كتب شادي عواد في صحيفة “الجمهورية”:
توفر تطبيقات الدردشة سهولة غير مسبوقة للتواصل بين الأشخاص أينما كانوا حول العالم، حتى أصبحت من الوسائل الرئيسية للتواصل ليس فقط على الصعيد الشخصي، بل أيضاً في قطاع الأعمال.
السرعة والسهولة في إرسال الرسائل كي تصل إلى المرسل إليه، تعتبر من أهم العوامل التي تحدد الطريقة التي نعتمدها للتواصل الشخصي أو في قطاع الأعمال. وهذه الميزة هي أساس تطبيقات الدردشة، وساهمت في انتشارها بطريقة هائلة وأصبحت موجودة على كل هاتف وجهاز ذكي. في المقابل إنّ ما كان يحدّ من سيطرة هذه التطبيقات في عالم التواصل على حساب البريد الإلكتروني هو عدم دعمها إرسال جميع أنواع الملفات مثل البريد الإلكتروني، وعدم اعتمادها كدليل رسمي بحسب القوانين المرعية الإجراء. بالإضاقة الى ذلك إنّ تغيير رقم الهاتف يمكنه أن يغيّر أيضاً عنوان المستخدم الإلكتروني، ما يحدّ أيضاً من اعتماد تطبيقات الدردشة في قطاع الأعمال.
تغيير جذري
عملت غالبية تطبيقات الدردشة، ومنها واتساب، على تطوير برامج المحادثة لتتمكن من توفير مزايا البريد الإلكتروني نفسها، مثل إمكانية إرسال رسالة إلى عدة متلقّين في وقت واحد وإرسال رسالة تتضمن نصاً صوتياً أو فيديو والصوَر والخرائط. لكن على رغم ذلك، بقيت تطبيقات الدردشة تفتقر الى دعم العديد من أنواع الملفات، الى أن بدأت الشركات المطورة لتطبيقات الدردشة دعم جميع أنواع الملفات مثل «PDF» أو الملفات النصية بصيغة «office» والملفات المضغوطة بصيغة «zip» أو حتى ملفات «apk» الخاصة ببرمجة التطبيقات.
وفي السياق عينه، ووفقاً للعديد من التقارير، بدأت الفرق المطورة للتطبيقات في جميع الشركات العمل على تحديثات تدعم صيغ ملفات جديدة، يمكن تبادلها ومشاركتها من خلال التطبيقات بسهولة متناهية وعلى زيادة حجم الملف الذي يمكن مشاركته، ما يزيد أيضاً من مدة الفيديوهات التي يمكن إرسالها. تجدر الإشارة الى أنّ الملفات التي يمكن إرسالها عبر البريد الإلكتروني محددة بـ 25 ميغابايت عند أغلب مقدمي هذه الخدمة.
السعي للسيطرة
إنّ سعي الشركات المطورة لبرامج الدردشة الى دعم إرسال واستلام جميع أنواع الملفات، إن دلّ على شيء، فهو على سعي هذه الشركات للسيطرة المطلقة على عالم التواصل، ضمن حرب تكنولوجية غير معلنة، أدّت لحدّ الآن الى إطاحة برامج الدردشة الحاسوبية مثل «MSN» وغيرها التي أصبحت شيئاً من الماضي، واندثرت خلال فترة قصيرة جداً بعدما كانت متربّعة بثقة على عرش التواصل الرقمي بين الأفراد. فهل أتى دور البريد الإلكتروني الآن، وهل دقّت ساعة الصفر لجعله أيضاً شيئاً من الماضي الجميل؟.
الى الآن ما زال البريد الإلكتروني صامداً بوجه مخاطر تطبيقات الدردشة، والسبب الرئيسي هو عدم تخلّي قطاع الأعمال عنه، كونه الرسالة الإلكترونية التي تعتبر بمثابة مستند رسمي في أغلب بلدان العالم. كذلك، إنّ البريد الإلكتروني الخاص بالعمل يمكّن، في حال الاستغناء عن خدمات موظف، من تحويل البريد الى موظف آخر ليستمر العمل بشكل طبيعي، على عكس تطبيقات الدردشة التي تعمل على هاتف الموظف نفسه ولا يمكن تحويله لأيّ شخص آخر. وهذه الأسباب تعزّز من حضور البريد الإلكتروني، وتجعل من عملية إلغائه صعبة، أقله في السنوات القليلة القادمة.