لا يمكن لأحد أن يحدد فترة للرئيس المكلف كي يشكل الحكومة، فالمهلة بالنسبة له مفتوحة، وإن لم يتراجع هو عن التكليف تبقى الأمور سارية إلى ما شاء الله. في المقابل لا يمكن للرئيس المكلف أن يشكل الحكومة من دون رضى رئيس الجمهورية، فهي لا يمكن أن ترى النور من دون توقيعه وفق ما نص عليه الدستور في صلاحية هي من اختصاص رئيس الجمهورية وتجعل من أي رئيس رئيسا قويا اذا احسن استخدامها. الرئيس القوي هو القوي بشخصيته وبتطبيق الصلاحيات التي يتمتع بها في الدستور وبتطبيق القوانين، أما الحديث عن تطبيق الأعراف والتقاليد فلا تجعل من أي رئيس للدولة رئيسا قويا إذا أحجم عن استخدام صلاحياته وتطبيق الدستور والقانون، حتى ولو كان يتمتع بقوة شعبية وكتلة نيابية.
لقد شهدت رئاسة الجمهورية في لبنان رؤساء جمهورية كانت لهم في الحكومات حصص وزارية، وكان نائب رئيس الحكومة من نصيبهم، وكان لهم نواب مؤيدون في البرلمان وحتى مجموعات شعبية مؤيدة، لكنهم رغم ذلك اتهموا بالضعف، أو بعدم تطبيق الصلاحيات وأنهم لا يمثلون الناس وتحديدا الغالبية المسيحية. ولكن المفارقة أن من كال هذه الاتهامات لهؤلاء الرؤساء ولا سيما الرئيس اميل لحود عادوا ووقفوا إلى جانبه تحت شعار عدم السماح بالمس بموقع الرئاسة، الموقع المسيحي الأول، فتحول الرئيس لحود الذي كانوا يتهمونه بالضعف إلى رئيس قوي أمضى فترة رئاسته الممتدة حتى آخر لحظة.
الرئيس ميشال سليمان كان رئيسا مقبولا من الجميع في بداية عهده وكان يراد له أن يكون من دون طعم لون، وعندما بدأ يبدل في أدائه وفي صلبه إعلان بعبدا، بدأ الهجوم عليه تحت مسميات وقضايا متعددة وصلت ذروتها حين أطلق اسم المعادلة الخشبية على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، كما أنه أول رئيس للجمهورية بعد الطائف يتجرأ ويضع مشروعا متكاملا لتعديلات دستورية، تعيد التوازن للبلاد وترتكز على تعزيز دور رئيس الجمهورية وإزالة ثغرات في الممارسة ومنها المهلة المفتوحة لتشكيل الحكومة. إن قوة الرئاسة هي في قراراتها وخياراتها وتنفيذها، وليس في كتلة شعبية أو نيابية لأن الرئيس القوي لا بد وأن يقف إلى جانبه كل الشعب، وإن كان الشعب كشعبنا اللبناني مقسما طوائف ومذاهب ولن يتبدل، فعلى الأقل تكون الغالبية الساحقة من طائفته إلى جانبه كحال كل المسؤولين الآخرين الذين تقف طوائفهم إلى جانبهم ظالمين ام مظلومين وتلك هي حال لبنان ولن تتبدل.