وهذان التطوران هما:
* إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله أن قرار خروج الحزب من سورية تملكه القيادة السورية.
* تباهي قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني بما وصفه «النصر الكبير» الذي حققه «حزب الله» في الانتخابات حيث «فاز بـ 74 مقعداً من أصل 128 نائباً»، معتبراً أن هذه الانتخابات نقلت «حزب الله» من حزب مقاوِم إلى «حكومة مقاومة».
وفي رأي أوساط سياسية أن كلام نصر الله وسليماني يلتقيان عند رغبةٍ في تظهير التأثير السوري (عبر النظام) والإيراني في الواقع اللبناني، معتبرة أنه إذا كان الأمين العام لـ«حزب الله» قال ما قاله في سياق ردّ ضمني على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لضرورة إخراج القوات الأجنبية من سورية، فإن قائد «فيلق القدس» بدا يوجّه سلسلة رسائل برسْمِ «شد الحبال» المتصاعد في المنطقة حيال نفوذ طهران عبر «استعجال» حسْم أن لبنان بات في «الجيب» الإيراني، وذلك إما استدراجاً لـ«مقايضاتٍ» وإما كـ «جرس إنذار» ربْطاً بالضغوط التصاعدية على بلاده للانسحاب من سورية.
ولاحظتْ الأوساط أن ما ذهب إليه قائد «فيلق القدس» من «المجاهرة بالنصر الانتخابي» جاء متمايزاً عن سلوك «حزب الله» حيال هذه المسألة، هو الذي يتفادى الحديث عن «انتقال» الأكثرية في البرلمان من قوى «14 آذار» سابقاً إلى «8 آذار» (وهذا يحصل إذا احتُسب تكتل رئيس الجمهورية مع الحزب وحلفائه الخلّص) محبّذاً ترْكَ «الأكثرية مموّهة» بالكلام عن «أكثرية متجوّلة» أو «متماوجة»، وهو ما وُضع في سياق عدم رغبته بإحراج فريق الرئيس عون وأيضاً تلافي استدراج المزيد من «العين الحمراء» الخارجية على الحزب بمحو «الخيط الفاصل» بينه وبين والدولة.
ورأت الأوساط نفسها أن موقف سليماني أربك خصوصاً تكتل «لبنان القوي» (الذراع النيابية لرئيس الجمهورية) الذي لا يمكن لـ«حزب الله» الوصول إلى أكثرية الـ 74 نائباً من دون أعضاء هذا التكتل الـ 29، والذي سارع أحد نوابه ميشال معوّض إلى «القفز من مركب الـ 74» بإعلانه انه «ربما على سليماني، ومعه محور الممانعة، أن يعيدا حساباتهما جيداً حتى لا يكونا يخطئان في عدّ النواب المحسوبين على حزب الله»، قبل ان يعتبر صهر عون النائب شامل روكز «أننا مش من الـ 74».
ولعلّ الحريري كان أكثر الذين «التقطوا» مغازي كلام سليماني بردّه عليه بعد لقائه الرئيس عون اول من امس، إذ اعتبر أنه «إذا خسر البعض في العراق، لا يمكنه أن يظهر وكأنه يحقق انتصارات في أماكن أخرى»، معتبراً «ان التدخل في الشأن اللبناني لا يصب في مصلحة ايران ولا لبنان ولا دول المنطقة»، ومؤكداً أنه «إذا كان المقصود ان كتلة»التيار الوطني الحر«هي ضمن هذه الحسابات، فأعتقد أننا تخطينا هذا الموضوع».
وإذ تعاطى الحريري مع موقف سليماني على طريقة «الرسالة وصلت»، فإن المعلومات حول التصور الخطّي الذي حمله إلى عون انه يقوم على حكومة ثلاثينية ويلحظ حصص الكتل الكبيرة والمتوسطة من دون ذكر للحقائب على أن يكون ذلك في مرحلة ثانية بعد التوافق على المرحلة الأولى وان رئيس الحكومة اعتمد معيار «الأكثر تمثيلاً»، الأمر الذي ترك علامات استفهام حول «شياطين التفاصيل» ذات الصلة بالكتل الصغيرة الحليفة لـ «حزب الله» الذي يصرّ على تمثيلها والنواب السنّة خارج عباءة الحريري.
وفيما تشير معطيات الى ان الحريري لا يمانع أبداً ان يكون هناك وزير سني من حصة رئيس الجمهورية على أن يأخذ مكانه وزيراً مسيحياً يضاف الى الوزراء السنّة الخمسة من حصته (الحريري)، لا يُعرف على ماذا سترسو عقدة توزير النائب طلال ارسلان في ظل إصرار «حديدي» للزعيم الدرزي وليد جنبلاط على التمثل بالوزراء الدروز الثلاثة وسط رهان على مساعٍ ستُبذل لمحاولة إقناعه بالحصول على مقعد مسيحي مقابل توزير ارسلان، علماً أن الحريري قدّم تصوره على أساس حصْر الحصة الدرزية بتكتل جنبلاط.
وفي ما خص عقدة تمثيل حزب «القوات اللبنانية» أشارت تقارير الى ان الحريري اقترح ان تكون حصة رئيس الجمهورية وتكتل «لبنان القوي» من 9 وزراء على أن تتمثل «القوات» بـ 4 وزراء إما «صريحين» أو مع واحد «مشترك» مع حزب «الكتائب».
وبدا واضحاً أن الحريري سلّم تصوره كمنطلق للمفاوضات الجدية التي تبدأ بعد عودته من الخارج هو الذي سيشارك في افتتاح المونديال في روسيا يوم غد على ان يلتقي على هامش هذا الحدَث الرئيس فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي تتحدث تقارير في بيروت عن امكان أن يصل الى روسيا مع الحريري أو أن يغادراها معاً الى السعودية حيث سيمضي الرئيس المكلف فترة العيد مع عائلته.