كتب حسين عبدالحسين في صحيفة “الراي” الكويتية:
فيما تغرق واشنطن في قضية فصل أطفال اللاجئين عبر الحدود الجنوبية عن أهاليهم، تتابع بعض الدوائر الأميركية تطورات الحرب التي تقودها إسرائيل لإخراج إيران من سورية، والتي وصلت ذروتها مع توسيع الدولة العبرية مسرح عملياتها بتوجيه مقاتلاتها ضربة لمعسكر تابع لميليشيات «الحشد الشعبي» العراقية الموالية لإيران على الحدود السورية – العراقية، ليل الأحد الماضي.
وقالت المصادر الأميركية إن إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتية مفادها أن ضباطاً في «الحرس الثوري» الإيراني يستخدمون المعسكر كمحطة وصل لتزويد قواتهم في الجنوب السوري بالعتاد والتقنيات العسكرية.
رسالة تل أبيب لطهران، حسب المصادر الأميركية، هي أن «مسرح دفاع إسرائيل عن نفسها لا يقتصر على المناطق السورية المحاذية للشمال الاسرائيلي، بل يشمل أي رقعة في المنطقة حتى لو كانت داخل إيران نفسها».
ويأتي التصعيد الإسرائيلي ضد ايران في وقت كثّفت تل أبيب من حركتها الديبلوماسية الهادفة إلى إنشاء جبهة دولية قوامها روسيا وحلفاء روسيا السوريون، والأردن، على أن تقوم هذه الجبهة بمجهود مشترك لـ«إخراج إيران بالكامل من سورية».
وإذ لفتت إلى زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الأردن، قبل أيام، حيث التقى الملك عبدالله الثاني في لقاء هو الأول من نوعه بينهما منذ 2014، أوضحت المصادر أن تل أبيب تسعى لتأمين مصالح المشاركين معها في «الجبهة» التي تسعى لإقامتها داخل سورية.
بالنسبة لموسكو، التي زارها سراً مستشار الأمن القومي الاسرائيلي مائير بن سبت والتقى فيها نظيره نيكولاي بتروشوف، تسعى إسرائيل للمساهمة في حماية مصالحها في سورية، حتى لو اقتضى ذلك بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، شرط أن يفترق الأخير عن إيران والميليشيات الموالية لها.
لكن التقارير المتواترة إلى واشنطن تشير إلى شبه استحالة انفصال الأسد عن إيران، حتى لو أراد ذلك، وهو ما دفع روسيا إلى دفع رجلها العقيد سهيل الحسن، الملقب بـ«النمر»، إلى الواجهة، كبديل عن الرئيس السوري. وفي هذا السياق، رصد المراقبون في واشنطن أن كل الوحدات التي انتشرت في محافظتيْ السويداء ودرعا السوريتين الجنوبيتين، استعداداً لاقتحام المناطق التي تسيطر عليها فصائل معارضة للأسد، هي وحدات تابعة للنمر. كما رصدت التقارير، السرية والعلنية، تولي رجال النمر القيادة في بعض الوحدات العسكرية التي كانت تابعة للنظام في الجنوب.
أما بالنسبة للأردن، فتقول المصادر الاميركية إن عمّان تخشى أن تجد نفسها على تماس مع «الحرس الثوري» الإيراني على حدودها الشمالية، وتذكّر بأن «حزب الله» اللبناني حاول في الماضي إقامة خلايا داخل الأردن بهدف إنشاء مجموعات في الضفة الغربية، لكن الاستخبارات الاردنية فكّكت هذه الخلايا وألقت القبض على أفرادها، قبل أن تستعيد حكومة لبنان المعتقلين التابعين للحزب.
وتخلص المصادر إلى أن إسرائيل تسعى لإقامة جبهة تضم كل الأطراف التي لها مصلحة في إخراج إيران والميليشيات الموالية لها من سورية، مشيرة إلى أنه في الماضي، كان يمكن للأسد، ووالده الرئيس الراحل حافظ الأسد، الإمساك بزمام الأمور وضبط الوضع الأمني في سورية ولبنان، بما في ذلك «حزب الله»، وهو ما جعل بقاء النظام مصلحة اسرائيلية. لكن الأسد الابن، وفقاً للمصادر الأميركية، لا يبدو أنه قادر على السيطرة على إيران وحلفائها، بل يبدو أنه صار تحت رحمتها، وهو ما يجبر تل أبيب على التعامل مع الوضع بشكل عسكري مباشر، والتنسيق مع الروس والأردنيين للتوصل الى صيغة بديلة للدور الذي لعبه الأسد الأب على مدى العقود الماضية.