كتبت ليا القزي في صحيفة “الأخبار”:
بعد إعلان موقفه من انتخاب نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، انتشرت أخبارٌ عن نيّة سيزار المعلوف الانسحاب من تكتل القوات اللبنانية، ولا سيّما بعد توجيه «ملاحظات» إليه بوجوب التنسيق مع الحزب قبل إعلان أي موقف. يؤكد المعلوف بقاءه في التكتل، ولكن مع حق التصرّف وفق ما يراه هو مناسباً
ما موقفك من سلاح حزب الله؟ «يجب مُناقشة الاستراتيجية الدفاعية من أجل حماية لبنان. ويجب العمل على تقوية الجيش اللبناني والدولة. ولكن، لا يُمكن أحداً أن يُطالب، في هذا الظرف، بأكثر من ذلك. فسلاح حزب الله، ملفّ بأبعاد إقليمية». ماذا عن تمثيله في الحكومة الجديدة؟ «هل يستطيع فريق ما أن يعترض على وجوده؟». هذا الموقف ليس لسياسي في فريق «8 آذار» السياسي، بل لعضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) سيزار المعلوف، الرجل الذي أعلن أنّه سيُصوت لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، بمعزلٍ عن موقف معراب. عدا عن الصداقة التي تربطه ببرّي، يتحدّث المعلوف عن أنّ «27 نائباً شيعياً يُريدون انتخاب برّي رئيساً للمجلس، ما بديل المُعترضين عليه؟». كذلك دعم المعلوف انتخاب الرئيس ميشال عون، وتكليف سعد الحريري رئاسة الحكومة، «لأنّ الأصيل يجب أن يُختار، وهو يُمثّل الأكثرية داخل طائفته». النظرية نفسها تنطبق على برّي.
نائب زحلة «يُميّز» نفسه باستقلاليته، وحريّة قراره السياسي. صديق حركة أمل وحزب الله والتيار العوني وتيار المستقبل، و و و… يُصرّ على أنّه «حليف القوات اللبنانية». يُكرّر ذلك لتأكيد أنّ «مصلحة زحلة والبقاع أهم من التكتل النيابي». أصلاً، كان المعلوف واضحاً مع رئيس «القوات» سمير جعجع، منذ البداية. هو الوحيد، من بين الذين تحالفت معهم القوات اللبنانية في الانتخابات، الذي لم يربطه بقيادة معراب اتفاق مكتوب. يُخبر المعلوف كيف زار جعجع، «وقال لي إنّ القوات في زحلة تملك حاصلاً وربع، والتحالف معي يؤمّن حاصلين». ردّ رجل الأعمال كان أنّه «تربطني علاقات جيّدة مع كلّ القوى، وإذا كان تحالفي معكم (القوات) سيؤثّر فيها، أُفضّل صداقاتي على المقعد النيابي». كان جعجع إيجابياً، «مُحترماً استقلاليتي، ولكن طلب فقط أنّ يبقى كلّ ما يحصل داخل التكتّل، على طاولة التكتّل». بناءً على ذلك، شبك ابن زحلة يده بيد ابن بشرّي، بعد أن تعذّر التحالف بين المعلوف والتيار الوطني الحرّ، برغم أنّ الرئيس عون كان قد أكّد للمعلوف التحالف الانتخابي معه. بالمناسبة، سيزار المعلوف «مع العهد. لا يُمكنني من موقعي الديني إلا أن أُسهم في تقوية رئيس الجمهورية، أكان ميشال عون أم غيره».
الاختبار الأول للتعاون بين المعلوف و«القوات»، كان بعد إعلان النائب موقفه من انتخاب برّي رئيساً للمجلس. تواصلت معه الأمينة العامة لـ«القوات» شانتال سركيس، طالبةً «بكلّ تهذيب، التنسيق مع قيادة الحزب قبل إعلان أي موقف». يقول المعلوف لـ«الأخبار» إنّه أبلغ سركيس «أنّني أتحرّك وفق ما أراه مُناسباً، فإما أن يكون هناك ثقة بيننا أو لا تكون». أما في الملفات الكُبرى، «فكلّ الأمور تُبحث على طاولة التكتل». ترافقت هذه «البلبلة» مع معلومات عن اتجاه المعلوف إلى الانسحاب من «تكتل الجمهورية القوية». ينفي ذلك، «فأنا باقٍ في التكتل، وسأصوت لأنيس نصّار لمنصب نائب رئيس مجلس النواب، على الرغم من صداقتي بإيلي الفرزلي».
يُفضّل المعلوف أن لا يخرج من تكتل «القوات»، لأنّ «الأكثرية في منطقتي مُرتاحة لهذا التحالف». أما إذا «لم تتقبلني القوات كما أنا، فسأعلن استقلاليتي وأغادر، من دون أن أذهب إلى تكتل آخر. طاولتي تكون بيتي في زحلة». يبدو هذا الكلام ردّاً على حديث الوزير جبران باسيل في زحلة، قبل أيّام من الانتخابات النيابية، حين قال، بما معناه، أنّه يأسف لعدم التحالف مع المعلوف، ويتمنّى الالتقاء معه بعد الانتخابات. كان هذا أحد الأسباب التي شكّلت «نقزة وحرمتني أصواتاً قواتية». الأمر الثاني الذي سبّب حجب أصواتٍ قواتية عن المعلوف، «انتشار أخبار عن توجّه حزب الله وأمل إلى التضحية بمقعد أنور جمعة، مقابل توزيع الأصوات بين ميريام سكاف ونقولا فتوش، للحفاظ على خصوصية زحلة الكاثوليكية». أربك ذلك القوات اللبنانية، «التي خافت على جورج عقيص، وأنا أتفهم ذلك، فاضطرت أن تأخذ من دربي قرابة 3000 صوت». النتيجة أنّ «القوات لم تمنحني أصواتاً تفضيلية»، أي إنّه فاز بقوته الذاتية. ولكنّه يشرح، قائلاً: «أنا ساعدت القوات لتأمين الحاصل الثاني، وجعجع أعطاني ثقته في أن أكون على لائحة تضمن لي حاصلاً». يستدرك ضاحكاً: «ربّما يجب أن أشكر باسيل على عدم التحالف».
يُصرّ المعلوف خلال حديثه على استقلاليته، وتشعّب علاقاته السياسية وصداقاته من أجل أن يُحقّق مشاريع إنمائية في زحلة. ولكنّه، في الوقت نفسه، يقبل أن يجلس على الطاولة نفسها مع الفريق الذي لا يُخفي انتماءه إلى محور السعودية ــــــ الإمارات. يسأل معلوف: «ماذا يمنع عقد صداقات إقليمية لمصلحة لبنان؟». لكنّ الوثائق المُسرّبة من السفارة الإماراتية لدى لبنان، تؤكّد الدور السلبي الذي أداه سمير جعجع خلال أزمة الحريري، بعد 4 تشرين الثاني الماضي. يردّ المعلوف بأنّ «العدو هما فقط: الإرهاب التكفيري والعدو الإسرائيلي»، خلاف ذلك «أنا مع العلاقات مع الدول الإقليمية التي للبنان مصلحة فيها». سوريا أيضاً؟ «التواصل مع سوريا ضروري، ولا سيّما بوجود ملفّ النازحين. كذلك هناك معاهدات مع سوريا وتبادل سفراء، ونحن مُقبلون على مرحلة إعادة إعمار دمشق. هل يُمكن أن يُعادي لبنان سوريا؟»، يسأل المعلوف… عضو كتلة القوات اللبنانية.