Site icon IMLebanon

لم نعد نهتم لشيء (بقلم رولا حداد)

بكل بساطة ووضوح: يئسنا ولم نعد نهتم لشيء.

لا يهمنا متى تتشكل الحكومة وكيف ومن يتمثل فيها ومن لا يتمثل.

لا يهمنا كيف تتوزع حقائب الجبنة على القوى السياسية وأي حصة ستكون الأكبر.

لا يهمنا من سينال “الوزارات السيادية” في بلد لم يبقَ من سيادته غير الشعار.

لا يهمنا من سينال “الحقائب الخدماتية” لأنها تؤمن الخدمات لـ”الأتباع” بمنطق الزبائنية السياسية ليس أكثر.

لا يهمنا من يملك الثلث المعطل في بلد بات كله معطلاً بسبب “مسؤولين عاطلين”!

نعم، لم نعد نهتم لشيء.

يهوّلون علينا بأن لبنان مقبل على انهيار اقتصادي. تبّاً لهم، وما الهمّ؟ البطالة تخطت الـ35%. أكثر من 25% من الشركات والمؤسسات الخاصة ستعلن إفلاسها قريباً. التهرّب الجمركي والضريبي والتهريب يحصلون “على عينك يا تاجر” وبمعرفة وغطاء رسميين. الكهرباء في أسوأ أوضاعها لأن الدولة عاجزة حتى عن شراء الفيول ولا يزال المسؤولون يتعنتون في رفض خصخصة الإنتاج على الأقل في حين ندفع كمواطنين “جزية” لأصحاب المولدات حتى لا نعيش في جهنم حقيقي في منازلنا من دون كهرباء. أما المياه فأصبحت في خبر كان. تأمين الإنترنت في عصرنا بالنسبة للدولة بات كمن “يكتشف البارود”، أما حلّ أزمة السير التي تسبب الهستيريا اليومية فكأنها تحتاج عجائب إلهية لا خطط عملية!

المدارس الخاصة تنهش من لحم أهالي الطلاب والمدارس الرسمية قائمة للتنفيعات وتنهش من الخزينة من دون نتيجة أو مستوى. أما بيئتنا فحدّث ولا حرج: النفايات تملأ شاطئنا ومياهنا، والكسارات والمرامل تنهش جبالنا ولم يبق من لبنان الأخضر غير أغنية فيروز. وكل ما سبق يؤدي إلى نتيجة واحدة: حالات الانتحار في لبنان تتضاعف بشكل غير مسبوق.

والأنكى من كل ذلك أن الفساد استشرى في كل مفاصل الدولة، والمسؤولون يحدثوننا عن محاربة الفساد كمحاربة الأشباح، لا بل يتراشقون بالاتهامات على مسامعنا بكل وقاحة، والأسوأ أننا نعرف أن لا إصلاح في الأفق لأنهم يرفضون أن يوقفوا فسادهم، ولا محاسبة ممكنة لأننا أصبحنا مرتهنين لهم أو في أفضل الأحوال “مصفقين” أغبياء تابعين لهذا الزعيم أو ذلك ولهذا الحزب أو ذاك بشكل أعمى.

لم يعد يهمنا شيء لأن السياسة فرقتنا من دون أن تتمكن مصائبنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية من أن توحدنا، وكم بتنا نشبه ذاك الهرّ الذي يلحس المبرد، ونحن نتلذذ بانتصار وهمي لهذا الفريق وانتصار دونكيشوتي لذلك الزعيم في حين أن الهيكل ينهار على رؤوسنا جميعاً ونحن نتجادل بمنطق “زعيمي أقوى من زعيمك”… فعلى لبنان السلام!