كتبت رنا اسطيح في صحيفة “الجمهورية”:
صوتٌ صورةٌ وضحكةٌ لا تتكرّر. بهذه الكلمات يمكن وصفُ ميراي مزرعاني أو المحاولة من جديد مئات المرّات. فالإعلامية اللبنانية صاحبة الباع الطويل في مجالات الإعلام المختلفة استطاعت أن تكون عصيّةً على المقارنات وأن تكون هي: ميراي مزرعاني التي عرفها الناس رفيقةً أنيسةً لسهراتهم التلفزيونية لسنواتٍ طوال، والتي ما زال يواكبها جمهورٌ وَفي عبر تجربتها الإذاعية، متعلّقاً بصوتها وطبيعيتها اللا محدودة، وطامِعاً طبعاً بأن يشهدَ لمرّة أو أكثر انفجاراتِ تلك الضحكة الرنّانة التي قد يصل صداها من جهاز الراديو مباشرةً إلى قلوب المستمعين، فيشحنها بطاقة إيجابية مطلوبة لمواجهة رتابة الحياة اليومية.
تعشق ميراي مزرعاني الحياة، تُقبِل عليها بنَهَمِ امرأةٍ تغتنم الثواني فرصاً ثمينةً لترك أثر إيجابي في كل مَن يراها أو يحدّثها أو حتى يستمع إليها. وفي حوار خاص أجرته معها «الجمهورية» تعترف الإعلامية المخضرمة أنّ عفويّتها كانت بطاقة عبورها الأهم إلى قلوب الناس. ورغم سنوات العمل الطويلة في الإعلام المرئي والمسموع ورغم الوجه الذي اقترن بصورة الترفيه في زمنه الأكثر لمعاناً مع المخرج الكبير سيمون أسمر، ورغم كل الخبرة والمواصفات وحتى طول القامة ورشاقة القدّ إلّا أنّ رجلي ميراي مزرعاني ما تزالان على الأرض متجذّرتين بالتواضع وكأنه عروق تنغمس عميقاً في التراب.
لا تعنيها لعبةُ الشهرة بمواصفاتها الحالية ولا يبدو أنّ الأضواء أفقدتها أيَّ شيء من لمعان الروح الذي «يبوخ» من فرط «تمسيح الجوخ» في حالات مشاهير كثيرين!
ها هي اليوم مستمرّة بمرافقةِ صباحاتِ مستمعي إذاعة «فايم اف ام» من خلال برنامج «أحلى صبحية» الذي انطلق منذ نحو عام ونصف.
«أحلى صبحيّة مع ميراي»
بالنسبة إليها: «إنها «أحلى صبحية» فعلاً، ومشواري الإعلامي بدأ في الإذاعة قبل التلفزيون فقد عملت لمدة طويلة في إذاعة «لبنان الحر»». وتضيف: «الإذاعة هي الأساس ومن خلالها انتقلتُ إلى التلفزيون. والعملُ الإذاعي ليس سهلاً ويتطلّب التزاماً يومياً، وتجدّداً ومتابعةً وللإذاعة سحرُها الخاص وأنا أعشقها ومن خلالها أتواصل مع الناس مباشرةً وأنخرط بالأحداث اليومية. العمل الإذاعي رائع، وكل يوم أصحو مليئةً بالحماسة والنشاط والإيجابية للتواصل مع أصدقائي المستمعين الذين تمتدّ علاقاتي ببعضهم لسنوات طويلة».
محبةُ الناس لميراي مزرعاني مستمرّة من «أوّل المشوار»، وللإعلامية المميّزة مكانة خاصة لدى المشاهدين والمستمعين، على حدٍّ سواء، وتقول مزرعاني: «هذا لأنني أشبه الناس، لا أتكبّر عليهم أو أتفلسف، فلطالما كنتُ طبيعية وعفوية. التواضع هو الأهم في العمل الإعلامي، فمَن نكون نحن من دون محبة الناس ومتابعتهم».
نسأل الإعلامية التي أطلّت على المشاهدين طيلة عشرين عاماً، وحصدت الشهرة والنجاح، عمّا إذا كانت تفتقد إلى الشاشة والظهور وعمّا إذا كانت الإذاعة تعوّض غيابَ الصورة، فتقول: «لست مقهورةً على خسارة أضواء الشاشة، والإذاعة عوّضتني عن التلفزيون فأنا لم أترك التلفزيون وأجلس في المنزل كما هي الحال مع معظم إعلاميّي جيلي الذين غابوا تماماً عن العمل الإعلامي سواءٌ بقرارٍ شخصي أو لأسباب أخرى».
مخاطبة الفئات كلها
وعن انتقالها من إذاعة الشرق حيث عملت لثماني سنوات، إلى إذاعة «فايم. أف. أم.»، تشرح أنّ «الظروفَ المادّية القاسية التي مرّت بها الإذاعة كانت السببَ الأساس»، وتقول: «أحبّ المسؤولين عن إذاعة الشرق كما أنني قدّمت برنامجين على شاشة تلفزيون المستقبل، إنما عرض إذاعة فايم. أف. أم. كان مناسباً لي أكثر سواءٌ من ناحية قرب مكان العمل من سكني أو لناحية العرض ككل».
وميراي مزرعاني التي تحاور في برنامجها الإذاعي نجوماً من الميادين كافة، ترى أنّ «المقابلات المنوّعة مع نجومٍ واختصاصيّين والاتّصالات مع كل الفئات الشعبية والعمرية مهمة جداً ويجب أن يكون لها حيز ضمن البرنامج الإذاعي، فلا يُمكن أن ينحصر البرنامجُ بكلامِ المذيع وآرائه».
وتشير إلى أنها تشعر بسعادة عارمة حين يتصل بها أولاد صغار ويحدّثونها قبل ذهابهم إلى المدرسة «هؤلاء الصغار هم الأثمن فما الذي قد يجبرهم على الاتّصال لولا المحبّة وهي غالية عندي لا بل الأغلى. محبة الناس لا تثمَّن وأنا أشعر بكثير من الامتنان كلما عبّر الناس لي عن حبهم فهم يشحنونني بالطاقة وأنا أحاول أن أردّ لهم ما استطعت من الإيجابية والاهتمام».
حميميّةٌ بين الصوت والأذن
يزدحم أثيرُ الإذاعات صباحاً بالبرامج وبأصوات المذيعات، وإذ تشير مزرعاني إلى أنها لا تستمع إلى البرامج الأخرى لأنها تُبَث وبرنامجها في الوقت نفسه، تقول إنّ «لكلِّ مذيعة أسلوبَها وجمهورَها الخاص وناساً يحبونها ويستمعون إليها ويتابعونها مهما تنقّلت بين الإذاعات». وتشير، إلى أنّ «هناك حميمية تُخلق بين صوت المذيع والمستمعين، وقد يتعلّق المستمع بصوتٍ واحد ولا يستمع إلى غيره»، وتضيف: «الأهم في الإذاعة أن يستمرّ المذيع وأن يُطلعَ الناس على ما يهمّهم ويعنيهم».
وعن التنافس بين البرامج والمذيعات، وادّعاء كل طرف أنه «الرقم واحد»، تقول مزرعاني: «نحنا أحلى صبحية»، غامزةً بطريقتها العفوية المحبّبة إلى تميّز برنامجها في هذا السياق.
اعتذرتُ عن هذه العروض
وعن تجربتها التلفزيونية الأخيرة في تقديم برنامج «صوتك شغلة» الذي شارك فيه المخرج سيمون أسمر كعضو لجنة تحكيم، تلفت مزرعاني إلى أنّ «سيمون أسمر عبّد لي الطريق إلى الإعلام، ومدينةٌ له بالفرصة الأولى. هذا الشخص لا يتكرّر ولا ذاك الزمن يعود».
وترى الإعلامية اللامعة أنّ «لكلّ زمن ناسه وأربابه، وأنّ اليوم عصر الدراما تلفزيونياً».
وفيما تكشف أنها خلال مشوارها الزاخر تلقّت كل أنواع العروض في مجال التمثيل من مسرح إلى سينما وتلفزيون، إلّا انها تشدّد أنها كانت ترفض مهما كان العرض مغرياً، حيث تؤكّد «رفضتُ عروضاً كثيرة تلقّيتها من دون تردّد رغم أنّ المغريات كانت كثيرة ولكنني لا أتعدّى على مجال لا أجيده ولم أكن يوماً غاوية شهرة مجانية».
زمنٌ جميل
وتقول إنّ البرامج الترفيهية الراقية التي كانت تُقدّم سابقاً على الشاشات وتصنع رونقَ التلفزيون «ما بقى ترجع»، وتعتبر أنّ «زمنَ التلفزيون الجميل الذي لا يتكرّر ببرامجه وناسه وإعلاميّيه كان مع رياض شرارة والـlbci وسيمون أسمر والفنانين الكبار مثل صباح ووديع الصافي وسميرة توفيق وبرنامج «استوديو الفن» ومن هنا كانت بدايةُ فنانين كثر من أمثال وائل كفوري وراغب علامة وعاصي الحلاني… كانت أيام رائعة ولا أندم على أيِّ عملٍ قُمتُ به أو قدّمته على الشاشة «. وتضيف ممازحة: «تجربتي التلفزيونية كانت أكثر من جيدة «بشوي»!