Site icon IMLebanon

الحريري يسير “بين الألغام” ويسعى إلى “النَفاذ” بحكومةِ “الهبوط الناعم”

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

انطلقَ في بيروت قطارُ تشكيل الحكومة الجديدة الذي يُراوِح بين حَدّيْ الإسراع في التأليف وعدم التسرُّع والذي يُسابِقُ سكّةً إقليمية “مفخّخةً” بألغام عدّة، بعض صواعقها موصولةٌ بـ“الحقل اللبناني” ولا سيما المواجهة الآخذة في التصاعُد على مستويات عدّة بين الولايات المتحدة ودول الخليج وبين إيران والتي تشكّل العقوبات الجديدة كما “الموعودة” على “حزب الله” وقيادته و”كتائبه السياسية” أحد جبهاتها، ناهيك عن قواعد الاشتباك غير المسبوقة التي ترسيها إسرائيل من ضمن هدفها المركزي الرامي إلى منْع “الوجود الاستراتيجي” لإيران في سوريا وفي الوقت نفسه الحؤول دون نقل أسلحة كاسرة للتوازن إلى “حزب الله” في لبنان أو إنتاج مثل هذه الأسلحة في “بلاد الأرز”.

وفي ظلّ هذا المَسْرح الخارجي البالغ التعقيد، يسعى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى “النَفاذ” عبر “بوليصة التأمين” المحلية التي توفّرها تسويةُ “الصمودِ” أمام اختلال الموازين الإقليمية التي كانت أنهتْ الفراغ الرئاسي في تشرين الأول 2016، كما من خلال نتائج الانتخابات النيابية التي ارتاح لها “حزب الله”، وذلك لاستيلاد حكومةٍ تكون بمثابة “الهبوط الناعم” للواقع اللبناني بتحوّلاته غير القليلة بما يمدّد “فترة السماح” الداخلية ريثما تمرّ “العواصف” الخارجية أو للحدّ من أضرارها ما أمكن بحال وُضع لبنان “في عيْنها”.

وغداة أخْذ الرئيس المكلف العِلم بمطالب الكتل البرلمانية كافة المتصلة بالحكومة الجديدة والتي ظهّرتْ التعقيدات المعروفة الـ“ما تحت استراتيجية” كما تلك المرتبطة برغبة “حزب الله” في ترجمة “اختراقاته” الطوائف الأخرى ولا سيما البيت السني داخل الحكومة من ضمن مسار القضم المتدرّج للتوزانات و”الانقلاب الناعم” الذي يقوم به، كانت الأنظار مشدودة إلى زيارة الحريري للقصر الجمهوري لوضع الرئيس ميشال عون في أجواء المشاورات غير المُلْزمة التي أجراها يوم الاثنين، وهي الزيارة التي ستعطي صفارة انطلاق العمل الفعلي لاستيلاد حكومة الوحدة الوطنية بعد تحديد حجمها وقاعدة المشاركة فيها وتوزيع الحقائب.

ويبدو الحريري في مهمّته لتشكيل حكومةٍ يجري التعاطي معها على أنها يمكن أن “تعمّر” حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة بعد 4 سنوات، ساعياً إلى تفادي جعْل هدف الإسراع في التأليف، الذي يريده الجميع لاعتبارات عدة داخلية وخارجية، عنواناً لـ“كمائن” سياسية يُراد أن تُنصب لبعض الأطراف الوازنة تحت ستار الصراعات التي انفجرتْ إبان الانتخابات وبعدها كما حصل في البيت المسيحي بين “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، بمعنى أن يُستخدم شعار “العجَلة أولاً” لدفْع “القوات” خارج الحكومة عبر إحراجها بتحديدِ “التيار الحر” حصة وزارية لها لا تتناسب مع حجمها النيابي ولا مع روحية ما تقول “القوات” انها شراكة بالتساوي اتُفق عليها مع “التيار” قبل التسوية الرئاسية.

وفي رأي أوساط سياسية أن الحريري، الذي استعاد علاقته مع “القوات” بعد توتّر كبير رافق أزمة استقالته في تشرين الثاني الماضي، لا يمكن أن يدخل الحكومة “مكشوفاً” سياسياً وبلا “سنَد” من نفس “الخطّ” الذي يعبّر عنه استراتيجياً، لأن هذا سيقدّم “صورة نافرة” عن اختلال التوازنات الداخلية ستترك تداعيات بالغة السلبية على المستوى الخارجي، معتبرة أن رئيس الحكومة الذي يواجه أيضاً محاولة من “حزب الله” للدخول بقوة على الملفات الداخلية ولا سيما الاقتصادية كما للإمساك بثلث معطّل صافٍ (بلا تكتل “لبنان القوي” أي “التيار الحر” وحلفائه) سيسعى الى الاحتفاظ بمكامن قوة في حكومته العتيدة توجّه رسالة إيجابية تجاه الخارج، وفي الوقت نفسه الحدّ ما أمكن من أي جنوح لتكريس توازناتٍ تعكس الدور المتقّدم لـ“حزب الله” وحلفائه في الواقع اللبناني.

وفي موازاة ذلك، اتجهت الأنظار الى باريس حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبحث معه في ملفات عدة ذات صلة بالعلاقة التاريخية مع فرنسا اضافة الى موضوع النازحين السوريين ودور باريس في معالجة هذا الملف، وسط معلومات عن أن ثمة تطابُقاً في الراية حيال هذه القضية بين رأس الكنيسة المارونية والرئيس عون الذي سيخوض مع ولادة الحكومة الجديدة معركة “العودة الآمنة” للنازحين. علماً ان وزير الخارجية جبران باسيل كان وجّه قبل أيام رسالة إلى نظيره السوري وليد المعلم حذّر فيها من تداعيات للقانون رقم 10 الذي صدر في سوريا “قد تحرم النازحين من أحد الحوافز الرئيسة لعودتهم إلى سوريا”.