Site icon IMLebanon

الحكومة العتيدة في لبنان… بشروط “حزب الله” أم بمعايير المجتمع الدولي؟

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:

لا شيء في بيروت يوحي بأن الحكومة الجديدة يمكن أن تبصر النور هذا الأسبوع، ما يعني أن مسار التأليف سيدخل ابتداء من 24 الجاري شهره الثاني، وسط استمرار «بورصة» التوقعات تترنّح بين حدّيْ احتمال الولادة الحكومية خلال أسبوعين أو تأخُّرها لأشهر بحيث تنقضي 2018 وهذا الملف «لا معلّق ولا مطلَّق».

وفي حين «يتسلّح» متوقّعو الانفراج الحكومي غير البعيد بأن لا الرئيس ميشال عون يحتمل «تعطيل» عهده الذي رَبَط انطلاقته الفعلية بحكومة ما بعد الانتخابات ولا الرئيس المكلف سعد الحريري قادر على تَحمُّل تبعات تبديد «الاحتياطي المُنقِذ» الذي شكّلته المساعدات والقروض الميسّرة التي وفّرها مؤتمر «سيدر» للبنان والتي يحتاج تسييلها إلى حكومةٍ مكتملة الصلاحيات، فإن المتشائمين حيال التأليف يرون أنّ تشكيلَ حكومةٍ على وهج «سيف الوقت» الذي يَحسب «حزب الله» وحلفاؤه «عدّاده» بعناية مستعجلين بتّ هذا الملف يمكن أن يكون مكْلِفاً على البلد، لا سيما إذا لم ينجح الحريري في «دوْزنة» صراع الأحجام والحصص بما يَحْفظ التوازن بالمفهوم الذي يُطَمْئن الخارج إلى أن لبنان لم يسْقط بالكامل في الحضن الإيراني.

وفي رأي أوساط سياسية ان توقيت التأليف ليس مهماً بمقدار «مقادير الطبخة الحكومية» التي يمكن بحال أسيء تقديرُها «حرْق» الجسور التي تربط لبنان بـ «مراكب النجاة» الدولية التي من دونها سيفْقد «الدرع الواقية» بإزاء حرائق المنطقة، خصوصاً في ظل تَوقُّع موجات جديدة من التصعيد الأميركي – الخليجي ضدّ إيران و«حزب الله»، وإنْ كان استقرار لبنان يشكّل في ذاته مصلحة دولية لا سيما في ظلّ وجود مليون ونصف مليون نازح سوري لا يريد الغرب ولا سيما الأوروبيون فتْح أي باب يمكن أن يحملهم الى شواطئه.

وتشير هذه الأوساط الى أن التوازنات في الحكومة العتيدة وعدم ظهورها وكأنّها ترجمة لما اعتبره «حزب الله» ومن خلفه إيران «نصراً انتخابياً»، يشكّل شرطاً لتسييل نتائج «سيدر 1»، لافتة إلى أن هذا الأمر بات أكثر إلحاحاً بعد تصريح الجنرال قاسم سليماني الأخير عن «الحكومة المقاومة» في لبنان والإشارات السلبية التي شكّلها الكشف عن إعفاء الإيرانيين من ختْم جوازاتهم لدى دخولهم أو خروجهم من مطار رفيق الحريري الدولي وسائر المعابر الحدودية كما الاتهامات في وسائل إعلام أميركية للخارجية اللبنانية بالتدخل لمنْع تسليم متهَم بتبييض الأموال لمصلحة «حزب الله» في الباراغوي الى واشنطن.

وإذ تعتبر الأوسط نفسها أن أي نجاحٍ في الوصول الى توليفة حكومية توفّق بين ما يتطلّع إليه الخارج من الحكومة وما يصبو إليه أطراف الداخل كلٌّ لحساباته سيؤذن بأن ساعة الولادة دقّت، وهذا قد يحصل غداً أو لا يحصل في 10 أشهر، تذكّر بأن الحريري الذي يدرك جيداً محاذير الملف الحكومي ليس في وارد القيام بأي خطوة تضع البلاد في «عين عواصف» قام بكلّ ما قام به منذ التسوية الرئاسية لإبقاء لبنان بمنأى عنها، علماً أنه يملك هامشاً كبيراً لمنْع أي «انزلاقات» ترتّب أثماناً باهظة خارجياً هو «الرئيس بقبّعتيْن»، الأولى كرئيس حكومة تصريف الأعمال والثانية كرئيس مكلّف، وإن كان لا يتحكّم بمفرده بمسار التأليف ولا بكل «مراكز الثقل» التي تتشابك في تحديد مآله.

وتترقب بيروت عودة الحريري اليوم من السعودية حيث أمضى عطلة عيد الفطر مع عائلته – وسط تقارير عن انه قام بزيارة تهنئة ‏بالعيد للملك سلمان بن عبد العزيز – وذلك لمعاودة إدارة محركات التأليف انطلاقاً من المسودة التي كان قدّمها الى رئيس الجمهورية في 11 الجاري، بعدما شهدت الساعات الماضية وبفعل تدخلاتٍ على أعلى مستوى سكْب مياه باردة على ملفيْن متفجّريْن:

– الأول العلاقة بين زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وفريق الرئيس عون بعد وصْف الأول للعهد بأنه «فاشل منذ اللحظة الأولى» وذلك على خلفية الافتراق حول ملف النازحين السوريين وحصة تكتل جنبلاط في الحكومة الجديدة، وسط إشاراتٍ إلى أن «جمر» الخلاف القديم – الجديد بين الطرفين عاد إلى «تحت الرماد» بما قد يسهّل مقاربة «أصل المشكلة» المتصلة بالواقع الحكومي بعيداً من «تشظيات» ملفات جانبية.

– الثاني الأزمة التي لاحت في أفق علاقة رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس عون على خلفية مرسوم تعيين القناصل الفخريين الذي صدَر بلا توقيع وزير المال علي حسن خليل (من فريق بري)، إذ توصّل «حزب الله» الى إقناع حليفيْه بتسويةٍ قضت بإرسال وزارة الخارجية (يتولاها صهر عون الوزير جبران باسيل) المرسوم إلى وزارة المال لتوقيعه تفادياً لأي تفاعلات يمكن أن تعقّد الملف الحكومي.

وتلاقي هذه الخطوات التبريدية الزيارة الأولى من نوعها التي تقوم بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لبيروت بعد غد الخميس وتستمر يومين تعقد خلالهما محادثات مع كبار المسؤولين، وهي الزيارة التي ستخطف الأنظار من عملية التأليف.

وتشير المعطيات حول محادثات ميركل إلى أنها ستركّز على ملف النازحين السوريين، فيما كشفت صحيفة «اللواء» أن المستشارة الألمانية ستعلن منح لبنان قرضاً ميسراً جداً، بقيمة 500 مليون يورو من خارج مقررات مؤتمر «سيدر» الأخير الذي انعقد في باريس، وذلك من أجل مساعدة لبنان اقتصادياً ومالياً.

وتأتي محطة ميركل في بيروت على وقع انفجار الأزمة بين الخارجية اللبنانية والمجتمع الدولي بفعل تجميد الأخيرة تجديد الإقامات لموظفي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بعد اتهامها بتخويف النازحين من العودة إلى سورية وإطلاقها شعار «العودة الآن»، وهو ما أثار ريبة خارجية واستياءً عبّر عنه «بلا قفازاتٍ» ديبلوماسية سفير ألمانيا في بيروت مارتن هوث الذي أكد «أن المجتمع الدولي مستاء من الاتهامات اللبنانية الكاذبة والمتكررة له بأنه يعمل على توطين اللاجئين السوريين في لبنان»، مشدداً على «أن الأمم المتحدة ملتزمة بالكامل بعودة اللاجئين السوريين».