تساءلت أوساط سياسية في بيروت عن طبيعة الحلقة التي ستحيط بسعد الحريري الذي بات الآن رئيسا لحكومة مهمّتها تصريف الأعمال بعد انتهاء ولاية مجلس النواب السابق وبدء ولاية المجلس الجديد.
وأوضحت هذه الأوساط لصحيفة “العرب” اللندنية أن التساؤلات في شأن من سيكون في الحلقة الضيقة، التي ستكوّن فريق العمل لدى سعد الحريري باتت أمرا مشروعا في ضوء قبوله استقالة ابن عمته نادر الحريري.
وكان نادر مديرا لمكتبه وكان يهتمّ بكلّ صغيرة وكبيرة ويتحمّل أعباء كثيرة، بما في ذلك الإبقاء على قنوات الاتصال بين سعد الحريري والدول الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة.
كذلك، لاحظت هذه الأوساط أن سعد الحريري قرّر التخلي عن نهاد المشنوق وزير الداخلية في حكومته الحالية. وكان المشنوق يعتبر من ذوي الرأي في القرارات الكبيرة التي يتخذها زعيم تيّار المستقبل. ومن بين هذه القرارات على سبيل المثال قرار انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية في خريف العام 2016.
ويبدو أن الحريري بات متضايقا من المشنوق ومن رغبته في إيجاد حيثية خاصة به بدل أن يكون مثله مثل أيّ نائب أو وزير ينتمي إلى كتلة تيار المستقبل. ووجد من أجل تفادي تعيين المشنوق في موقع وزاري في الحكومة الجديدة صيغة فصل النيابة عن الوزارة.
وأشارت الأوساط نفسها إلى أن تغييرا طرأ على شخصية سعد الحريري وتصرّفاته بعد زيارته للرياض في الرابع من نوفمبر الماضي حيث اضطر إلى تقديم استقالته من رئاسة الحكومة، وهي استقالة ما لبث أن عاد عنها في بيروت. وقالت إن سعد الحريري بدا بعد عودته إلى بيروت من تلك الرحلة السعودية أشدّ ميلا إلى اتخاذ كلّ القرارات الكبيرة بنفسه.
وزاد هذا الميل في أعقاب نتائج الانتخابات النيابية التي شهدت نزول سعد الحريري إلى الشارع في مناطق مكشوفة أمنيا وذلك من أجل الحدّ من الخسائر. ونجح في ذلك إلى حدّ كبير في ظل حصار مالي يتعرّض له.
وقد تقلصت الكتلة النيابية للحريري إلى عشرين نائبا بعدما كانت تزيد على ثلاثين في المجلس السابق. واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نتائج الانتخابات مناسبة للتخلص من عدد كبير من مسؤولي تيار المستقبل في المناطق. ويعود ذلك إلى اعتقاده بأنّه كان في استطاعته زيادة نوابه إلى 25 في أقلّ تقدير لو لم يحصل تقصير.
وفي غياب أيّ إشارات إلى من سيحلّ مكان نادر الحريري كمدير لمكتبه ومن سيكون الوزير السنّي البارز الذي سيحلّ مكان المشنوق في الداخلية، لوحظ أن سعد الحريري يركّز حاليا على فريقه الاقتصادي الذي يبني عليه آمالا من أجل عدم انهيار الوضع الاقتصادي.
ومعروف أن لبنان يواجه في هذه الأيّام أزمة اقتصادية عميقة زاد من حدتها احتمال فرض الإدارة الأميركية مزيدا من العقوبات على حزب الله، وهو أمر سيؤثر على النظام المصرفي الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد اللبناني.
ومن المتوقع أن يبدأ رئيس الجمهورية، الخميس، موعد الاستشارات النيابية التي سيتقرر في ضوئها من سيكون رئيس الوزراء الجديد الذي سيكلف بتشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابية.
وتستبعد الأوساط السياسية تسمية الأكثرية النيابية لشخصية أخرى غير سعد الحريري، لكنّ ذلك لا يعني أنّ مهمة الرجل ستكون سهلة، خصوصا أن جهات عدّة، في مقدمها الإدارة الأميركية، هددت بأن لبنان لن يحصل على المساعدات التي تقررت في مؤتمر “سيدر”، الذي انعقد في باريس أخيرا، في حال تولي حزب الله حقيبة وزارية مهمّة على علاقة من قريب أو بعيد بصرف هذه المساعدات.