اعلنت مصادر وزارية لـ «الحياة» إن الموقف الدولي من «حزب الله» ودوره في لبنان عاد إلى الواجهة على رغم أن الأطراف الخارجية كافة تسلم بأن العقوبات الأميركية والخليجية ضده لا تعني استبعاده عن الحكومة الجديدة، كونه يشكل جزءاً من النسيج الاجتماعي والسياسي اللبناني، ونظراً إلى القوة التمثيلية التي حصل عليها في الانتخابات النيابية.
وذكرت هذه المصادر أن الزاوية التي عاد منها عنوان دور الحزب في لبنان هي الحديث الأميركي عن إجراء مراجعة سواء في الخارجية الأميركية أو في الكونغرس الأميركي لمسألة المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، على رغم تكرار المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان، لا سيما قادة الجيش الأميركي، التزام بلادهم مواصلة دعم الجيش بالسلاح والعتاد. ولفتت المصادر إلى أن موقف وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في هذا الخصوص لم يتأثر إلى الآن بأي حديث عن مراجعة المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، بل على العكس هي مستمرة من دون أي إشارة إلى نية تقليصها أو إعادة النظر فيها.
وكان حديث وزير الخارجية مايك بومبيو، وبعض النواب الجمهوريين في الكونغرس، عن «مراجعة للمساعدات» جاء في إطار التقويم السياسي لنتائج الانتخابات النيابية الذي يفترض أن الحزب عزز قدرته على الإمساك بالقرار السياسي اللبناني عبر تحالفه مع حلفائه التقليدين ومع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و «التيار الوطني الحر»، مقابل تقويم آخر بأن تعزيز الحزب وجوده في البرلمان لا يعني حصوله على الأكثرية التي تحتاج إلى تحالف 3 كتل نيابية كبرى لتحقيق ذلك. وهذا يرتبط بالمواضيع التي تطرح على البرلمان.
وفي الانتظار لا تستبعد مصادر سياسية متابعة للموقف الأميركي أن يكون حديث المراجعة هذا يتوخى إحداث ضغط استباقي من أجل فرملة أي تساهل من السلطات اللبنانية مع مطالب الحزب في السلطة وفي الحقائب التي يريد الحصول عليها في الحكومة الجديدة، في ظل الحملة المتصاعدة ضد دور إيران والحزب على الصعيد الإقليمي، لكن الأمر يبقى في إطار التكهنات حول الغرض من ورائه.
إلا أن المصادر الوزارية تلخص لـ «الحياة» الموقف الغربي، لا سيما الأميركي بالقول إن مشاركة الحزب في الحكومة لا بد أن يقابلها ثمن ما، ولا يمكن أن تمر من دون أن تبذل السلطات اللبنانية جهودا من أجل توسيع مساحة سيطرتها على حساب استقلالية سلاح الحزب المنتشر من جهة، ومن دون أن تتعزز سياسة النأي بالنفس عن التدخل في حروب الدول العربية أو في شؤون داخلية لبعض هذه الدول. فالجانب الأميركي يعتقد أنه لا يجوز أن يكون الحزب شريكاً في الحكومة ويمارس عبر سلاحه سياسة مستقلة عنها ومنفصلة عن توجهاتها ومناقضة لمصالح الدولة.
وإذ تقر المصادر بأن كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أنه «لو اجتمع العالم كلّه ليفرض علينا الخروج من سورية لن نخرج إلا إذا طلبت الحكومة السورية منا»… لا يخدم هذا التوجه ويقوض مبدأ النأي بالنفس، فإنها ترى أن الهدف الذي سبق للرئيس عون ولرئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق أن وضعوه للحكومة المقبلة، بوجوب مناقشة الاستراتيجيا الدفاعية لمعالجة مسألة استقلالية سلاح الحزب عن الدولة، سيواجه صعوبة في ظل سياسة الحزب على رغم أن نصر الله كان أبدى الاستعداد لمناقشة هذه الأستراتيجيا.
ويسأل عدد من الأوساط السياسية عما إذا كان الإعلان عن نية مناقشة هذه الاستراتيجيا هو رفع للعتب من دون الوصول إلى نتيجة. وتقول مصادر ديبلوماسية دولية لـ «الحياة» إنه من الطبيعي أن يأخذ طرح هذه الاستراتيجيا على بساط البحث وقتاً قبل التوصل إلى نتائج عملية، نظراً إلى أنه لا بد من تبلور أفكار لبنانية وظرف إقليمي مساعد بسبب ارتباط الحزب بالسياسة الإيرانية. ولكنها ترى أنه على رغم ذلك فإنه لا بد من مباشرة هذا النقاش اللبناني الداخلي، إذ إن على لبنان أن يثبت أنه يعمل من أجل الحد من وجود السلاح خارج سلطة الشرعية، بحيث لا تتكرس شرعية هذا السلاح في موازاة سلاح الدولة اللبنانية.
وتشير مصادر ديبلوماسية أخرى معنية بمتابعة الاتصالات الجارية من أجل التوصل إلى حلول للخلاف بين لبنان وإسرائيل على الحدود البرية والبحرية، إلى أنه يجب النظر إلى الجهد الدولي الذي يبذل في هذا السياق على أنه يهدف إلى تعزيز استقرار لبنان والحؤول دون أي عامل يقوض هذا الاستقرار في حال تطور النزاع على الحدود، لا سيما عند بدء التنقيب عن النفط والغاز في البلوك 9 من المياه البحرية.
وأوضح أكثر من مصدر غربي معني بهذه الاتصالات أن كل ما يقال عن نتائج الوساطة الأميركية الدولية بين الجانبين، بحكم مشاركة الأمم المتحدة عن طريق «يونيفيل» في المفاوضات الجارية، هو من باب التكهنات أو الاستهلاك اللبناني المحلي، لأن هذه الاتصالات تجري بسرية تامة، وهذا كان شرطاً رئيساً للمضي فيها منذ بدء نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق السفير ديفيد ساترفيلد وساطته في شباط (فبراير) الماضي. وعززت مصادر دولية أخرى هذا الانطباع بالقول لـ «الحياة» إن سرية المفاوضات اقترنت بمبدأ فصل البحث بالحدود البرية عن الحدود البحرية، وإن التطورات في هذا المجال، والتي أوجبت اجتماع الرؤساء الثلاثة عون والحريري نبيه بري الإثنين الماضي كانت تتعلق بنتائج تم التوصل إليها على صعيد الحدود البرية.
ومع ســــرية ما جرى التوصل إليه، قالت المصادر إنه خلال السنة الماضية جرى اتفاق على حل الخلاف حول 8 نقاط بريـــة من أصل ال13 النقطة التي طالب لبنان بتصحيح على الخط الأزرق، بحيث تأتي مطابقة لخط الحدود المرسوم في اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 بين لبنان وإسرائيل. وأكدت المصادر أنه جرى الأخذ بمطالب لبنان كاملة في هذه النقاط بعدما تبيـــن لقوات الأمم المتحدة أنه على حق في إصراره على هذا التصحيح. وفيما أشارت معلومات إلى أنه جرى في الآونة الأخيرة تصحيح نقطتين إضافيتين، ذكرت المصادر لـ «الحياة» أن الجانب الإسرائيلي عرض ترسيماً للحدود على النقـــاط الثلاث المختلف عليها، يقضي بأن يأخذ جزءاً مــن مساحة الأراضي التي يعتبر لبنان أنها تعود إلى سيادته لأسباب تتعلق بالأمن الإسرائيلي، على أن تتخلى إسرائيل عن مساحة أكبر منها في نقاط أخرى بحيث يكسب زيادة في المساحة عما كانت لديه وفق خط الترسيم الذي كان يطالب به.
وقالت المصادر إن العرض الأخير يقوم على هذه المبادلة، ما أوجب لقاء الرؤساء الثلاثة لبتّ الأمر.