أكد المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني ان “الأسابيع القليلة الماضية شهدت نقاشاً عاماً متجدداً حول موضوع عودة اللاجئين. وبينما يكافح لبنان لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المعقّدة، أصبح دور الأمم المتحدة في موضوع عودة اللاجئين السوريين متشابكاً مع الجدل الداخلي حول كيفيّة التعامل مع العدد الكبير للاجئين في لبنان، وآفاق عودتهم إلى سوريا.”
وأضاف أن “الأمم المتحدة وحكومة لبنان تشترك في نفس الهدف الاستراتيجي المشترك لدعم السلام والاستقرار في لبنان من خلال التصدي للتحديات الأمنيّة والاقتصاديّة والإنسانيّة والاجتماعيّة. نحن ممتنّون للكرم الذي أبداه لبنان واللبنانيون منذ بداية الصراع في سوريا”، مضيفاً: “لدى المجتمع الدولي الكثير مما يتعلمه من اللبنانيين الذين عانوا أنفسهم من النزوح والتهجير خلال العقود الماضية. من هنا، تكمن أهميّة الاستمرار في دعم لبنان في وقت يواجه فيه تحديّات متعددة.”
وأشار إلى أنه “منذ بداية الأزمة، قمنا ببناء شراكة وثيقة مع الحكومة من أجل تحقيق هذه الأهداف المشتركة. وتشكّل المؤتمرات الرئيسية الثلاث في روما وباريس وبروكسيل والتي نُظّمت هذا العام، إشارة واضحة على أن إلتزام المجتمع الدولي بلبنان هو أقوى من أي وقت مضى.”
واعتبر أن “هدف الأمم المتحدة هو المساعدة في إيجاد حلول مستدامة للاجئين، سواء كان ذلك يعني العودة الآمنة إلى سوريا أو مغادرة لبنان لإعادة توطينهم في دول ثالثة. لقد كنّا دوماً واضحين في القول إن مستقبل اللاجئين ليس في لبنان، وذلك تماشياً مع موقف الحكومة الواضح.”
وقال: “مع يقيننا بالضغط الشديد على لبنان، من المهم أيضاً أن نعترف بأن الوضع في سوريا معقّدٌ للغاية، وان العودة ليست في الوقت الحالي خياراً مطروحاً بالنسبة للعديد من العائلات اللاجئة”، مضيفاً: “لذلك، من الضروري أن نعمل جميعاً معاً لضمان عدم وضع أي لاجئ تحت الإكراه ليعود إلى بلده قبل الأوان حيث قد يتعرّض للأذى، أو يُضطر للفرار مرّة أخرى. هذا الكلام لا يختلف عما تقوله الحكومة اللبنانية حيث أعربت في أكثر من مناسبة عن التزامها بمبدأ عدم الإعادة القسرية”.
وتابع لازاريني: “ستواصل الأمم المتحدة القيام بدور حاسم مع الشركاء الإقليميين والسلطات المعنيّة في سوريا لتهيئة الظروف التي ستسمح للأغلبيّة الساحقة بالعودة بأمان وكرامة. وفي الوقت نفسه، من واجبنا احترام القرارات الفرديّة للاجئين. إنّه حقّهم، ولا يُمكن تصوّر أي معارضة من قبل الأمم المتحدة لقرار اللاجئين بشأن مستقبلهم.”
وأردف: “اللبنانيون يفهمون الظروف المعقّدة للحرب. عندما يتمّ اقتلاع الناس من ديارهم، فهذا يعني وضع حياتهم كما حياة أطفالهم في حالة ترقّب. لذا، من المهم أكثر بالنسبة لهم الحصول على المعلومات الصحيحة لاتخاذ قرار مستنير وذلك لزيادة فرصهم بالعودة الناجحة والنهائيّة.”
ورأى أن “استكشاف وتفهّم أولويات اللاجئين والاستماع إلى مخاوفهم عند اتخاذ قرارهم سيساعد على إزالة العقبات التي تحول دون عودتهم.”
وأشار إلى أن “هذه هي الأسباب التي تحث المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على التحدّث مع اللاجئين لضمان حصولهم على إجابات على أي أسئلة قد تُراودهم قبل مغادرتهم والتأكّد من أن لديهم المستندات الصحيحة لإعادة تأسيس حياتهم في بلدهم، الالتحاق بالمدارس، والوصول إلى الخدمات الأساسية بمجرّد عودتهم مثل الرعاية الصحية. إنها واحدة من أهم الطرق لنا لضمان عودة مستدامة.”
وأوضح انه “مع اكتساب النقاش بشأن عودة اللاجئين زخماً، نحن نقف الآن عند مفترق طرق هام. من الضروري اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تعمل الأمم المتحدة والحكومة معاً بروح من الشراكة الكاملة للتصدي للتحديات الحاسمة. هذه مسؤوليتنا الجَماعية في تعزيز العودة المستدامة، والحفاظ على الاستقرار والنموذج اللبناني للتنوّع والتسامح.”