانيات لبنان والعراق، عكست الحملات الانتخابية والعدد الكبير للمرشحين بمختلف تفصيلاتهم، مشهدا انتخابيا ديمقراطيا تعدديا. لكن هذا المشهد لم ينجح في التخفيف من قلق المواطنين وآمالهم الضعيفة في أن تأتي الانتخابات بتغيير النخبة السياسية التقليدية، في لبنان والعراق، وأن تنزع القلق من مساعي الإسلاميين لتغيير المجتمع وزرع الأذرع في عمق الدولة، والتي تعتبر البلديات إحدى ركائزها وأخطر المؤسسات القادرة على لعب أدوار مفصلية في انتخابات برلمانية أو رئاسية قادمة. جاء الربيع العربي بالحرية والتعددية لكنه جاء أيضا بقلق كبير على مستويات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية، تعكسه هذه الانتخابات.