Site icon IMLebanon

حميّة انسحب بفعل تهديدات “حزب الله”!

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

عزز انسحاب المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك – الهرمل، محمد حميّة، مخاوف معارضي «حزب الله» من تأثير ضغوطه على نزاهة الاستحقاق النيابي، بعدما عزا حميّة انسحابه إلى تهديدات تعرّض لها مع عائلته وأقاربه، فيما بث مناصرون للحزب شائعات عن انسحاب رئيس اللائحة المنافسة يحيى شمص.

وقال حمية، في بيان انسحابه: «أنا لم أترشح من أجل المناصب، بل لخدمة أهلنا، لكنّ الأمور ذهبت إلى ضغط غير مسبوق، واتهامات بشقّ الصفّ»، وأضاف: «لأني حريص على أمن أهلي وسلامتهم، وعدم تعرضهم لأي سوء، ولإبقاء صلة الرّحم بين أهلي وأولاد عمّي، ولأننا نواجه القدرة المالية والتنظيمية الكبرى، ولأن قدراتنا لا تعادل قدراتهم، ولأنّ النظام الانتخابي لا يزال قاصراً عن محاسبة التجاوزات الماديّة والإعلامية، ودرءاً للفتنة والحفاظ على أهلي في طاريّا، وإبعاد بلدتي عن أجواء التشنّج، فضّلت انسحابي من المعركة الانتخابيّة»، وختم بيانه قائلاً: «أعاهد أهلي بأني سأبقى في خدمتهم من خلال معارضتي للفساد والهيمنة».

واعتبر رئيس «مركز أمم للأبحاث»، لقمان سليم، أن «(حزب الله) ماضٍ في إلغاء كل من يعارضه الرأي في المناطق الشيعية، بشهادة ما جرى مع زميلنا علي الأمين (الاعتداء عليه من قبل مناصري الحزب قبل أسابيع)، وقبله آخرين»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «لا يمارس الضغوط والترهيب على المرشحين، إنما يحاول ابتزاز الجمهور بقوله إن الصوت الانتخابي يوازي الدم، ما يقطع الطريق على أي منافسة انتخابية سياسية».

ويشكو مرشحون مناهضون للحزب من منعهم من تنظيم حملات انتخابية في البقاع والجنوب، والاعتداء على مكاتبهم الانتخابية، وتشويه صورهم في الشوارع، من دون أن يتعرضوا للمحاسبة والمساءلة. ويؤكد لقمان سليم، وهو باحث سياسي معارض لـ«حزب الله»، أن «تزوير نتائج الانتخابات حصل فعلياً قبل أن تفتح صناديق الاقتراع، ولذلك فإن النتائج مزورة سلفاً»، ورأى أن الأمر «لم يعد يتوقف على الحزب وحده، لأن جماعة العهد (التيار الوطني الحرّ) وآخرين يسيرون على خطى (حزب الله)، ويتوسلون بعض الأجهزة الأمنية للضغط على الناخبين، على قاعدة أن من يؤيدهم مع العهد، ومن لا يقترع لهم هو ضدّ العهد، بمعنى أن هناك خونة وأوفياء، وهذا يشكل أكبر ضربة لسلامة عملية الانتخابات».

كان الشيخ عباس الجوهري، المرشّح على لائحة تحالف «القوات اللبنانية» و«المستقبل» والنائب السابق يحيى شمص، قد تعرّض لضغوط عدّة، كان آخرها توقيفه بتهمة المخدرات لساعات، ما دفعه إلى الانسحاب من السباق باكراً، وكذلك الضغوط التي تعرّض لها المرشح الشيعي في دائرة الجنوب الثانية رياض الأسعد، والاعتداء على المرشح الإعلامي علي الأمين، وهو ما ضاعف الشكوك حول إجراء الانتخابات بحرية وبعيداً عن التأثيرات السياسية والأمنية.

ومن جهته، أعلن المحلل السياسي قاسم قصير، المطلع على أجواء «حزب الله»، أنه لا يستطيع نفي أو تأكيد المعلومات عن ضغوط مارسها الحزب وأدت إلى انسحاب حمية، لكنه لفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن انسحابه «يخدم لائحة يحيى شمص و(القوات اللبنانية) و(المستقبل)، لأنه بذلك يعزز حظوظ شمص بالفوز»، وقال: «قد يكون السبب مرتبطاً بجوانب معنوية»، مقللاً من فرضية الضغوط «ما دام أن هناك أربع لوائح في بعلبك – الهرمل ماضية في معركتها ضدّ لائحة (حزب الله)». واعتبر لقمان سليم أنّ «القانون الانتخابي يفتح الباب أمام مزيد من سيطرة (حزب الله)، لأنه يشرّع تدخّله السافر في قرارات الجماعات الطائفية الأخرى، بحيث يتدخل في مناطق القوى المعارضة له، كما يحصل في بيروت وصيدا والبقاع الغربي وغيرها، ويفرض مرشحين شيعة وغير شيعة، فيما تبقى مناطق نفوذه مقفلة على الآخرين، ومن يتجرأ على خوض الانتخابات ضدّه يتعرّض للمضايقات والتهديد والإيذاء الجسدي».

وختم لقمان سليم: «هناك طابور خامس لـ(حزب الله)، شكّله في حرب الـ2008 (عندما اجتاح بيروت ومناطق في جبل لبنان عسكرياً في السابع من أيار)، واليوم يقطف ثمار ما زرعه من عشر سنوات».