كشف مصدر مطلع في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري عن اتجاه لاتهام شخصيات سياسية من “حزب الله” في التخطيط والضلوع بعملية الاغتيال، وقال “إن الاتهام ربما يصل إلى الأمين العام للحزب حسن نصرالله وربما للرئيس السوري بشار الأسد”، مشيرا إلى أن المحكمة باتت مقتنعة بأن دور القيادة السياسية للحزب ولجهات أخرى رفض الإفصاح عنها بات واضحا في الإعداد للعملية التي نفذت يوم 14 فبراير 2005 وادت إلى مقتل الحريري و17 من رفاقه ثم تلتها سلسلة اغتيالات من ذات المجموعات.
وأشار المصدر الذي رفض ذكر اسمه في حديث لصحيفة “الاتحاد” الإماراتية إلى أدلة جديدة وبيانات تربط كلا من وفيق صفا وحسن خليل وهما شخصيتان بارزتان في الحزب إلى جانب نصرالله الذي يوكل إليهما مهمات حساسة جدا. وقال إنه وفق معلومات وصلت إلى جهات عربية ذات علاقة مع جهات سياسية في لبنان مطلعة تبين أن هناك بوادر لنوايا في المحكمة الدولية، لربط جهات سياسية في حزب الله من أصحاب القرار بملف اغتيال الحريري.
واكد أن هذه التوجهات تراكمت منذ مقتل المتهم المركزي الأعلى مصطفى بدر الدين، والذي يعتقد الكثيرون أن موته في سوريا في ظروف غامضة عام 2016، كان عملية اغتيال نفذت بأوامر مباشرة من نصرالله، وكانت تهدف إلى منع بدر الدين من كشف الأسرار التي يطلع عليها حول تورط قيادة الحزب في اغتيال الحريري. وأضاف إنه خلال العام الماضي بذلت جهود للعثور على أدلة قانونية قاطعة تدين وفيق صفا بالتورط بقضية اغتيال الحريري.
وبسبب دور صفا، تواصلت معه مباشرة، جهات في المحكمة الدولية، ضمن الجلسات التي عقدت مع عدد من الشهود والتي عقدت في لبنان في مكتب المدعي العام سعيد ميرزا، لكنهم لم يتخيلوا أن الشخص الماثل أمامهم متورط في جريمة الاغتيال.
وتصرفات واتصالات صفا في الأشهر التي سبقت الاغتيال، تشير إلى اهتمامه البارز بنشاطات وتوجهات الحريري، إضافة إلى علاقاته مع الجهات الفاعلة في القضية، بما في ذلك المتهمون الأساسيون، سليم عياش ومصطفى بدر الدين. وفي وقت قريب من موعد اللقاء المتوتر بين الحريري ونصر الله في ايلول 2004، برزت اتصالات بين الهاتف الخليوي لصفا وبين جهات مرتبطة بـ”الشبكة الخضراء” وهي إحدى الشبكات العملياتية المرتبطة بعملية الاغتيال التي وقعت بعد شهور قليلة.
وبرزت شكوك أن الاتصال الأخير في سلسلة الاتصالات بين صفا وبدر الدين تلك الليلة، كان الحاسم الذي أعطي به الضوء الأخضر لتنفيذ العملية، وهو الأمر الذي يشير إلى أن صفا، من قيادات الحزب، ومستودع أسرار نصر الله ومبعوثه للمهام الحساسة، كان حلقة مهمة في سلسلة اتخاذ القرار لتنفيذ عملية اغتيال الحريري. وإلى جانب الأدلة التي تجمعت حول دور صفا في اغتيال الحريري، يتم الآن وضع اللمسات على لائحة اتهام ضد حسين خليل، المعاون السياسي لأمين عام حزب الله، والذي يدير علاقات الحزب مع الجهات السياسية في لبنان.
ومن الشهادات التي بحوزة المحكمة، يظهر أن حسين خليل نقل إلى الحريري قبل أيام من اغتياله، رسائل تهديد يفهم منها أن الحزب ينوي اتخاذ خطوات جدية ضده. فقد شهد هاني حمود، مستشار الحريري، انه وقبيل الاغتيال، قام خليل بدعوة نصير الأسعد، أحد المقربين من الحريري، وأمره بإيصال رسالة إلى رئيس الحكومة بأن حزب الله لن يسكت عن تصرفاته السياسية، وكذلك لن يسكت إزاء نيته عقد تحالف مع المسيحيين، وفي هذا الإطار قال خليل “إذا أراد الحريري أن يسلم البلد للمسيحيين، نحن لن نسمح بذلك وسوف نقلب البلاد رأسا على عقب”.
وأعد طاقم الادعاء في المحكمة الدولية البيانات ولائحة الاتهام إلا أن المحكمة تريثت مؤخرا في الإعلان عن الأمر بسبب الانتخابات اللبنانية وذلك حتى لا تظهر وكأنها تحاول التأثير على الانتخابات. ويبدو أن الفترة القريبة ستشهد تطورات لافتة وربما مفاجأة على هذا الملف بحسب معلومات من مصادر مختلفة لجهات لها علاقة بالمحكمة الدولية وهي من جانبي الدفاع والادعاء تشير إلى تبني المحكمة إمكانية تقديم لوائح اتهام للمستوى السياسي في حزب الله من جهة والى شخصيات قيادية في المنطقة من ناحية أخرى في إشارة ربما للرئيس السوري بشار الأسد.