Site icon IMLebanon

تنورين بعد الإنقلاب الكبير… مَن يملأ الفراغ؟

كتب الان سركيس في صحيفة “الجمهورية”:

تعيش تنورين ومنطقة البترون أجواء يشبّهها البعض بانتخابات عام 1996 وما بعدها من حيث القوى المتنافسة والمشهد السياسي العام.

لا شك أنّ الأجواء المرافقة لانتخاباتِ عام 2018 مغايرة تماماً لانتخابات عام 1996، ففي ذلك الحين تنافس النائب السابق بطرس حرب مع رئيس بلدية تنورين الحالي بهاء حرب، وفاز بطرس حرب وتربّع على عرش الزعامة حتى الإنتخابات الأخيرة.

وتبدو الأجواء في تنورين حذِرةً جداً بعد سقوط حرب المفاجئ، ونسبة الأصوات التي نالها في تنورين وبلدات الجرد.

ولا يمكن فصلُ واقع تنورين عن بقية بلدات الجرد المارونية الكبرى، فهذه البلدة أسقطت مَن كان زعيمها، وحجبت عنه القسمَ الأكبر من أصواتها، في حين أنه كان مرشّحَ بلدته الوحيد، ولم يكن للأحزاب أو القوى المنافسة أيُّ مرشّحٍ تنّوري، عكس الدورات السابقة.

وقد تكون الضربةُ الأكبر التي وُجِّهت للنائب السابق بطرس حرب هي من داخل عائلته التي تشكّل أكثرَ من نصف أصوات تنورين، إذ إنّه حصد نحو 2300 صوت، فيما نال كل من النائب فادي سعد نحو 1300 صوت، والنائب جبران باسيل 1700 صوت، وبالتالي فإنّ مجموع أصوات باسيل وسعد في تنورين تزيد أصوات إبن البلدة بنحو 700 صوت.

عواملُ عدّة ساهمت في تراجع النائب السابق بطرس حرب، أبرزها تشكّل جبهة من داخل عائلة حرب عملت ضدّه، من ثمّ تحالفه مع الحزب «السوري القومي الإجتماعي» والتي تركت ارتداداتٍ سلبيّة باعترافه، في حين أنّ تنورين هي «عرين» خطّ اليمين المسيحي اللبناني، وقلب الجبّة المارونية التاريخية الممتدة من جرود المنيطرة وصولاً الى بشرّي وإهدن.

ومن جهة ثانية، فإنّ الخلاف بين النائب السابق بطرس حرب ورئيس بلدية تنورين الحالي بهاء حرب ترك تردّداته في تنورين والجوار، خصوصاً أنّ انقلاباتٍ عدة حصلت بين بهاء وبطرس، ما وتّر الأجواء في تنورين وجعلها متشنّجةً طوال الفترة الماضية، ووصلت الأمور الى حدّ التخوين، وهذه اللهجة والمصطلحات بعيدة كل البعد عن النسيج الديموقراطي التنوري.

في 23 كانون الثاني 2017 روت «الجمهورية» في مقال تحت عنوان «الإنقلاب الكبير في تنورين» عن بذور خلاف بدأ يظهر بين رئيس البلدية والنائب حرب الذي يعتبر نفسَه فاز في البلدية، بينما اعتبر بهاء حرب أنّ البلدية للجميع وليست لفئةٍ سياسيّة دون أخرى ويجب أن يحكمها العملُ الشفاف بعيداً من منطق المحاصصة والاستئثار. فكان الانقلابُ الأوّل، حيث فتح رئيس البلدية علاقات مع «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» اللذين كانا خصمَيه في المعركة البلدية ما أثار غضبَ النائب حرب الذي خرجت البلدية عن سيطرته.

أما الانقلاب الثاني، فأتى بعد خلاف بين رئيس البلدية ورئيس لجنة محمية أرز تنورين الطبيعية نعمة حرب المحسوب على النائب حرب، وبعد أخذٍ وردّ وشكاوى لدى وزارة البيئة تمّ انتخابُ رئيس البلدية بهاء حرب رئيساً للجنة المحميّة، فكان الانقلاب الثاني.

أما الانقلابُ الثالث الكبير فكان في فترة الانتخابات النيابية، حيث فشلت كل محاولات جمع بطرس وبهاء حرب من قبل الأصدقاء ما دفع رئيسَ البلدية الى اتّخاذ موقف جريء متبنّياً معركة إسقاط بطرس حرب ومؤيّداً مرشح «القوات اللبنانية» فادي سعد. واستعمل كل رصيده لهذا الهدف خصوصاً أنه اعتبر أنّ باسيل ناجحٌ في النيابة، وأنّ المعركة هي بين حرب وسعد، فنزل رئيسُ بلدية تنورين الى المعركة مع فعاليات تنورين وحصل مرشح «القوات» على 1300 صوت في تنورين بينما حصل حرب على 2300 صوت وهذه كانت ضربة قوية للنائب بطرس حرب، فاستعادت تنورين مشهد 1996 لكنّ النتيجة معاكسة: بهاء حرب لم يفز بالنيابة، لكنّ خصمه التاريخي وحليفه الموقت في البلدية بطرس حرب قد فشل في الوصول الى البرلمان بعدما دخله عام 1972.

أما الانقلاب الرابع الذي يعمل عليه رئيس البلدية بعد سقوط حرب فهو ملء الفراغ وعدم ترك الساحة التنورية فارغة وتأمين الخدمات للمواطنين.

وتؤكّد معلومات لـ«الجمهورية» أنّ رئيس البلدية بدأ بتشكيل فريق عمل لخدمة المواطنين ويقوم باتّصالاتٍ مع فاعليات تنورين لتشكيل هيئة تحت عنوان «تنورين في المرحلة المقبلة» وربما يترأسها إذا دعت الحاجة ويتصل بالأحزاب والتيارات لوضع خطة إنمائية للمنطقة، وسيُثبت واقعَه في المرحلة المقبلة ضد النائب السابق حرب أو مَن سيرثه سياسياً بالتعاون مع كل العائلات.

لذلك يُطرح السؤال بعد الانقلاب الأول في البلدية، والثاني في المحمية والثالث في النيابة، هل سيكون الانقلابُ الرابع قريباً وينجح، ويفوز بهاء حرب بالزعامة، أو أنّ بطرس حرب سيلتقط أنفاسَه ويبدأ هجوماً مضاداً؟ علماً أنّ الأخير خسر القسمَ الأكبر من مفاتيحه الإنتخابية بعدما إنتخب عددٌ لا يُستهان به من مخاتير تنورين وأعضاء البلدية الحاليين والسابقين ضدّه، وهؤلاء كانوا يُعتبرون بـ«الجيبة».