كتبت ملاك عقيل في صحيفة “الجمهورية”:
بالتزامن مع بدء المفاوضات حول تأليف الحكومة الثانية في عمر العهد تتسابق القوى السياسية الى إعادة التموضع ضمن كتل نيابية تفرض نفسَها خلال عملية شدّ الحبال حول الحصص وتوزيع الحقائب.
يعقد تكتل «لبنان القوي» غداً إجتماعَه الأسبوعي وعلى جدول أعماله بند انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس. ووفق المعطيات يتعاطى «التكتل» مع إستحقاق رئاسة المجلس بمنطق الجملة وليس المفرّق، بحيث لا يفصل موقفه من تسمية الرئيس نبيه بري ونائبه وهيئة مكتب المجلس واللجان عن ملفات أخرى على رأسها رئاسة الحكومة وعملية التأليف والإدارة داخل الحكومة لاحقاً.
يقول النائب سليم عون «هي سلّة متكاملة ومترابطة. التفكير بها والحديث عنها بدأ عملياً قبل الانتخابات، لكن إنتظرنا صدورَ النتائج لكي يأخذ النقاش مداه ومع جميع القوى السياسية، وبالتالي فإنّ قرارَنا غداً الثلثاء سيكون في جزءٍ منه بناءً على ما توصلنا اليه نتيجة الاتصالات حول العناوين العريضة في أكثر من ملف»، مسلّماً بأنّ «تسمية سعد الحريري لا التباس عليها لكن لا نريد أن يكلّفَ رئيساً للحكومة ويعجز عن التأليف. من الضروري جداً أن نعرف «لوين رايحين» وأن لا تكون خطواتنا في المجهول».
هكذا، سيعلن «التكتل» غداً إسمَ مرشحه لرئاسة مجلس النواب ونائبه وأسماء أعضاء مكتب المجلس الذين يدعمهم، فيما توضع اللمسات الأخيرة على أسماء أعضاء اللجان. مع العلم أنّ أوساط «التيار الوطني الحر» تؤكّد أنه «حتى ما قبل ساعات من إجتماع أعضاء «التكتل» فإنّ الأمور ستبقى قابلة للأخذ والردّ خصوصاً في ما يتعلّق بالرئيس ونائبه والأمر رهن تطوّر الاتّصالات السياسية لأنّ المسائل مترابطة نيابياً وحكومياً»، مشيرة الى «الأهمّ وهو أنَّ أيَّ قرار سيُتّخذ سيُلتَزَم به ولن يخرقه الأعضاء».
وإذا كان «التكتل» يدخل مفاوِضاً، بشروطه، حول إستحقاقات مجلس النواب والحكومة حصصاً وحقائب وإدارة، من منطلق عديده النيابي بصفته أكبر تكتل نيابي، فإنّ المعلومات تفيد أنّ هناك توجّهاً داخل «التيار» الى إنشاء «جبهة وطنية» موسّعة داعمة للعهد تتخطّى مقرّ مكتب «التكتل» في سن الفيل الذي اتّخذ قراراً على أن يضمّ فقط نوابه ووزراءه الحاليين، بحيث إنّ «الجبهة» ستضمّ وزراء ونواب «تكتل التغيير والإصلاح» السابقين والطاقم الوزاري والنيابي الحالي وشخصياتٍ حليفة ترشّحت على لوائح «التيار» في الدوائر ولم يُكتب لها الفوزُ وشخصيّات حليفة للعهد.
وعمّا إذا «الجبهة» هي ردّ على ما يتردّد عن عزم بري تشكيل تكتلٍ وطنيّ موسّع يتخطى الثنائي الشيعي ويكون «رقيباً» على سياسات تكتل «لبنان القوي» داخل مجلس النواب يقول النائب عون: «نحن نودّ أن تكون كلّ الكتل النيابية داعمةً للعهد لكن إذا ارادوا المواجهة فسيكون خيارُهم الذاتي، فيما نتمنّى أن يكون بري داعماً للعهد لأنّ لديه مصلحة في ذلك».
لكنّ مطبّ إستحقاقات مجلس النواب يبدو أهون بكثير ممّا ينتظر الحكومة. حتى الآن تُظهِر المعطيات أنّ رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، وخلافاً لـ «تمنّي» رئيس الجمهورية السير بمبدأ فصل النيابة عن الوزارة، ليس مقيّداً بأحد أهمّ معايير الشفافية في العمل المؤسساتي.
لسانُ حال قيادات في «التيار» «يُفتي» الآتي: «طالما أنه ليس هناك قانون ملزم لجميع القوى السياسية فنحن لن نقيّد أنفسَنا به»، وصولاً الى تأكيد أحد النواب المنتخبين في «التيار» والقريب من دائرة وزير الخارجية «أنّ دور باسيل كوزير ضمن السلطة التنفيذية لم ينتهِ بعد».
ووفق معلومات مؤكّدة، فإنّ السقفَ الذي ينطلق منه باسيل في مفاوضات التأليف، والذي فاتح به رئيس الحكومة، حسب تسريبات قريبين من باسيل، هو «حقيبتان سياديّتان إحداهما لـ «التيار» كحزب، وهي وزارة الداخلية، والأُخرى لرئيس الجمهورية. أما الحقيبة الخدماتية التي سيتمسّك بها باسيل فهي حقيبة «الأشغال»، الأمر الذي سيقطع الطريق أمام «القوات» للمطالبة بحقيبة سيادية وبحقيبة «الأشغال» مجدداً.
ويبدو، وفق التوجّه العام، أنّ حصة «التيار» ورئيس الجمهورية، والتي بلغت في حكومة العهد الأولى ثمانية وزراء مسيحيين (بينهم الوزير الأرمني الذي سمّاه عون) إضافة الى الوزير السنّي طارق الخطيب، سترتفع الى تسعة وزراء مسيحيين من دون الوزير المسلم الذي يصرّ رئيس الجمهورية على أن يكون ضمن فريقه الوزاري، فيما يتردّد أنّ عون سيحاول ضمّ سنّيّ وشيعي الى «كتلة العهد» ضمن الحكومة.
الحصة المسيحية لفريق عون وحليفه «التيار» ستخلق نزاعاً مع ثلاث قوى: رئيس الحكومة الذي تمثّل في الحكومة الحالية بوزيرَين مسيحيّين هما غطاس خوري وجان أوغاسبيان، و»القوات» التي تريد رفع حصتها الى أربعة وزراء من ضمنها الحقيبة السيادية بعدما تبيّن أنّ حصتها الفعلية تمثّلت بالوزراء غسان حاصباني وملحم الرياشي وبيار بو عاصي، فيما اتّخذ ميشال فرعون موقع المستقل ولم يكن جزءاً من كتلة «القوات»، وحقيبة تيار «المردة» التي سيضغط بري لكي تكون وازنةً وتبقى من ضمن التركيبة الوزارية، فيما ستحصل مفاوضات «شكليّة» حول حصة حزب «الكتائب» والتي ستنتهي بإبقائه خارج الحكومة على الأرجح.
وتشير أوساط نيابية مطّلعة في «التيار الوطني الحر» الى أنّ أحد بنود «تفاهم معراب» تضمّن سعي «التيار» الى تثبيت حجم «القوات» في حكومة العهد الأولى عام 2016 بحصة منفوخة أكبر من حجمها تُرجِمت بتمثيلها بأربعة وزراء واعتُبِر يومها فرعون من ضمن الحصة القواتيّة، أما اليوم فقد انتهى مفعول هذه المعايير مع نهاية عمر الحكومة واليوم الحجم الفعلي لـ«القوات» هو ثلاثة وزراء نسبة لعدد نوابها!».
وفي سياق آخر، قالت الأوساط: «حتى ولو أنّ «حزب الله» يلوّح اليوم مطالباً بحقيبة أساسية تفعّل دورَه ضمن الحكومة، فهذه الحقيبة يجب أن ينالها من ضمن «حصة» فريقه السياسي في الحكومة وليس «كتلة العهد».