Site icon IMLebanon

الإنحطاط… الشعور الدائم بالتعب

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”: 

كم من المرات، إستيقظتِ وشعرتِ بالتعب الشديد وعدم التوازن. هذا هو الإنحطاط أو الإرهاق وقد يكون وراءه مرض نفسي أو جسدي. نسمع بعض الأشخاص يصفون حالتهم بالمزرية عندما يغلبهم الإنحطاط، خصوصاً إذا استمرّ لوقتٍ طويل أي أكثر من أسبوعين. وبالطبع التدخل الطبي أساسي في هذه المرحلة كما أنّ المتابعة النفسيّة ضرورية أيضاً. فما هو الإنحطاط أو الإرهاق والتعب النفسي؟ ما هي أعراضه؟ وكيف يمكن تجنّبُه؟

تهتم الكثير من المنشورات الطبّية بموضوع الإرهاق والشعور الدائم بالتعب والأسباب النفسية لهذه الحالات. لا ننكر أنّ الإرهاق قد يُنذر بمشكلة صحية، لذا لا يجوز إغفال الشعور الدائم بالتعب بل يجب زيارة الطبيب للقيام بفحص طبّي وتحاليل مخبَرية.

وإذا كانت هذه التحاليل جيدة، يجب تفسير «الإنحطاط» من خلال المنظور النفسي، أي يمكن أن يعاني هذا الشخص نفسيّاً فيكون الإنحطاط عارضاً يشعر به.

ويجب التفريق ما بين «الإكتئاب» بشكل عام، وخصوصاً الإكتئاب الموسمي (الذي يظهر عموماً في فصل الشتاء) والإنحطاط الذي يمكن أن يشعرَ به المريض لفترات طويلة.

الإنحطاط وعوارضُه

الإنحطاط شعور دائم بالتعب الجسدي والنفسي… وهو نوع من «الكسل» يحوّل المريض إلى شخص «تعب» و»مرهق» لا يحب المشاركة في الحياة اليومية. وعند تشخيص الإنحطاط، يقوم الطبيب العام أو الطبيب النفسي في استبعاد الأسباب الفزيولوجية المسبّبة للإنحطاط، ومنها نقص الحديد، أو إضطرابات الغدة الدرقية… وينتقل لمعاينة الأسباب النفسية.

الإناث معرّضات أكثر من الرجال للشعور بالإنحطاط ويظهر ما بين سن الـ25 والـ45 عاماً. ويمكن أن تستمرّ أعراض الإنحطاط شهوراً وصولاً إلى عدّة سنوات ونتكلم هنا عن الإرهاق المزمن الذي يتحوّل إلى إكتئاب إذا لم يُعالجه المريض.

ويظهر الإنحطاط، على شكل أعراض شبيهة بالزكام (تعب جسدي، خمول،…) وبعد ذلك تظهر أعراضُه الأساسية وهي التالية:

أولاً، تعب شديد ومزمن يشعر به الشخص طوال الوقت، ولا يزول هذا التعب حتّى لو استسلم المريض إلى الراحة. وتجدر الإشارة إلى أنّ قيام المريض بأيِّ مجهود، يُشعره بتعب كبير.

ثانياً، آلام مفصلية في مختلف أجزاء الجسم. هذه الآلام تظهر وتختفي بدون أيِّ سبب ظاهر.

ثالثاً، إرتفاع حراري عند المريض دون وجود أيِّ سبب فزيولوجي لهذه الحرارة.

رابعاً، ضعف عضلي وألم مع نوبات من الصداع. هذه النوبات والآلام تتكرّر عند المريض.

خامساً، إضطرابات في النوم، وهذه من أهم أعراض الإنحطاط.

سادساً، العصبية وكثرة النسيان وعدم القدرة على التركيز والإحساس بالحزن وصولاً إلى الإكتئاب…

الإنحطاط وإضطراب النوم

من المعروف بأنّ قلّة النوم تؤدّي إلى تعب الجسم والشعور بإرهاق عابر. ولكن في حالة الإنحطاط، يتأثر نوم المريض بشكل مباشر ويتقلص عدد ساعات نومه، مع شعور دائم بالتعب حتّى بعد الإستيقاظ من النوم.

ويجب أن يراقب المريض نفسه ليعرف إذا كان يعاني من الإنحطاط أو من إضطرابات أخرى تؤثر على النوم، مثلاً، الإكتئاب الشتوي (أو الإكتئاب الفصلي)… كما أنّ تورّمَ الغدد اللمفاوية والصداع الشديد والإلتهابات في مختلف أجزاء الجسم، وبعض الأدوية… تؤثر على الإنسان وتجعله فريسة سهلة للإنحطاط.

مكافحة الانحطاط

عند الشعور بالانحطاط لأكثر من أسبوع، يجب التوجّه عند الطبيب لمعرفة سببه، أكان سبباً فزيولوجياً– مرضياً أو سبباً نفسياً.

إذا كان السبب فزيولوجياً، يقوم الطبيب بواجباته في مساعدة المريض على تخطّي الإضطراب الذي يشعر به. وإذا كان السبب نفسيّاً، يمكن أن يقوم المريض ببعض التعديلات في نمط حياته، ومنها:

-الإبتعاد عن كل المنبّهات في وقت العصر أو الليل. ومن هذه المنبّهات القهوة أو المشروبات الغازية الغنية بالسكر… فالكافيين يقلل عدد ساعات النوم ما يزيد حدّة الشعور بالإنحطاط. ويمكن إستبدال المشروبات المنبّهة أو الكحولية بالزهورات واليانسون…

-ممارسة الرياضة بشكل يومي، بدون إرهاق الجسم. ويمكن للشخص الذي يشعر بالإحباط أن يبدأ بممارسة الرياضة لعدة دقائق… ثم يزيد كل يوم وقت الممارسة حتى يصل إلى حوالى ثلاثين دقيقة يومياً.

-تناول الطعام الصحي والإبتعاد عن جميع الأطعمة الغنية بالدهون. ولا يجب أبداً تجاوز الوجبات الغذائية بل إحترام الوجبات الأساسية مع وجبتين صغيرتين مؤلّفتين من الفواكه.

-ممارسة المريض لنشاطات يحبّ القيام بها كالرقص والرسم وسماع الموسيقى…

-الإسترخاء من خلال تدليك طبّي مناسب والإستحمام بماء معتدلة الحرارة، وزيادة ساعات النوم لتعويض الساعات المفقودة خلال أيام الأسبوع.

-خلال وقت الإستراحة، لا يجب إستعمال الخلوي أو الحاسوب، ولا القيام بأيِّ نشاطات يومية أو أعمال روتينية، بل يجب الإسترخاء كل يوم في غرفة معتدلة الحرارة والإستلقاء على الأرض وعدم التفكير بمشكلات الحياة بل بموضوعات إيجابية.