“هبة بارة، هبة ساخنة” هكذا يمكن وصف مفاوضات مسار تأليف الحكومة الذي يبدو أنه ما زال يعاني من العقد والصعوبات وإن كان ثمة تباين بين الأطراف حول طبيعتها. ففي ظل تأكيد العديد من الأطراف ان العقدة داخلية حول توزيع الحصص، يشكك آخرون بذلك ويؤكدون ان العقدة خارجية تنعكس على المطالب المتشددة. ماذا يقول عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب فادي علامة لـIMLebanon عن مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري وأي انعكاسات على الوضع الاقتصادي الصعب في ظل تأخر التشكيل؟ وما هي الأولويات التي يجب ان تركز عليها الحكومة؟
يعتبر علامة ان العقدة في تشكيل الحكومة داخلية تتعلق بشقها الأول بالعلاقة بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” في ظل عدم وضوح بالنسبة لاحجام القوى التي انتجها القانون الانتخابي الجديد، اما في الشق الثاني فلدى المكوّن الدرزي حيث ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يتمسك بتسمية 3 وزراء دروز في حكومة ثلاثينية. ويوضح انه لا ملاحظات لتدخل خارجي في التشكيل، لكنه يذكر بأن كل فريق في لبنان لديه تواصل وعلاقات مع فرقاء خارجيين الآن وقبل الانتخابات وبعدها كما قبل تشكيل الحكومة وبعدها، مشدداً على ان المشكلة بالحصص ويجب التركيز على هذه النقطة.
ويدعو الى تقديم تنازلات متبادلة خصوصاً وان الوضع الاقتصادي سيء جداً، مطالباً كذلك بتقديم تضحيات من قبل بعض المكونات التي تعتبر ان حجم تمثيلها أقلّ مما تستحقّه وذلك لمصلحة الشعب اللبناني.
ويقر علامة بأن لا معيار واضحاً للتمثيل الحكومة، داعياً إلى اعتماد المنطق في التعاطي مع الملف. ويقول: “اذا اردنا اعتماد معيار الانتخابات وإعطاء كل طرف ما حققه من نتائج فيها فسنخرج بحكومة من 60 وزيراً ولذلك فإن المنطق مطلوب”، مؤكداً أن الاولوية لتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستثني احداً لان مصلحة البلد تقتضي أن يكون الجميع مشاركا في الحكومة لخدمة لبنان قبل الوصول الى الحائط المسدود”.
وعن المهلة الزمنية التي تسبق الوصول الى هذا الحائط المسدود، يذكر علامة بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري أراد ان تكون ولاة الحكومة كعيدية في عيط الفطر لكنه اعرب عن اسفه للتأخر، متمنياً الإسراع في التشكيل بسبب الأوضاع الاجتماعية والمعيشية السيئة “الى درجة انه لا يجب ان ننتظر ابداً ولتشكل الحكومة الامس قبل الغد”.
مؤشرات خطرة
ويورد علامة الذي يمتلك خلفية اقتصادية بارزة خصوصاً في ظل عضويته في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ارقاماً اقتصادية مقلقة. ويشرح ان “لدينا صعوبات اقتصادية أساسية في ظل نسبة نمو متدنية ودين 85 مليار دولار وبطالة تصل نسبتها إلى ما بين 40 و45% وهذه مؤشرات خطرة في أي اقتصاد في العالم”، داعياً الى عدم نسيان ان لبنان خارج من “مؤتمر سيدر” الذي توسّم منه معظم الفرقاء خيراً رغم “نقزة” لدى البعض.
ويلفت الى اجماع حول أن لبنان قادر على الاستفادة من قروض المؤتمر التي بلغت 11 مليار دولار وفق الآليات التي منحت على اساسها وكل ذلك يمكن ان يؤدي الى صدمة إيجابية للاقتصاد وتحريك العجلة الاقتصادية وخلق فرص عمل، مشدداً على ان هذه المليارات تنتظر تشكيل الحكومة بعد انتخاب برلمان لتتمكن من العمل على المشاريع وتوظيف القروض في الأماكن الصحيحة.
وعن أولويات الحكومة المقبلة، يشير الى اجماع على محاربة الهدر والفساد، مذكرا بطرح الكتلة موضوع وزارة التخطيط كي يكون التخطيط مركزيا، ومعرباً عن اسفه لان كل قطاع لديه خطة واضحة لتفعيل العمل لكن لا رابط مركزياً يخطط للبلد ويحدد الأولويات.
ويأمل ان يحمل الوزير الذي سيتولى رأس هرم وزارة دولة لشؤون التخطيط اقتراح قانون الى مجلس النواب لانشاء وزارة تخطيط كي تكون لديها صلاحيات توظيف الطاقات في المكان الصحيح “والا نكون نهدر بخطط عشوائية المال العام”.
اما في ما خص المجال الصحي والاستشفائي والذي يوليه أهمية كبيرة كونه المدير التنفيذي لمستشفى الساحل، فيرى علامة ان الأولوية في المرحلة المقبلة يجب ان تكون متعلقة بوفير بطاقة صحية لاي مواطن لا تغطية لديه الى جانب غلاء الدوء وهو أمر أساسي، كاشفاً ان لبنان من اغلى الدول في العالم في الدواء وكيفية استيراده وتسعير الكلفة الحقيقية. ويشدد كذلك على اولوية ملف المستشفيات الحكومية التي يعتبر ان قسما منها نجح في مقابل فشل قسم اخر، معتبراً ان من حق المواطن الذهاب الى مستشفى حكومي فعال يقدم العناية المطلوبة والكاملة له.