كتبت كلير شكر في صحيفة “الجمهورية”:
إذا ما قورنت نتائج الانتخابات الاخيرة، بتلك التي سجّلتها صناديق العام 2009 التي احتكمت إلى النظام الأكثري، يمكن لحزب «الطاشناق» أن يُفاخر أنه نجح في استثمار النظام النسبي فرفعَ رصيده الى 3 نواب يشكلون معاً «كتلة النواب الأرمن»، بينهم نائب حزبي واحد هو نائب المتن هاغوب بقرادونيان، إضافة الى اثنين بيروتيين غير حزبيين هما هاغوب ترزيان والكسي ماطوسيان، فيما توزع الثلاثة الآخرون بين «القوات» (جان طالوزيان)، ونقولا فتوش (ادي دمرجيان) و«الحراك المدني» (بوليت ياغوبيان).
ولعلها نتيجة غير مفاجئة لمَن يعرف حقيقة الأرقام الأرمنية في دائرة بيروت الأولى تحديداً، بسبب تراجع الحضور الأرمني في أرقام المقترعين بمقدار كبير (ضمّت لوائح شطب العام 2017، 37905 ناخبين أرمن أرثوذكس و7459 ناخباً أرمنياً كاثوليكياً) بينما لم تتعد نسبة الاقتراع في مجمل الدائرة الـ33%، حيث شارك نحو 44 ألف ناخب في العملية الانتخابية.
هذه التقديرات الاستباقية دفعت «الطاشناق» الى تركيز عمل ماكينته الانتخابية على مرشحين اثنين فقط، مع أنّه رشّح ثلاثة أرمن (اثنان أرثوذكسيان وكاثوليكي) الى لائحة «بيروت القوية» المتحالفة مع «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، ووزّع أصوات بلوكه الحديديّ على كل من هاكوب ترزيان الذي حصد 3,451 صوتاً تفضيلياً، والكسندر ابراهام ماطوسيان الذي نال 2,376 صوتاً تفضيلياً، في حين لم يحظ سيبوه قالباكيان الّا بـ1566 صوتاً تفضيلياً، ما أخرجه من السباق.
«الإنكماش» في الحضور الأرمني في العاصمة، حوّل اثنين من مقاعدها الأربعة، إلى جانب مقعد الأقليات، «هدايا» قد توزّع على اللوائح المتنافسة، أو جوائز ترضية للوائح حصدت حواصل انتخابية لكنها خسرت الرهان على المقاعد غير الأرمنية. وبالفعل، جُيّر مقعد الأرمن الكاثوليك لمصلحة «القوات»، فيما خرج «الحراك المدني» من معاركه على طول الوطن بمقعد أرمني يتيم بفضل 2,500 صوت تفضيلي جمعتها بوليت ياغوبيان.
أما مقعد زحلة، فهو الأكثر غرابة ونسفاً للنسبية بمفهومها المُتعارف عليه عالمياً، وتكريساً للنسبية اللبنانية، حيث أدخل 77 صوتاً تفضيلياً ادي دمرجيان إلى مجلس النواب مُثقلاً بسيل من التساؤلات حول هويته السياسية والمحور الحزبي الذي سيلتحق به، بعدما وقع رأس اللائحة نقولا فتوش في مطبّ الأصوات التفضيلية، لينجو حليفه الأرمني بفضل الحاصل الانتخابي الذي حققته اللائحة.
هكذا انتهت «سكرة» الانتخابات وحلّت «فكرة» الحكومة. في استطاعة «تكتل النواب الأرمن»، الذي يضم 3 نواب، أن يسمّي أحد الوزيرين الأرمنيين، اذا ما افترضنا أنّ الحكومة ثلاثينية كما هو متوقع لكي تستوعب كل طلبات وشروط القوى السياسية والحزبية، فإنّ السؤال المطروح: من سيسمّي الوزير الثاني؟
حتى اللحظة، تشير التسريبات الى أنّ المقعد الثاني سيكون جائزة ترضية لواحد من طبّاخي الحكومة الأساسيين، إمّا رئيس الجمهورية ميشال عون وإمّا رئيس الحكومة المكلّف، في اعتبار أنّ النواب الثلاثة المتبقّين لا يستطيعون أن يطالبوا بتمثيلهم في الحكومة نظراً الى حجمهم المحدود شعبياً، بينما «الطاشناق» أو تكتل النواب الأرمن لا يدّعي أيضاً قدرته على التمثّل بوزيرين.
وما يزيد من حساسية الوضع هو انعدام التواصل بين أعضاء كتلة «النواب الأرمن» وبقية النواب الموزّعين على جبهات أخرى، وتالياً لا تنسيق بينهم ولا مشاورات قد تُفضي الى تفاهم قد يعوّض هذا التشتّت.
ولهذا، تقتصر مقاربة «الطاشناق» لهذه المسألة من زاوية واحدة: تمتع الوزير المقترح بحيثية أرمنية عملاً بمبدأ التمثيل الصحيح و«روحية وثيقة الوفاق الوطني»، وأن تتمّ تسميته بعد التشاور مع الأحزاب والفاعليات الأرمنية. ما يعني أن لا يتمّ إسقاطه بـ«باراشوت» «الأقوياء» أو تجييره لمصلحة طائفة «محرومة».
ويقول رئيس الحزب أغوب بقرادونيان إنّ «الطاشناق لن يوافق على توزير شخصية أرمنية في حكومة ثلاثينية لا تتمتع بوزن شعبي، وبالتالي لن يتنازل عن هذا المقعد لمصلحة وزير من طائفة أخرى، أو وزير أرمني حزبي غير محسوب على الأرمن إلّا ببطاقة هويته».