كتبت بولا اسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
في أول تعليق له على نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية، عدّ قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني أن «حزب الله» ولأول مرة فاز بـ74 مقعدا من أصل 128 مقعدا في البرلمان اللبناني، لافتا إلى أنه «وبهذه النتيجة يكون (حزب الله) تحول من حزب مقاومة إلى حكومة مقاومة في لبنان». ويكون سليماني بذلك قد أدرج نواب تكتل «لبنان القوي» المحسوب على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبالغ عددهم 29 نائبا في خانة نواب «حزب الله»، علما بأن كتلة الحزب «الصافية» تبلغ 13 نائبا فيما يبلغ عدد نواب «حركة أمل» 17.
ونقلت وكالة «مهر» للأنباء عن سليماني قوله إن الانتخابات النيابية في لبنان كانت عبارة عن استطلاع، لافتا إلى أنه «عند إجراء هذه الانتخابات كان الجميع يتهم (حزب الله) بالتدخل في شؤون سوريا ولبنان والعراق واليمن»، وأضاف: «وصفوا كل مناصري (حزب الله)، وإن كانوا من أهل السنّة وغيرهم، بـ(عملاء إيران)، إلا أن هذه الانتخابات لم تتأثر بهذه الظروف وبمائتي مليون دولار تم إنفاقها خلال الانتخابات».
ورد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على تصريحات سليماني فعدّ بعد لقائه رئيس الجمهورية، أمس، أنه «من المؤسف أن يتم الحديث بهذا المنطق من دولة كان بودنا أن تكون بيننا علاقات من دولة لدولة». وأضاف: «إذا خسر البعض في العراق، فهذا لا يعني أن يعوض عن خسارته في مكان آخر».
كذلك رد أحد القياديين العونيين وهو نائب في تكتل «لبنان القوي» على سليماني، مؤكدا أن التكتل الذي ينتمي إليه وسطي، ليس مع فريق ضد آخر. وقال: «نحن نتعاطى حسب الملفات؛ فمثلا هناك ملفات اقتصادية نتلاقى فيها مع (المستقبل)، كما أن هناك خيارات وطنية نتلاقى فيها مع (حزب الله)». وأضاف: «كذلك نتلاقى مع (القوات اللبنانية) على وجوب استرجاع الدور والحضور المسيحي كما على ملفات أخرى». ورفض القيادي وصف التكتل بـ«بيضة القبان» وهو التوصيف الذي كان يُعتمد لكتلة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في المرحلة السابقة، وقال: «لا يمكن أن نكون كذلك، لأنه يعني الوقوف مع فريق لتغليبه على الآخر، ونحن بالعكس تماما كتلة الوسط الضامنة للجميع والتي تحفظ حقوق الجميع».
ولا يعني الوجود في الوسط، بحسب القيادي، الخلاف مع «حزب الله»، «باعتبار أننا سنكون إلى جانبه عندما يكون مستهدفا ومطلوبا رأسه تماما كما إلى جانب (المستقبل) إذا كانت هناك أي مؤامرة عليه، وهاتان حادثتان حصلتا فعلا ووقفنا فيهما إلى جانب (الحزب) و(المستقبل)». وأضاف: «كذلك سنكون إلى جانب (القوات) إذا كان هناك من يريد عزلهم». وأردف قائلا: «نحن نتعاطى مع كل فريق يضعنا في خانة ما، على أن ذلك شأن خاص به، لأن المهم حيث نحن نكون ونريد أن نكون»، مشددا على أن هناك «استقلالية تامة لـ(التكتل)، قرارنا يعود لنا، ومرتبط حصرا بالمصلحة الوطنية العليا».
ولطالما صُنف «التيار الوطني الحر» منذ انتخابات 2009 على أنه جزء من فريق «8» الذي كان بوقتها في مواجهة مع فريق «14»، لكنه كان يرفض هذا التصنيف ويسعى للتمايز عن «الثنائي الشيعي» وحلفائه وإن كان في صف واحد معه في معظم الاستحقاقات والمواجهات السياسية التي شهدتها البلاد بوقتها. ويختلف المشهد السياسي اليوم باعتبار أن «التيار الوطني الحر» يبدو في المرحلة الحالية أقرب من أي وقت مضى من تيار «المستقبل»، وإن كان متمسكا في الوقت عينه بتحالفه السياسي المستمر مع «حزب الله» منذ عام 2006.
ويُعد تكتل «لبنان القوي»، الذي يشكل «التيار الوطني الحر» عموده الفقري، التكتل النيابي الأكبر حاليا في المجلس النيابي الجديد، ويبلغ عدد نوابه 29؛ بينهم 18 نائبا يحملون بطاقات حزبية، فيما يبلغ عدد نواب «الثنائي الشيعي»؛ أي نواب «حزب الله» و«أمل»، 30. ويشير الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين إلى أن عدد النواب الذين يمكن تصنيفهم تابعين مباشرة للحزب هو 43، وهو العدد الذي كان يطمح إليه باعتباره «الثلث المعطل»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إصرار سليماني على الحديث عن 74 نائبا، رمزي لا أكثر ولا أقل».