ذكرت مصادر في واشنطن لصحيفة “العرب” اللندنية أن العقوبات الجديدة التي تفرضها وزارة الخزانة ضد حزب الله والأشخاص والشركات المرتبطين به تعكس منهجية جديدة وتفصيلية في استهداف آليات عمل الحزب وتمويله، ضمن نطاق جغرافي بات يشمل الخليج وأوروبا وأفريقيا.
والعقوبات الجديدة جزء من حلقة من سلسلة تدابير تهدف إلى القطع نهائيا مع ظاهرة ميليشيا حزب الله المدعوم من إيران، وتأتي ضمن استراتيجية شاملة تشمل كافة أذرع إيران العسكرية والأمنية في العالم.
وأعلن في واشنطن أن “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية قام بإدراج ممول حزب الله محمد إبراهيم بزّي وممثل الحزب في إيران عبدالله صفيّ الدين، بوصفهما إرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، الذي يستهدف الإرهابيين ومن يقدم الدعم للإرهابيين أو لأعمال الإرهاب”.
وكانت واشنطن أعلنت، الأربعاء، فرض عقوبات على عشر شخصيات قيادية في حزب الله بما في ذلك أمينه العام حسن نصرالله ونائبه نعيم قاسم.
غير أن هذه العقوبات، التي تستهدف خطوط تمويل الحزب في لبنان والعالم، طالت أيضا ممثل الحزب في إيران وأحد مموليه الرئيسيين وشركاته الخمس في أوروبا وغرب أفريقيا والشرق الأوسط.
وترى مصادر دبلوماسية غربية أن أمر العقوبات الأميركية ضد حزب الله ليس روتينيا بل يندرج ضمن خطة شاملة مكملة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع دول مجموعة الـ 5+1 في فيينا صيف عام 2015.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، الخميس، إن محمد إبراهيم بزي هو ممول رئيسي لحزب الله يعمل عبر بلجيكا ولبنان والعراق، وربطته علاقة وثيقة برئيس غامبيا السابق يحيى جامع المتهم بتكوين ثروة هائلة خلال حكمه الذي امتد لعقود.
وذكرت بعض المعلومات أن عملية التضييق المالي على حزب الله تشمل شبكاته في العالم، لا سيما في أفريقيا وأميركا اللاتينية وأوروبا.
وأضافت المعلومات أن تلك الشبكات باتت مرصودة من قبل الأجهزة الأميركية التي تقوم بمراقبة شبكات الإرهاب وغسل الأموال في العالم.
ورأت مراجع مراقبة أن الولايات المتحدة تنوي شن حملة ضد كافة الميليشيات التابعة لإيران في الشرق الأوسط وقطع امتدادات طهران في المنطقة.
وأوضحت أن واشنطن تدعم الجهد العسكري الذي تقوم به قوات الشرعية اليمنية بدعم من التحالف العربي ضد ميليشيا الحوثيين في اليمن، وأنها تراقب إعادة تشكل السلطة في العراق بعد الانتخابات الأخيرة، لتبدأ التعامل مع الكيانات الميليشياوية التابعة لطهران هناك بصفتها مجموعات إرهابية شأنها في ذلك شأن تعاملها مع حزب الله.
واعتبر مراقبون في لبنان أن العقوبات الأميركية الخليجية، خصوصا لجهة عدم التفريق بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله، قلبت الأمور رأسا على عقب، خصوصا وأن الانتخابات التشريعية الأخيرة أعطت انطباعا بانتصار كاسح لحزب الله عّبر عنه مؤيدوه من خلال مسيرات استفزازية اجتاحت شوارع بيروت غداة إعلان النتائج.
ورأى هؤلاء أن التحرك الأميركي الخليجي أعاد تصويب الأمور وتذكير من يهمه الأمر بأن لبنان ليس جزيرة معزولة، وأن هناك رعاة دوليين وإقليميين حريصين على عدم تمكن إيران من السيطرة عليه من خلال حزب الله.وفرضت واشنطن عقوبات على ممثل حزب الله في إيران عبدالله صفي الدين، الذي قالت إنه كان حلقة وصل بين حزب الله وإيران في المسائل المالية.
وكشفت مراجع أميركية مطلعة أن الإجراءات العقابية ضد حزب الله هي جزء من استراتيجية كبرى ستعتمدها الإدارة الأميركية ضد إيران، وستعلن عنها وزارة الخارجية الأميركية يوم الاثنين المقبل.
وقالت أيضا إن العقوبات الأميركية ستتوسع في العالم ضد إيران عامة وميليشياتها، لا سيما حزب الله، على النحو الذي يرفد القرارات السياسية العليا بأدوات ميدانية فاعلة.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها أدرجت على القائمة السوداء مجموعة خدمات الطاقة البلجيكية “غلوبل تريدينغ غروب”، وشركة المنتجات البترولية “يورو أفريكان غروب” ومقرها غامبيا، وثلاث شركات أخرى تعمل في الشرق الأوسط.
وقالت الوزارة إنه تم استهداف كل هذه الشركات لأنها مملوكة لمحمد إبراهيم بزي أو لأنه يملك حصة مسيطرة فيها.
وفي أحد أشد الإجراءات الرامية إلى تشديد الخناق حول عمليات إيران في الخارج والحرس الثوري الإيراني، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف هذا الأسبوع.
ولفتت مصادر أوروبية مراقبة لحراك حزب الله إلى أن الإدارة الأميركية تذهب بعيدا في حربها ضد إيران وميليشياتها، وأن الضغوط التي تمارس ضد حزب الله توحي بأن واشنطن أخذت قرارا بالتصدي لحالة الحزب الذي بات يهدد استقرار لبنان، وهو لاعب معطّل لأي تسوية مقبلة في سوريا، كما أنه ضالع في أنشطة في اليمن والبحرين والكويت ومهدد لكافة دول الخليج.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان “لا يمكن التغاضي عن الأفعال الوحشية والخسيسة لأحد أبرز ممولي حزب الله”.
وأضاف “هذه الإدارة ستفضح وتزعزع حزب الله وشبكات الإرهاب الإيرانية في كل مكان، بما في ذلك تلك التي لها علاقة ببنك إيران المركزي”.
ولفتت مصادر دبلوماسية عربية إلى أنه رغم السجال الجاري حاليا بين واشنطن والشركاء الموقعين على الاتفاق النووي مع إيران، ورغم الموقف الأوروبي خاصة، فإن الولايات المتحدة ماضية في استراتيجية تروم تشكيل تحالف دولي ضد إيران على غرار التحالف الذي تشكّل لمكافحة تنظيم داعش.
وأضافت المصادر أن صدور القرارات المتعلقة بحزب الله عن واشنطن وحلفائها الخليجيين يمثل بداية لتشكل هذا التحالف الذي سيشمل دولا أخرى وقد لا تكون أوروبا بعيدة عنه لاحقا، خصوصا إذا ما رفضت طهران تلبية مطالب كافة الموقعين على الاتفاق النووي بتطوير الاتفاق وتوسيعه ليشمل برنامجها للصواريخ الباليستية وأنشطتها المهددة للاستقرار في الشرق الأوسط.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه من المقرر أن يتطرق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في كلمة مقررة في واشنطن يوم الاثنين إلى خطط الولايات المتحدة لتشكيل تحالف للنظر بشكل أكثر قربا في ما تعتبره “أنشطة مزعزعة للاستقرار” من جانب إيران.