كتبت رلى ابراهيم في صحيفة “الأخبار”:
عيّن حزب الكتائب اللبنانية أميناً عاماً جديداً ليس إلا قائد الوحدات العسكرية السابق في القوات اللبنانية، «البشيريّ» نزار نجاريان، فيما تسلّم قائد القوات السابق فؤاد أبو ناضر لجنة العلاقات السياسية الخارجية. الأهداف واضحة وأبرزها لمّ شمل العسكر القديم الذي حجّ إلى معراب نتيجة سوء إدارة الكتائب لسياسته
بدأ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل “الورشة التنظيمية” التي أعلن عنها في اجتماعات المكتب السياسي السابقة عقب تقييم نتائج الانتخابات النيابية والفشل الذي مني به الحزب. حُمّل الأمين العام رفيق غانم جزءاً كبيراً من المسؤولية جراء المخالفات والأخطاء التي وقعت في الأقاليم، بصرف النظر عن أن غانم رفض هذا الأمر بحجة أن فريقاً مقرباً من الرئيس شكل “أمانة ظل” اتخذت كل القرارات الإدارية، فكان هو آخر من يعلم. لا همّ، يفترض أن يتحمل أحدهم مسؤولية الفشل، وبالطبع الرئيس لن يفعلها، فكان أن انتُخِب أمين عام جديد يدعى نزار نجاريان بعد اقتراح الرئيس اسمه وتصويت المكتب السياسي؛ أما غانم فعيّن نائباً ثالثاً للرئيس. يصعب هنا تحديد إن كانت تلك محاسبة أو جائزة ترضية، علماً أن هذا المنصب استحدثه الرئيس أمين الجميل من أجل كتائب الاغتراب وأول نائب رئيس حزب شغله كان توفيق سويد، فيما آخر من شغله كان المحامي الراحل أنطوان ريشا. ولكن أعيد احياؤه اليوم مع تعيين غانم حيث تطرح علامة استفهام حول نوعية مهامه المقبلة، إذ تشير المصادر الكتائبية إلى أن المنصب مجرّد لافتة فارغة من مضمونها ولا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنته بمنصب الأمين العام الذي يتمتع بصلاحيات إدارية واسعة. لكنها تؤكد في المقابل أن شخصية الأمين العام هي الأهم في منصبه، ونجاريان هو «الشخص المناسب لهذا الموقع». فالأخير الرئيس السابق للوحدات الخاصة في القوات اللبنانية وكان قائد ثكنة أدونيس. تنقل بين قطر وكندا، ورفيقه فؤاد أبو ناضر هو من اقترحه وساهم في وصوله إلى الأمانة العامة، علماً أنه تم عرض أشخاص آخرين للمنصب كالأمين العام السابق وليد فارس وأحد المحامين في باريس قبل أن يرسو الخيار على نجاريان. ويلفت كل من يعرف القواتي السابق إلى أنه “بشيريّ” متشدد معارض لنهج أمين الجميل. التزم مع أبو ناضر عند قيادته القوات ليجلس بعدها إلى يمين ايلي حبيقة ويهاجر إلى باريس بعد الانقلاب على حبيقة عام 1986. من جهة أخرى، لم يكن نجاريان يوماً “حزبياً” بما للكلمة من معنى ولا تبوأ منصباً.
تعيين نجاريان يترافق مع تعيين رفيقه القواتي أبو ناضر على رأس لجنة العلاقات السياسية الخارجية إلى جانب نائب رئيس الحزب سليم الصايغ الذي كان مكلفاً بالوظيفة نفسها. بات الهدف واضحاً: “إعادة لم شمل العسكر القديم الذي حجّ إلى معراب نتيجة سوء إدارة الكتائب لسياستها وإبعاد سامي للبعض تحت عنوان تأسيس حزب شبابي جديد قبل أن يتضح له أنه لا يمكن له تعويم السفينة من خلال أصدقائه اليافعين في السياسية». إشارة هنا إلى أنه جرى إنشاء 12 لجنة خلال الاجتماع الذي عقد يوم أمس، موزعة بين ثقافية ودينية واجتماعية وغيرها لتكون بمثابة لجان متخصصة في المواضيع التي سلمت إليها.
وقد بحث خلال الاجتماع في إعادة إحياء منصب رئيس مجالس الأقاليم الذي تم إلغاؤه منذ سنوات (كان يشغله صهر الجميل السابق ميشال مكتف الذي ترشح للانتخابات النيابية الأخيرة على لائحة القوات في المتن الشمالي) وألحقت صلاحياته برئيس اللجنة التنفيذية أي المنصب الذي شغله النائب سامي الجميل قبل انتخابه رئيساً للحزب. ويتداول أنه سيتم تعيين نائب الأمين العام باتريك ريشا في هذا المنصب (قدم استقالته من منصبه عقب انتهاء الانتخابات ويحمله بعض الكتائبيين مسؤولية الفشل وقيادتهم إلى خيار التحالف مع المجتمع المدني). فيما ينفي ريشا الأمر كلياً إن في ما خص تسلمه «رئاسة مجلس الأقاليم»، أو استحداث المنصب من أصله. كذلك تقول المصادر إنه ربما يتم تعيين أكثر من رئيس مجلس أقاليم واحد، بمعنى أن يفصل واحد لكل محافظة. والغرض من ذلك هو “تفعيل الأقاليم التي كانت مهملة ومن دون متابعة أو مراقبة». وعما إذا كان هناك من تضارب في الصلاحيات بين منصب رئيس مجلس الأقاليم والأمين العام، أي العودة مجدداً إلى معضلة غانم خلال الانتخابات، يقول المصدر إن رئيس الأقاليم يعمل تحت إشراف الأمين العام، وبالتنسيق التامّ معه، فضلاً عن أنه يصعب تخطي نجاريان أو التقليل من صلاحياته. لكن القصة كما تخبرها المصادر، أنه لا يمكن للقواتي السابق «التلهي بتفاصيل الأقاليم الضيقة واجتماعاتها ومشكلاتها، ذلك لأنه مكلف بمهام إدارية واسعة تتطلب منه تفرغاً تاماً لها». علماً أن الاجتماعات المقبلة ستشهد تعيين “لجان مركزية جديدة وتبديلاً في أسماء رؤساء الأقاليم».