يستغل الرئيس السوري بشار الأسد الانشغال الدولي بملفات متعددة لتحقيق مكاسب على الجبهة الجنوبية وكسر اتفاقيات مناطق خفض التوتر التي ترعى بعضها الولايات المتحدة وتهدد بالرد على محاولات خرقها. كما يستفيد من التعاطي الأردني الهادئ ورغبة عمان في تشجيع حل سياسي بين فرقاء الأزمة بما يساعد على عودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان وقياديون في المعارضة الجمعة عن قيام طائرات هليكوبتر تابعة لدمشق بإسقاط براميل متفجرة على مناطق تسيطر عليها المعارضة في جنوب غرب البلاد للمرة الأولى منذ عام.
وقال مراقبون للشؤون السورية إن الهجمات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام السوري في جنوب البلاد لم ترتفع إلى حدود الحسم العسكري الذي عرفته منطقة الغوطة بالقرب من دمشق قبل أشهر، وإن الهدف من العمليات إرباك مسار أستانة والأرضية السياسية التي انتهى إليها كرافد لمسار جنيف.
ولا يستبعد هؤلاء أن يكون القصف اختبارا لتهديدات واشنطن بوقف الهجوم، فضلا عن الضوابط التي وضعتها إسرائيل في حوارها مع روسيا بشأن الوضع في الجنوب السوري.
وكانت واشنطن كررت الخميس مطلبها باحترام المنطقة، محذرة الأسد والروس الذين يدعمونه من “عواقب وخيمة” للانتهاكات، واتهمت دمشق ببدء الضربات الجوية والقصف المدفعي والهجمات الصاروخية.
هجوم يختبر ثبات المعارضة في الجنوب
وتتناقض المطالب الأميركية مع ما أعلنه الأسد مؤخرا من خطط لاستعادة المنطقة الواقعة على الحدود مع الأردن ومع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وتفيد بعض المصادر الدبلوماسية بأن أي تحرك لجيش النظام السوري يتم بالتنسيق الكامل مع روسيا، وأن تصعيد الموقف في الجنوب قد يكون مطلبا روسيا لخدمة مفاوضات حول الأمر تجري بين موسكو وواشنطن.
وقال المتحدث باسم جماعة جيش الثورة التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر أبوبكر الحسن إنه يعتقد أن النظام “يختبر أمرين: ثبات مقاتلي الجيش الحر ومدى التزام الولايات المتحدة الأميركية باتفاق خفض التصعيد في الجنوب”.
ورغم أن قوات الحكومة استخدمت القصف المدفعي والصاروخي بشكل مكثف فإنها لم تلجأ بعد إلى القوة الجوية التي كانت عاملا حاسما في استعادتها لمناطق أخرى من قبضة المعارضة. ويقول مقاتلو المعارضة إن الطائرات الحربية الروسية لم تشارك.
ويركز الهجوم على عدة بلدات خاضعة للمعارضة خاصة بصر الحرير الواقعة شمال شرقي مدينة درعا، ويهدد بشطر منطقة خاضعة للمعارضة تمتد شمالا إلى أراض تسيطر عليها الحكومة السورية.
ويدور النقاش الدولي حول مطالب الأردن وإسرائيل بإخلاء منطقة الجنوب من أي تواجد عسكري إيراني أو موال لإيران لمسافة تصل إلى 35 كلم عن الحدود السورية مع إسرائيل والأردن.
وفيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات تابعة لحزب الله قد بدأت فعلا بالانسحاب من المنطقة، رأى مراقبون أن دمشق وموسكو حريصتان حتى الآن على إقصاء أي قوى عسكرية تابعة لطهران من أي مشاركة في العمليات العسكرية الحالية الجارية في تلك المنطقة.