كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يُجْري الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري استشاراته مع الكتل البرلمانية غداً الاثنين حيث يَستمع إلى مطالب كلٍّ منها على صعيد عدد الحقائب ونوعيّتها لتبدأ في ضوئها مرحلة التأليف «على الورقة والقلم» في ظل أجواء داخلية تشي بقرارٍ بالإسراع في ولادة الحكومة الثالثة برئاسة زعيم «تيار المستقبل» والثانية له في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وحتى قبل أن يسمع الحريري سلّة المطالب، يبدو واضحاً أن المصاعب التي سيوجهها في طريقه الى استيلاد الحكومة بحلول عيد الفطر المبارك، تتركّز على 3 مسارات سيجري العمل على تفكيك تعقيداتها:
واحدٌ على الصعيد الدرزي في ظلّ إصرار زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على حصْر تمثيل الطائفة (3 وزراء في حكومة من 30) بحزبه في مقابل رغبة تكتل «لبنان القوي» (برئاسة الوزير جبران باسيل) في دخول النائب طلال إرسلان الى الحكومة وهو ما برز باقتطاع عدد من نواب التكتل ليشكلوا كتلة يترأسها ارسلان، الذي تسود علاقته بجنبلاط توترات غير مسبوقة كانت انفجرت إبان الانتخابات الأخيرة. علماً أن حلّ هذه العقدة داخل البيت الدرزي لا يمكن أن يتمّ إلا بتراجُع جنبلاط عن موقفه، أو بإعطاء رئيس «التقدمي» وزيراً مسيحياً تعويضاً عن تمثيل ارسلان.
المسار الثاني يتّصل بتمثيل حلفاء «حزب الله» من الطوائف الأخرى وتحديداً في البيئة السنية، وسط انطباعٍ بأن الحزب الذي سيطالب بدخول هؤلاء عبر وزير الى الحكومة لن يكون في وارد خوض معركة لتمثيلهم أو التخلي عن وزير من حصته لمبادلته بأحدهم، في ظل قراره الكبير باقتسام كامل الحصة الشيعية (6 وزراء) بالتساوي مع حركة «أمل» بزعامة الرئيس نبيه بري.
أما المسار الثالث الذي يبدو الأكثر تعقيداً فيرتبط بالتمثيل المسيحي، في ضوء رفْع حزب «القوات اللبنانية»، الخارج من الانتخابات بكتلة من 15 نائباً (ضعف كتلته قبل الانتخابات)، عنوان وجوب أن يدخل الحكومة بما يتناسب مع حجمه الجديد داعياً إلى «ثنائية مسيحية» شبيهة بالثنائية الشيعية، أي على قاعدة اقتسام الحصة المسيحية في الحكومة بينه وبين «التيار الحر» الذي يعتبر أن ما حققته «القوات» في الاستحقاق النيابي لا يخوّلها زيادة حصتها عما كانت عليه في الحكومة المستقيلة (4 وزارات مع نائب رئيس الحكومة) بل يرى أن تمثيل الكتل وفق قاعدة لكل 4 نواب وزيراً لا يؤهل «القوات» إلا للحصول على 3 حقائب مع إعطائه اشارة الى رغبته في موقع نائب رئاسة الوزراء.
وفي حين أوحت الزيارة المفاجئة لرئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع للقصر الجمهوري ولقائه الرئيس عون إبان استشارات تكليف رئيس الحكومة بأن اختراقاً يمكن أن يتحقق على صعيد التمثيل المسيحي، فإن كلام الوزير باسيل أمس عَكَس مناخاً غير مشجّع بإعلانه أن «العزل» أصبح «خبرية» يتم اللجوء لها للاستعطاف وللاستحصال على زوائد سياسية، مضيفاً: «لا يوجد عزل ولا يوجد شي، في انّو كل واحد لازم يكتفي بحجم تمثيلو مش أكتر ورح يتمثّل، وما رح ينفعهم لا اتصالات واجتماعات ولا شكوى ونقّ بالداخل وأكيد ما لح يفيدهم الاستقواء بالخارج».
وفي موازاة ذلك، عزّز كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في إطلالته، عصر أول من أمس، الانطباع بأن الحزب يستعجل ولادة الحكومة، وذلك عبر تأكيده ان لا شروط مسبقة له على الرئيس الحريري وان الحزب لن يطلب حقيبة سيادية هي من حق حركة «أمل»، مع إعطائه في الوقت نفسه إشارة برسْم المرحلة المقبلة في ما خص مواجهة العقوبات الاميركية – الخليجية على «حزب الله» وقيادته، داعياً الحكومة المقبلة الى مواجهة مسار التضييق الخارجي على البيئة الحاضنة للحزب «لأن هذا مؤذٍ جداً» أما «إدراجي شخصياً وإخواني على لوائح الإرهاب فليس له أثر مالي أو مادي علينا»، حسب قول نصرالله.
وشكّل ملف تشكيل الحكومة بنداً رئيسياً في لقاء «الساعات الطويلة» الذي انعقد مساء الجمعة بين الرئيس بري ونصر الله، وخلص إلى إبداء الطرفين «تقييمهما الإيجابي لنتائج الانتخابات والمشاركة الشعبية الواسعة التي أكدت الالتزام بخيار المقاومة وبناء الدولة ومؤسساتها والمشروع السياسي الذي يحمله (حزب الله) و(حركة أمل) وحلفاؤهما. كما نظر الطرفان بارتياح كبير لانتخاب رئيس البرلمان وتكليف رئيس الحكومة آملين استكمال هذه الخطوات بتشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية موسعة تعكس التمثيل الصحيح».