Site icon IMLebanon

محاولة لتكبيل الحريري عبر اتّهامه بالإصغاء للخارج

عبّرت مصادر سياسية في بيروت عن «ارتيابٍ» من عملية «المُراكمة» الإعلامية – السياسية من «حزب الله» وحلفائه والتي تركّز على «انتظارٍ إقليمي» يعتمده الرئيس المكلف سعد الحريري في ملف تشكيل الحكومة العتيدة ربطاً بحسابات سعوديّة ذات صلة بالتحوّلات المتسارعة التي تحصل في اليمن وتلك المتوقَّعة في سياق رفْع مستوى الضغوط على إيران وأذرعها في المنطقة وفي مقدّمها «حزب الله».

ولاحظت المَصادر أنه رغم عدم انقضاء شهرٍ بعد على تكليف الحريري تشكيل الحكومة، فإن «حزب الله» وحلفاءه، الذين يرفعون شعار «الحكومة يجب أن تولد أمس»، يمارسون لعبة ضغط عبر المنابر الإعلامية والسياسية تشير تارةً و«بلا رتوش» إلى اعتباراتٍ خارجية وراء ما يعتبرونه تريُّث الرئيس المكلف في مسار التأليف، وتغمز طوراً من قناة هذا البُعد الإقليمي عبر الحديث عن عدم لمس مؤشراتٍ فعلية حتى الساعة إلى وجوده وأن العقد داخلية.

واشارات هذه المصادر عبر صحيفة «الراي» الكويتية الى أن ثمة محاولة واضحة لاستحضار العامل الخارجي في التأليف بهدف وضْع الحريري في موقعٍ «دفاعي» ليندفع بتوقيت «حزب الله»، المرْتكز على اعتباراتِ التطورات المتدحْرجة في بعض الساحات اللاهبة والرغبة في ترجمة نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة سريعاً قبل أن تحتوي أي مفاجآت اقليمية وهجها، إلى حكومةٍ غير متوازنة، بالمعنى الذي يهمّ المجتمع الدولي، وجرى في الأيام الماضية رسْمٌ استباقي لـ«أجندتها» و«الوعاء الإقليمي» الذي ستعمل من خلاله عبر مسألتيْن:

* الأولى جعْل فريق رئيس الجمهورية ميشال عون ملفّ عودة النازحين السوريين أولوية الأولويات وسط ضغطٍ تَصاعُدي لربْط التفاهم على الحكومة بتوافق على خطة موحدة لعودتهم وسط وضْع البلاد بين خياريْ الصِدام المكْلف مع المجتمع الدولي أو تحوّل هذا الملف مشكلة داخلية.

* والثانية تَعمُّد طهران في محطتيْن التباهي بأن لبنان صار «من حصّتها»، سواء بكلام الجنرال قاسم سليماني عن «النصر الانتخابي» لـ «حزب الله» بـ 74 نائباً (أي مع احتساب التكتل المحسوب على رئيس الجمهورية ضمنهم) وعن «الحكومة المقاومة» الآتية، أو بتولي وكالة «ارنا» كشف صدور القرار اللبناني بإعفاء الايرانيين الزوار لبيروت من ختم جوازاتهم، وهو ما أثار صخباً في لبنان بلغ حدّ الإعلان عن توجه وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى إلغاء هذا القرار الذي يوحي حسب البعض «كأننا أصبحنا محافظة إيرانية».

وانطلاقاً من ذلك، بدأت أصوات تتحدّث في الكواليس عن أن الحريري، رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلّف، قد يَسمع من قريبين منه دعواتٍ إلى ترْك المستعجلين لحكومةٍ يُراد لها أن تتجاوز معيار تمثيل الكتل الرئيسية وإدخال الجميع وتكريس شراكةٍ لن يقبل بها الرئيس المكلف في التمثيل السني (تمثيل خصومه السنّة)، يقدّمون هم التنازلات «من جيْبهم»، وسط إشارة دوائر مراقبة إلى أن الحريري يسعى لحكومة لا تسبب «نقزة» للمجتمع الدولي وتسير «بين ألغام» المواجهة المرشّحة للاحتدام بين واشنطن – دول الخليج وبين إيران، وذلك بما يسمح بالحفاظ على المظلة الدولية للاستقرار، رغم «الأضرار» التي تسببت بها تصريحات سليماني والامتياز الذي أُقر للزوار الايرانيين ناهيك عن مرسوم التجنيس الذي شمل رجال أعمال من الدائرة اللصيقة للنظام السوري.

وفي حين ينهمك الحريري ومعه «الدولة» اليوم وغداً بزيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لبيروت، فإن الأنظار كانت شاخصة على لقاء مرتقب بين الرئيس عون والرئيس المكلف الذي كان الجميع يعتقدون أنه أمضى كل عطلة عيد الفطر في السعودية ليُكشف أنه انتقل منها الى باريس حيث التقى الاثنين الماضي رئيس تكتل «لبنان القوي» وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون)، وبحث معه الملف الحكومي الذي تشير آخر المعطيات عنه الى أنه ما زال في مرحلة تثبيت أحجام الكتل وحصصها وحسْم مسألة تمثيل الكتل الصغيرة (وبعضها رُكّب لغايات توزيرية) وذلك تمهيداً للانتقال إلى مرحلة الحقائب والأسماء.

وإذ ما زالت عقدة التمثيل الدرزي تراوح عند إصرار زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على أن تكون كامل الحصة الدرزية في الحكومة له مقابل تشبُّث النائب طلال إرسلان بدخول الحكومة من حصة فريق الرئيس عون، فإن مسألة تمثيل كتلة «القوات اللبنانية» تراوح بين كلام عن مرونةٍ حيال حصّتها وبين عدم الوصول إلى تفاهم بعد في شأنها، علماً أن تقديم «القوات» أمس طعناً لإبطال مرسوم التجنيس الذي صدر أخيراً طرح علامات استفهام حول إمكان تأثيره في مسار تفكيك عقدة حجْمها في الحكومة المقبلة.