Site icon IMLebanon

“تكتل الأقوياء”: نعم لبرِّي…

كتب ملاك عقيل في صحيفة “الجمهورية”:

نبيه بري رئيساً لمجلس النواب لولاية سادسة. لم يشكّ أحد من القوى السياسية بهذه «المسلّمة» وأولهم خصومه. تدريجاً تبلورت مواقف الكتل النيابية وبوصلتها، بما في ذلك الشخصيات المستقلّة. بوانتاج الانتخاب يدلّ على تجاوز بري مجدداً عتبة المئة صوت خلافاً لمرحلتي 2005 و2009. العين رصدت خيارَ «التيار الوطني الحر» بعد سنوات من التوتر والخلاف والنزاع الذي لم ينتهِ مع رئيس المجلس. في نهاية المطاف موقفُ «القوات» يحسم خيار «تكتل الأقوياء»… حرّية التصويت لبري أو الورقة البيضاء!

بين إحترام مبدأ «التعامل بالمثل» واحترام مبدأ «الميثاقية» أنقذ خيار «القوات» بالتصويت بالورقة البيضاء لبري تكتل «لبنان القوي» من حالة «الضياع»، فكان القرارُ بترك الحرّية لأعضائه «حماية للميثاقية» ومنعاً «لاستهداف خيار شيعي كبير»!

لكنّ الأهمّ ما يمكن إستنتاجُه في ما لو قرّر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع منحَ أصوات كتلة الـ 15 نائباً لبري، عندها لكان باسيل أعلنها بالفم الملآن: حجب أصوات أكبر تكتل نيابي عن بري. وكان رئيس «التيار» صريحاً بأنّ خياراً لهذا «لم يكن ليهدّد الترشيح أو يؤذيه، بل على العكس هناك إعترافٌ به طالما أننا لا نصوّت لمرشح آخر»!

وبالتالي، تحوّل «البوانتاج» بين الكتل الكبرى وفرزها مع بري وضده «بوانتاجاً» داخل تكتل «لبنان القوي». يؤكد أحد نواب «التكتل» أنه «لو لم يستجدّ الموقف «القواتي» في الساعات الماضية، لكان «التكتل» متحرِّراً أكثر في موقفه، والأرجح كان ذهب بكامله نحو التصويت بورقة بيضاء لبري. لكنّ موقف معراب حمّلنا ضغطاً كبيراً ودفعنا الى استدراك ثغرة ميثاقية خطيرة. فـ «التيار» و»القوات» يمثلان اليوم 87% من الشارع المسيحي وستكون هناك سابقة كبيرة في الوقوف ضد خيار بغالبية شيعية ساحقة».

ويجزم النائب عينه «بأنّ المداولات وآراء الأعضاء داخل «الكتل» كشفت عن توجّه عام بالتصويت لبري من ضمن المساهمة في تشكيل شبكة أمان للمرحلة المقبلة حكومياً ونيابياً. وحتى خيار الورقة البيضاء لن يوظّف إلّا في إطار فتح صفحة جديدة والتعاون لحلّ الأزمات القائمة».

في مطلق الحالات، لا شيء يوحي أنّ سيناريو جلسة 25 حزيران 2009 سيتكرّر في جلسة 23 أيار 2018. قبل تسع سنوات، وتحت وطأة انقسامٍ سياسيٍّ عمودي بين «معسكرَين» كان لا يزال يرخي بظلاله على السلطات التشريعية والتنفيذية، إنتُخِب بري رئيساً لمجلس النواب لولاية خامسة من دورة الاقتراع الأولى، برصيد أصوات بلغ 90 صوتاً من أصل 128 نائباً صوّت منهم 127 في جلسة الانتخاب.

سجّل إسقاط 28 ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع، كانت لنواب «الكتائب» و»القوات» وبعض المستقلّين. حاز عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب عباس هاشم ونائب «المستقبل» غازي يوسف غير المرشّحين، على ثلاثة أصوات للأول وصوت واحد للثاني، وعضو كتلة «زحلة القلب» النائب عقاب صقر على صوت واحد، مع العلم أنه كان قد سحب ترشيحَه «الرمزي»، وصبري رشدي حمادة على صوت واحد إضافة الى ثلاث أوراق ملغاة!!

المفارقة «الرقمية» وحدها مَنَحت بري عدد الأصوات نفسها في جلسة إنتخابه لولاية رابعة في 28 حزيران 2005. نال 90 صوتاً من أصل 128 مقترعاً. 37 ورقة بيضاء وورقة واحدة لباسم السبع!

قبل العام 2005 تخطّت تسمية بري رئيساً لمجلس النواب عتبة المئة صوت «برياحة». إنتخابُه للمرة الأولى في هذا الموقع في 20 تشرين الاول 1992، بعد «تصحّر» نيابي دام 22 عاماً، منحه 105 أصوات من أصل 125 نائباً حضروا الجلسة. وفي ظلّ منافسة غير متكافئة حصل النائب محمد يوسف بيضون على 14 صوتاً. سُجّلت خمسة أوراق بيضاء، وورقة واحدة ملغاة.

في جلسة الولاية الثانية في تشرين الأول 1996 حاز برّي 122 صوتاً من 126ً، إضافة الى أربع أوراق بيضاء. أما في جلسة الانتخاب لولاية ثالثة في تشرين الاول 2000 فنال 124 صوتاً من أصل 126 نائباً، وورقتين بيضاوَين.

لكثير من الأسباب، ولسيرة الرجل التي تزخر بالأدوار الاستثنائية، ولإتقانه فنَّ دفع الآخرين الى التسليم بكونه «الثابت» والجميع متحوّل، لم يناقِش أحد في احتمال إيجاد منافس ولو «شكلي» لنبيه بري. السؤال تمحور فقط حول مدى اتّساع رقعة «الإجماع» عليه!

«حزب الله»، «حركة أمل»، سعد الحريري، وليد جنبلاط، سليمان فرنجية، الحزب القومي، الرئيس نجيب ميقاتي وحلفاؤه… كتل لا لبس في مواقفها حيال الرجل الشيعي الأول في التركيبة السلطوية. مع إنطلاق عهد جديد توجّهت الأنظارُ صوب تكتل «لبنان القوي»، في وقت يتّجه العدد الأكبر من المستقلّين في مجلس النواب الجديد للتصويت لبري، وسط ممانعة «بيضاء» من جانب «القوات» و»الكتائب»… مع العلم أنّ «التيار الوطني الحر» حجب أصواته عام 2005 عن بري، فيما صوّت معظم أعضاء تكتل «التغيير والإصلاح» لمصلحته عام 2009.