أعربت أوساط حزب القوات اللبنانية عن قلقها مما اعتبرته حملة ممنهجة ضدها يقودها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتحجيم إنجازها الانتخابي وعرقلة حصول الحزب على حصة وازنة في الحكومة المقبلة تتناسب مع ما حققه في الاستحقاق النيابي الذي جرى في 6 ايار الجاري.
واشارت الأوساط في حديث لصحيفة “العرب” اللندنية إلى أن باسيل يعول في ذلك على علاقته مع حزب الله وانفتاحه على تيار المستقبل، وقد بدت واضحة رغبته في فتح صفحة جديدة مع زعيم حركة أمل نبيه بري الذي سبق وأن وصفه خلال الحملة الانتخابية بـ”البلطجي”، كل ذلك يهدف أساسا إلى محاصرة القوات سياسيا.
وشهدت الفترة الأخيرة محاولات من قبل رئيس التيار الوطني الحر للتقارب من نبيه بري ترجمتها جملة من المواقف كان من بينها إعطاء نواب تكتل “لبنان القوي” حرية الاختيار في التصويت لصالح زعيم أمل في انتخابات رئاسة البرلمان التي فاز بها الأخير بـ98 صوتا مقابل 29 صوّتوا بالورقة البيضاء وبينهم حزب القوات اللبنانية، الذي أوضح أن قراره لا يستهدف بري في شخصه.
وذكرت مصادر أن عشرين من أصل 29 نائبا من تكتل “لبنان القوي” صوّتوا لفائدة نبيه بري مرجحة أن جبران باسيل أحدهم.
وأبدت أوساط في التيار الوطني الحر في السابق موقفا معارضا للتصويت لفائدة بري في رئاسة البرلمان، كردّ على موقفه من انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون، بيد أن الوضع، وفق مراقبين اختلف فباسيل يريد اليوم ترميم العلاقة مع زعيم حركة أمل -الحليف الاستراتيجي والثابت لحزب الله- لدعمه أو على الأقل إبقائه على الحياد في معركة الحصة المسيحية من الحقائب الوزارية.
وقبل أيام صنّف جبران باسيل رئيس حركة أمل ضمن خانة “الرؤساء الأقوياء” في تصريح أثار جدلا لجهة أن الأخير وخلال الحملة الانتخابية كسر كل قواعد اللياقة الدبلوماسية في هجومه على بري حين وصفه بالبلطجي و”بـ(أب) الفساد”.
وكان باسيل قد أرسل عقب إعلان نتائج الانتخابات وفدا نيابيا ترأسه إبراهيم كنعان للقاء نبيه بري لاحتواء تداعيات تصريحاته في الحملة الانتخابية وكسر الجليد بينهما.
وتقول الأوساط القواتية إن كل تحركات جبران باسيل في الفترة الأخيرة وبينها مغازلته لبري تصبّ في سياق مساعيه لضرب حزبها وتقزيمه في الحكومة المقبلة ولم لا حتى التفكير في استبعاده مع أن ذلك غير ممكن لجهة حرص الرؤساء الثلاثة على إشراك الجميع، لضمان انطلاقة قوية للعهد الجديد، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تتربص بلبنان.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن الزيارة التي قام بها الزعيم سمير جعجع مؤخرا إلى قصر بعبدا مع وفد من تكتل “الجمهورية القوية” ولقائه برئيس الجمهورية ميشال عون، كانت الغاية منها التأكيد على دعمه للعهد ورغبته في الحفاظ على اتفاق معراب لكن شريطة وضع حد للمنطق الإقصائي الذي ينتهجه صهره جبران باسيل ضد القوات، وتمكينها من حصة وازنة تتضمن حقيبة سيادية.
وقال رئيس القوات سمير جعجع في تصريحات صحافية الخميس إنه لمس حرصا لدى الرئيس عون على التمسك بتفاهم معراب أكثر من أي وقت مضى، وأنه لن يقبل بعزل القوات، كما لن يقبل بالافتئات على تمثيلها في الحكومة.
ويرى متابعون أن ميشال عون قادر على فرملة اندفاعة باسيل المستهدفة للقوات بيد أنه لا يمكن التكهن في مدى رغبته في تحقيق ذلك، لافتين إلى أن موقف رئيس المستقبل سعد الحريري سيكون مؤثرا لجهة الحضور القواتي في الحكومة المقبلة.
واستبعد جعجع “أن يكون الرئيس الحريري في وارد ترك الساحة لجماعة 8 آذار في الحكومة، وأن لديه كل الحرص على الخروج بحكومة متوازنة”.
وكان زعيم القوات أجرى الأسبوع الماضي زيارة إلى بيت الوسط للقاء الحريري، وتقول المعلومات إن هذه الزيارة نجحت في تحقيق اختراق على مستوى العلاقة بين الطرفين التي شهدت منذ أزمة استقالة الحريري أخذا وردا.
ويرى مراقبون أن الحريري أبدى استعدادا لانطلاقة جديدة على مستوى العلاقة مع الزعيم سمير جعجع بيد أنه في الآن ذاته متمسك بعلاقته مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.
ويبدأ سعد الحريري الاثنين المشاورات مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة التي يأمل في الانتهاء منه قبيل عيد الفطر، بيد أن ذلك يصطدم بمطبات كثيرة وبينها معركة التيار الوطني الحر مع القوات على حصة المسيحيين من الحقائب الوزارية.
ويقول خبراء إن المعركة التي أعلنها باسيل منذ مدة ضد القوات لا تنحصر في تحجيم منافسه على الساحة المسيحية في الحكومة المقبلة، بل أيضا لها أبعاد أعمق متصلة برئاسة الجمهورية.
وشكلت مضاعفة القوات لعدد نوابها من 8 إلى 15 نائبا ناقوس خطر بالنسبة لباسيل الذي يسعى إلى أن يكون خليفة عون على كرسي بعبدا. ويشير هؤلاء إلى أنه من الأسباب التي دفعت باسيل إلى الاستدارة صوب بري، إدراكه بأن الحصول على دعم حزب الله للرئاسة مرتبط بموقف زعيم حركة أمل.