كتب راؤول فيلكيس في صحيفة “الشرق الأوسط”:
لن تكون الجماهير الأميركية حاضرة في كأس العالم بعدما غاب المنتخب الأميركي للمرة الأولى منذ 1990 إذ فشل في التأهل للنهائيات التي انطلقت في روسيا لتبحث جماهير اللعبة المتزايدة في الولايات المتحدة عن فريق يشجعونه.
وتعلم الجماهير في المكسيك هذا الشعور.
اتذكر أول بطولة لكأس العالم كنت واعيا لها وأنا في مكسيكو سيتي كانت 1990 في ايطاليا وللأسف المكسيك لم تشارك فيها بعد حظر الاتحاد الدولي (الفيفا) مشاركتها في البطولات الدولية بعدما أشرك الاتحاد الوطني لاعبين كبار السن في بطولة الناشئين في 1988.
كانت فضيحة أثرت على جيلنا فالبطولة الأولى التي كنا نعي عليها لم نكن فيها وبينما غابت المكسيك عن كأس العالم بسبب الغش وفشلت الولايات المتحدة في التأهل إلى روسيا 2018 بسبب ضعف المنتخب فالنتيجة في النهاية واحدة وهي غياب الفريق الذي نشجعه.
كطفل كان أمرا مثيرا أن أجمع صور ألبوم بانيني مع والدي وفي نسخة 1990 لم يكن هناك أي لاعب مكسيكي وبدلا من البكاء على فشل المكسيك شجعني والدي على الاستمتاع بكأس العالم حتى لو لم تكن المكسيك مشاركة وعلمني البحث حول العالم عن اللاعبين الموهوبين.
في كأس العالم كان هناك حارس الكاميرون توماس نكونو وجورج هاجي لاعب وسط رومانيا وبالطبع الأسطورة دييجو ارماندو مارادونا.
لكني شعرت بعاطفة تجاه لاعبي أميركا مثل تاب راموس لاعب الوسط والمدافع مارسيلو بالبوا بعدما لاحظت أصول اسميهما اللاتينية.
المنتخب الأميركي جعلني أفكر في عمي الذي يعيش في كاليفورنيا منذ سبعينيات القرن الماضي وشجعني على حب كرة القدم منذ الصغر.
رحل عمي عن المكسيك وهو صغير السن للعمل في مراكب الصيد وصنع حياة جيدة لنفسه في سان دييجو ومن خلال كرة القدم حافظ على صلته بالمكسيك إذ كانت الوسيلة المفضلة لقضاء الوقت مع أصدقائه من المهاجرين.
وأراد والدي أن يعلمني درسا مهما وهو أن كرة القدم هي اليوتوبيا التي يمكن للجميع التساوي فيها وكانت عشقه التي ساعدته على ربط مشاعره وتأسيس مجتمعه الخاص حول المباريات مع أصدقائه.
وقال الكاتب الاسباني خافيير مارياس إن كرة القدم كانت الإحياء الأسبوعي لطفولته وكانت الوسيلة لاستعادة التفاؤل والبراءة عند التفكير في العالم البسيط بدون سياسة.
وكطفل كنت أشجع اللاعبين من جميع أنحاء العالم حتى من الولايات المتحدة غريمة المكسيك بدون التفكير في القومية أو الحقب الاستعمارية.
وهذه هي الوسيلة التي تستطيع بها أميركا احتضان جارتها من الجنوب في الأسابيع المقبلة إذ سيكون هناك العديد من الأطفال الأميركيين المتحمسين للبطولة لكن لا يوجد أبطال محليون لتشجيعهم وفي المقابل ربما يشعر الجيل الجديد بالحماس لمشاهدة نجوم المكسيك مثل خافيير هرنانديز وكارلوس فيلا.
وفي عدد مجلة سبورتس إلستراتيد عن كأس العالم لخص مايكل برادلي قائد المنتخب الأميركي الأمر عندما قال “الجميع يريدون التحدث عن ‘أننا بحاجة لثقافة كرة القدم’. حسنا ماذا تظنون؟ جزء من ثقافة كرة القدم أن هناك الملايين في بلادنا جاؤوا من بلاد أخرى وهؤلاء تربطهم صلات قوية بمنتخبات أخرى. هذا نحن وهو أمر فريد. ولا اعتقد أنه يجب أن يغضب أي شخص بسبب ذلك”.
وكمهاجر جديد في الولايات المتحدة اختبرت ذلك بنفسي فعندما انتقلت إلى نيويورك قبل سنوات عديدة كنت استمتع بالتجول في ملاعب كرة القدم في ريد هوك وصنست بارك وبروكلين بريدج بارك بحثا عن فرصة للعب وفي هذه الملاعب وجدت لاعبين من نيبال والعراق ونيجيريا وتونس والدنمارك وكل الدول التي يمكنك ذكرها.
لا يمكن نفي الصلات القوية والطويلة بين المكسيك والولايات المتحدة وهذه الصلات واضحة في أي مدرج في ملاعب كرة القدم في أميركا فمنذ 2007 خاض المنتخب المكسيكي مباريات في أميركا أكثر من المكسيك ومجموعة كبيرة من المتابعين ربما لا يمكنهم العودة إلى المكسيك لكنهم يستطيعون الاحتفال بثقافتهم في بلادهم البديلة.
وربما لا يوجد وقت أفضل من هذا الصيف لتلعب كرة القدم دورا في الاتحاد أكثر من التفرقة في قارتنا ويسخر دونالد ترامب من الصفقات التجارية والمهاجرين الذين كانوا بمثابة الجسر لسنوات بين بلدينا فيما يتعهد اندريس مانويل لوبيز اوبرادور المرشح المحتمل لرئاسة المكسيك باتخاذ موقف متشدد ضد الخطاب الأميركي لذا فدعونا نأمل بسذاجة الأطفال أن نستبدل لمدة أربعة أسابيع “أميركا أولا” إلى “الأميركتين أولا”.