كتب إريك شميت في “الجمهورية”:
كما تمّ إنعاش المهمّة ضد تنظيم الدولة الإسلامية من خلال زيادة عدد المغاوير الفرنسيين، ووصول الطائرات المقاتلة التابعة للقوة البحرية، وإجراء بعض عمليات التجسّس السرية من قبل جواسيس عراقيين.
لكنّ أفضل القادة الأكراد السوريين، أي الحليف الأكثر فعالية في ميدان المعركة، هم من واجهوا المقاتلين المتمرّدين وهم يحاولون استرداد بعض الأراضي التي كانوا قد فقدوها ويجدّدون حروب عصابات من مخابئ في جميع أنحاء البلد.
ولكن لا يزال الزخم الجديد معرّضاً للخطر بسبب تهديد الرئيس دونالد ترامب المتقلّب بسحب 2000 جندي أميركي في سوريا، بما في ذلك المئات من مستشاري العمليات الخاصة والكوماندوس. وقال مسؤولون في إدارة ترامب إنّ وزير الدفاع جيمس ماتيس وكبار قادة الولايات المتحدة قد مُنحوا ستّة أشهر على الأقل للقضاء على الدولة الإسلامية في شرق سوريا.
وقال سيث جونز، مدير مشروع التهديدات العابرة للحدود الوطنية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «لقد انتقلت الدولة الإسلامية الآن إلى عمليات حرب عصابات، ممّا يزيد من احتمال استمرار عملها في شرق سوريا وغرب العراق لسنوات».
كما لفت مسؤولون أميركيون وغربيون في الاستخبارات ومكافحة الإرهاب إلى أنّ هزيمة الدولة الإسلامية على الأرض في سوريا والعراق، والحرب الخفيّة المتنامية ضد فروع الجماعة في غرب إفريقيا وصولاً إلى أفغانستان، قد فشلت في تحطيم قدرتها على حشد أتباع عالميين أقوياء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول جوشوا جيلتزر، وهو المدير السابق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن الوطني الأميركي في إدارة أوباما، أثناء إدلائه بشهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي: «إنّ رسائل داعش على الإنترنت لها مواضيع متعدّدة، فإذا كانت الخسائر في الميدان تُجبر المجموعة على الابتعاد عن الرسائل التي تركّز على سيطرة داعش على الأراضي، يمكن لداعش أن يُمحور رسائله حول ادّعائه بكونه الضحية».
ومنذ سقوط الرقة، عاصمة الدولة الإسلامية المزعومة، في أواخر العام الماضي، إعتمدت الطائرات الحربية الحليفة بشكل أساسي على الميليشيات الكردية السورية لقتل المتمردين المتبقّين أو إخراجهم من مخابئهم ومواقع القتال المحصّنة أو تحديد مواقعهم بدقّة، الأمر الذي أمّن أهدافاً للطائرات القاذفات الحليفة.
لكنّ المقاتلين في الميليشيات وقادَتهم كانوا قد بدأوا بمغادرة شرق سوريا في أواخر كانون الثاني، للدفاع عن الأكراد الآخرين في شمال غرب البلاد من الهجمات التركية.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية التي يقودها الأكراد الدعامة الأساسية في توجيه الدولة الإسلامية من الرقّة، وفي ملاحقة المتمرّدين الفارّين من الجنوب على طول وادي نهر الفرات إلى الحدود العراقية. فمن دونهم، عانت الميليشيات العربية السورية المتبقّية والأقل قدرة في عملية احتواء بضع مئات من المقاتلين الذين تُركوا في الجَيبين الرئيسيين.
وقال النائب والجنرال المتقاعد من القوات الجوية الذي خدم في العراق، دون بيكون، في جلسة للجنة مجلس النواب للأمن الداخلي: «حتى لو قضينا على هذين العقارين، سيبقى التهديد موجوداً. هم يستطيعون إعادة فرض أنفسهم في أي لحظة».
وبدأت هذه المواجهة تتغيّر بعد أن أعلنت قوات سوريا الديموقراطية عن هجوم بري جديد في 1 أيار».
وقال مسؤولون عسكريون إنّ الميليشيات السورية الحليفة، التي تدعمها القوات الجوية بقيادة الولايات المتّحدة في الاسابيع الثلاثة الماضية، قد مَحت مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية بالقرب من الحدود العراقية السورية. وذكروا أنّ الطائرات الحربية الاميركية هاجمت ملاجئ ومراكز قيادة تابعة للدولة الاسلامية، كما قتلت عملاء ودمّرت المباني والمعدّات وعطّلت طرق الامداد.
في الوقت الحالي، أعلنت القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا يوم الخميس الفائت اعتقال الجهادي الفرنسي آدريان غيهال، المعروف بالصوت الذي تبنّى هجمات فرنسا عام 2016 التي نفذتها الدولة الإسلامية.
وكان القتال شرساً في رقعة طولها 15 كلم من وادي نهر الفرات. وقال شيركو هاسكي، وهو قائد كردي مسؤول عن العملية البرية، في مقابلة على الـ«واتسآب»: «داعش يستخدم المدنيين كدروع بشرية ويمنعهم من المغادرة، لذا كان من الصعب علينا استدعاء غارات التحالف الجوية».
إنّ توقيت الحملة المتجدّدة يرتهن بالعديد من العوامل، ومن ضمنها شعور متزايد بالإلحاح في أنّ المعركة تواجه عرقلة في وقت مهمّ في ميدان المعركة، وفي الوقت الذي انفجر غضب ترامب تجاه التدخّلات العسكرية الأميركية في سوريا.وفي شهادة أمام مجلس الشيوخ الشهر الماضي، كشف ماتيس عن الهجوم المرتقب الذي يتضمّن السوريين الأكراد والعرب والعراقيين وحلفاء غربيين آخرين.
وقال ماتيس للجنة الخدمات المسلّحة في 26 نيسان: «سترون مجهوداً أُعيد تنشيطه، سترون عمليات متزايدة في الجانب العراقي من الحدود. وقد دعمَنا الفرنسيون للتو في سوريا بقوات خاصّة في الأسبوعين الأخيرين».
وتأتي هذه التكتيكات المتغيّرة في وقت تمكّنت الدولة الإسلامية من استعادة بعض الأراضي، لا سيّما في غرب نهر الفرات، في منطقة يسيطر عليها الجيش السوري ورعاته العسكريون الروس. وأجرى مقاتلو داعش المزيد من الهجمات على الجانب الغربي من الفرات ضدّ قوات متحالفة مع حكومة الرئيس بشار الأسد، بحسب ما قاله محلّلون أميركيون وآخرون غربيون.