Site icon IMLebanon

هل “يحكم” عون في النزاع بين اليمونة والعاقورة؟

كتب رامح حمية في صحيفة “الأخبار”:

ما يحصل بين اليمونة والعاقورة يطرح الكثير من علامات الاستفهام، «هي مشكلة على عقار» يريد البعض استثمارها سياسياً وطائفياً وإعلامياً، بحسب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي توقف عند «التوقيت المشبوه»، وتمنى ألا يتم تحويل الملف إلى ملف طائفي وأن يكون الملف بيد الجيش، ونبّه إلى أن دفع الأمور باتجاه استخدام السلاح والتحريض الطائفي والإعلامي يصل إلى حدّ الخيانة الوطنية

تصاعدت وتيرة التصريحات بين بلديتَي اليمونة والعاقورة، إثر «الاعتداءات» التي حصلت على المشاعات المتنازع عليها بين البلدتين، في ظل إصرار كلا الطرفين على أحقية ملكيته لتلك المنطقة. الاعتداء الذي حصل منذ أيام على عنصرَي شرطة بلدية العاقورة من قبل شبان من اليمونة، وقبلها بأيام اعتداء من قبل شرطة بلدية العاقورة ومسلحين على رعاة من آل السرغاني استأجروا حق الرعي من بلدية اليمونة، أشعلا فتيل مشكلة عقارية تاريخية، في توقيت مشبوه لم تتضح أسبابه.

واعتبر رئيس بلدية العاقورة منصور وهبي في حديث إلى «الأخبار» أن «اعتداء أبناء اليمونة يتكرر كل موسم»، و«ما تمارسه بلدية اليمونة ليس إلا تعبيراً عن طمع بلا حدود بأراض يملكها العاقوريون بموجب مرسوم اشتراعي، بعدما مسحت من قبل لجنة مؤلفة من خمسة قضاة وخمسة مهندسين طوبوغرافيين، ولم تأت بعدها أي قرارات من قبل لجان أخرى»، وقال إن أعمال المسح التي قامت بها الجمهورية اللبنانية بعد عام 1943 «أقفلت»، بحسب وهبي، حدود اليمونة، متسائلاً: «كيف يطالبون بأراض خارج مساحة عقارات بلدتهم، في الوقت الذي باتت فيه الأمور بحكم المبرمة». وشدد وهبي على مطالبة الجيش بالانتشار على الخط الذي حدده القاضي عبدو أبو خير عام 1937، وتوقيف المسلحين الذين اعتدوا على عناصر الشرطة البلدية، ورئيس بلدية اليمونة «المحرض على الاعتداء».

النزاع التاريخي بين البلدتين يكمن في الخلاف على ما يقارب 20% من مساحة المشاعات التي تعتبرها اليمونة تابعة لها، في حين ترى العاقورة أنها تملكها بموجب قرار لجنة التحكيم المشاعية التي ترأسها القاضي عبدو أبو خير عام 1936 مع قائمقام بعلبك راشد طبارة والقاضي العقاري رفيق غزاوي.

لكن، ماذا عن رأي أبناء اليمونة في كل ذلك؟

يؤكد ابن البلدة والمتابع للملف بدراسة مفصلة فضل الله شريف لـ«الأخبار» أن أهالي البلدة اعترضوا على تقرير عبدو أبو خير «لوجود أخطاء عديدة فيه، ومنها على القرار الرقم 1040 الصادر عن الحاكم ترابو»، في حين أن هناك تقريراً صادراً عام 1954 عن اللجنة التي ترأسها شريف الحسيني بعضوية القاضي توفيق شربل والمهندسين زارا بغدراساريان ومحمد رعد، والذي نقض حكم لجنة أبو خير، باعتباره «قراراً مشوباً بأخطاء وعيوب فنية»، ويضيف:« بعد مراجعة دائرة الهندسة، تبين أن النقطة على ارتفاع 1542 متراً كانت جبل الكنيسة لجهة المريجات لا لجهة اليمونة، كما أن مساحة المشاع المتنازع عليها تقع ضمن المجال الحيوي لليمونة، وتم الاتفاق على إنشاء منطقة على اعتبار أنها من أملاك الدولة، وإعلان الحد الفاصل بين البلدتين، بحسب الوثائق العقارية القديمة والخرائط التفصيلية في وزارة الدفاع ومصلحة المساحة والقرارات المشاعية القديمة، من تلة رام الرأس ومفرق دوما، مروراً بطريق الوسط حتى تلة الرويس، غرباً لأهالي العاقورة وشرقاً لأهالي اليمونة».

ويتابع شريف أنه بعد الصدامات التي حصلت، تدخل الجيش وثبت اتفاق عام 1954، «فلماذا أقدم أبناء العاقورة على الاعتداء على مزارعين ضمنوا حق الرعي من بلدية اليمونة قبل أسابيع». وأشار شريف إلى الخطأ أن نظام المتصرفية والولاية سقط عندما أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير، وحينها كان يعتمد على الطريق الروماني القديم وقمم الجبال ومقلب المياه، من الضنية حتى ضهر البيدر للفصل بين حدود القرى في السلسلة الغربية، «فلماذا يجري تغيير هذه القاعدة من قبل بلدية العاقورة في هذا التوقيت المشبوه»؟.

بعد تقرير عبدو أبو خير والاعتراضات التي واجهته واعتبرته مشوباً بالعيوب الفنية، أصدرت الحكومات المتعاقبة 11 مرسوماً لتأليف لجان مهمتها تبيان العيوب واقتراح الحلول بين عامي 1947 و1955 وآخرها تقرير القاضي شريف الحسيني. إلا أن وهبي ينفي لـ«الأخبار» وجود تقرير غير تقرير عبدو أبو خير، لكن رئيس بلدية اليمونة طلال شريف يؤكد من جهته أن التقرير موجود، لكن لم يتم إقراره لأنه ترافق صدوره مع الصراع السياسي للتمديد للرئيس كميل شمعون، فكانت ثورة عام 1958 ولم يتخذ قرار بشأن ما توصلت إليه لجنة الحسيني «ولذلك نطالب الدولة بفتح تلك الملفات وبتّها».

رئيس بلدية اليمونة عقد مؤتمراً صحافياً في اليمونة، بحضور النائب إيهاب حمادة، أكد فيه أن الخلاف لم يسلك طريق العنف إلا منذ صدور قرار لجنة القاضي أبو خير، «لتستمر المشكلة العقارية بين أهالي البلدتين حتى عام 1967 وأدت الى وقوع ضحايا من البلدتين، ومن بعدها استمر أهالي اليمونة باستثمار هذه الأرض عن طريق تلزيمها لرعي الماشية حتى تكرس الحد الفاصل مؤقتاً بين البلدتين من النقطة الوسطية للغرب التابعة للعاقورة، ومثلها للشرق لليمونة، وحرص على تنفيذ ذلك الجيش اللبناني بتمركزه في تلك النقطة الوسطية»، نافياً ما أشار إليه رئيس بلدية العاقورة من أن الجيش كان موجوداً في تلك المنطقة من أجل نزع الألغام لأن الجيش السوري أزالها في عام 1992 أيام الرئيس الراحل الياس الهراوي.

واعتبر شريف أن توقيت إعادة فتح ملف النزاع مشبوه، وشدد على أن حق اليمونة وأهلها «لم ولن يتنازل عنه تحت أي ظرف وأن هذه المشاعات بمثابة كرامة ووجود أبناء البلدة»، مطالباً رئيس بلدية العاقورة «بالتوقف عن التصرفات المافيوية والمناورات العسكرية لعناصر مسلحين يتجولون بسيارات داكنة الزجاج ورباعية الدفع».

وشدد النائب إيهاب حمادة، من جهته، على ضرورة معالجة المشكلة العقارية بتشكيل لجنة فنية عقارية محايدة من قضاة عادلين في الحكم، يراعون الحقوق للجميع دون مذهبة الخلاف العقاري.

أما المختار طعان حبشي، فناشد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التدخل السريع لحل النزاع العقاري بين أبناء اليمونة والعاقورة وتقديم لغة العقل والمنطق والحق، «لأننا شبعنا من الأحداث والخلافات وذيولها».