كتبت سابين الحاج في صحيفة “الجمهورية”:
يحتفل العالم في السادس من أيار بيوم التلوين العالمي. فالرسم والتلوين ليسا لتسلية الطفل وإلهائه فقط، بل يعبّران عن شخصية الإنسان ووضعه النفسي، ويساهمان في تفريغ ما في داخله من غضب وحزن وأيضاً مواهب، كما يوصلان رسالته وقصته إلى العالم.
قراءة الرسومات والألوان والغوص في أبعادها ومعانيها وكيفية رسمها تدلّنا على معالم شخصية مَن رسمها، ومشكلاته. فكيف تقرأون هوية أطفالكم وصراعاتهم النفسية من خلال رسوماتهم؟
لكلّ حركة دلالة
يُعبّر الطفل من خلال الرسم عن مخاوفه، أفراحه، أحلامه وأحزانه… دون إدراكه، ما يكشف عن علاقته مع العالم من حوله.
ويختار الطفل أقلامه والألوان والأشكال التي يجسّدها، وحجمها، وموقعها… بعناية، ولسبب دفين في نفسه، فرسومات كل طفل فريدة، تكشف عن رغباته وشخصيته.
معاني هذه الأوراق والأقلام
على سبيل المثال، يفضّل الأطفال الذين يعانون صعوبة في التعبير عن أنفسهم الأقلام المروّسة، بينما يختار الطفل العازم الأقلام ذات الأطراف الأكثر عرضاً والدهنية. ويُعتبر حجم الورقة مؤشّراً معبّراً حول المكانة التي يطمح إليها الطفل في حياته بشكل عام. فاختياره لورقة كبيرة يعني أنه يرغب في إظهار نفسه، في حين يدلّ اختياره لقطع الورق الصغيرة أنه يتمتّع بقدرة عالية على التركيز.
الرسوم؟
تؤكد طبيبة الأطفال الفرنسية ادويج آنتييه، مؤلفة كتابٍ حول معاني رسومات الأطفال، أهمية انتباه الأهل إلى السطور التي يخطّها الطفل.
قبل عمر الثلاث سنوات يهتم الطفل بالشخبطة أكثر ممّا يهتم بمضمونها فلا يهمه ماذا يرسم. ولكن، إذا كان يضغط بالقلم على الورقة حتّى يخرقها، يدلّ ذلك على أنه ربّما يعاني صراعاً.
أما بالنسبة للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين سن 3 و 6 سنوات فيكرّرون غالباً الموضوعات والشخصيات نفسها في الرسم، وهذه معانيها:
-الرجل: حجم وموضع الرجل على الورقة مؤشر مهم، لأنّ الرجل هو الطفل نفسه. فعندما يكون صغيراً جداً، إسألوا نفسكم إذا كان طفلكم يعاني نقصاً في الثقة بنفسه. وإذا كان الطفل يرسم رجلاً من دون ذراعين، فربّما يشعر بالذنب. انتبهوا أيضاً حين يرسم عائلتكم، وإذا كان يعمد إلى عدم رسم شخص معيّن فيها أو إذا كان يضيف شخصاً معيّناً إليها.
-بيت مع نوافذ مسيّجة: يعني أنّ طفلكم يبحث عن حماية نفسه، واسألوا أنفسكم لماذا؟
-الشجرة: عندما تكون خضراء كبيرة وتعجّ بالأوراق والفاكهة، تدلّ على أنّ الطفل سعيد. إذا كانت متشابكة الأغصان بطريقة عصبية، تعني أنّ الطفل قلق. الجذع يمثّل شخصية الطفل، إذا رُسم في وسط الصفحة ثابتاً وقوياً فهو يُفصِحُ عن أنّ الطفل بحال جيدة ولكن إذا رُسم مثقوباً فيؤشّر إلى أنّ طفلكم قد تعرّض لحادث ما.
عندما يكون منزعجاً!
تواتر بعض الرسومات يرمز إلى أنّ الطفلَ يعاني انزعاجاً أو قلقاً ما، ومنها:
*الوجوه المنزعجة
• الأشخاص ذات الأجزاء المبتورة أو المفقودة
• حَوَل العيون أو العيون الجوفاء ذات الهالات السوداء.
• الرسومات الصغيرة والمحصورة في مساحة ضيقة.
• رسم الوجوه غير المعبّرة
• تكرار الرسوم نفسها على مدى أشهر
• رفض الطفل للرسم بشكل منتظم أو تمزيقه لرسومه.
ويؤكد الخبراء أنّ تجسيد الطفل للمشاهد العنيفة التي تتضمّن ضرباً أو مشاجرات، أو رسمه لأشخاص عاريين ليست مؤشرات خطرة شرط أن لا تتكرّر بشكل كبير ما يدلّ على الهوس، أو على تعرّض الطفل للعنف أو ربّما لاعتداءات جنسية، وفي هذه الحال طرح الأسئلة على الطفل أو مراقبته قد تُعلِمُكم بالكثير.
التحدّث عن الرسوم
إلى ذلك، تنصح الباحثة الفرنسية في التربية وعلم نفس الأطفال فرنسواز دولتو الأهل بعدم التعبير عن اندهاشهم برسوم الأطفال دائماً لأنّ الطفل لا يسعى وراء المديح عندما يقرّر أن يرسم بل يهمّه التعبير والتحدّث عن رسمه. اطرحوا عليه الأسئلة، وادفعوه إلى التكلّم عن إبداعاته، وحاولوا أن تفهموا منه ماذا يمثل ما رسمه. في حال لم يرغب في الكلام والتعبير لا تجبروه، فربّما يكون الموضوع غيرَ مهم بالنسبة له.
التفسير في التكرار
عندما يرسم الطفل، يعبّر بطريقة حرّة. قد ينقل رسائل قوية، إيجابية أو سلبية، أو يجسّد أفكاراً غير مهمة. لذا، لا يجب أن نتكهّن حالته سريعاً مرتكزين على أيّ رسم، بل يجب مراقبة رسوماته والاستنتاج من خلال ما يكرّره من أشكال وألوان. وفي حال مرور طفلكما بأحداث مؤلمة أو عنيفة، إبقوا حذرين، وراقبوا رسومه، قد تشكّل مؤشراً الى قلقٍ ما لا يتمكّن من التعبير عنه سوى من خلال الرسم.