تجنّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجزم بأن بلاده لن تعترف بضمّ موسكو شبه جزيرة القرم، واستبق قمة يعقدها الحلف الأطلسي الشهر المقبل، مكرراً مطالبته ألمانيا ودولاً أوروبية بزيادة إنفاقها الدفاعي، فيما أفادت معلومات بأن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تقوّم تكاليف سحب جنودها من ألمانيا.
وتطرّق ترامب إلى القمة التي ستجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي في 16 تموز المقبل، مشيراً إلى أنهما سيتحدثان عن «كل شيء». وأضاف: «سنتحدث عن أوكرانيا وسوريا. قد نتحدث أيضاً عن أمور خسرها الرئيس (السابق باراك) أوباما، مثل القرم. وسنتحدث عن الانتخابات (الأميركية). لا نريد أن يعبث أحد بانتخاباتنا»، علماً أن أجهزة الاستخبارات الأميركية خلصت الى أن موسكو تدخلت في انتخابات الرئاسة عام 2016، لمصلحة ترامب.
وسُئل الرئيس الأميركي هل ستعرف الولايات المتحدة بضمّ روسيا القرم عام 2014، فأجاب: «سنرى. الرئيس أوباما هو مَن سمح بحصول ذلك».
وجدّد مطالبته ألمانيا ودولاً أوروبية بزيادة إنفاقها العسكري، قائلاً: «على ألمانيا أن تنفق مزيداً من الأموال. إسبانيا وفرنسا، ليس من العدل ما فعلته (الدول الثلاث) للولايات المتحدة».
واتفق أعضاء الحلف الأطلسي على إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع سنوياً بحلول العام 2024، لكن ألمانيا وإسبانيا ودولاً أخرى قد تفشل في تحقق هذا الهدف. وتخطط فرنسا لزيادة إنفاقها الدفاعي بأكثر من الثلث، بحلول العام 2025، لبلوغ هدف الحلف. وتتحمّل الولايات المتحدة نحو 72% من الإنفاق الدفاعي للحلف، فيما بلغت 3 دول فقط عتبة 2%، هي بريطانيا واليونان وإستونيا. ويأمل مسؤولو «الأطلسي» أن تقرّ 4 دول أخرى، هي بولندا ورومانيا ولاتفيا وليتوانيا زيادة في إنفاقها الدفاعي خلال قمة الحلف المرتقبة في بروكسيل في 11 و12 تموز المقبل.
أتت تصريحات ترامب بعدما أعلن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال الجمعة أن الرئيس الأميركي وجّه رسائل إلى قادة 8 من دول الحلف، لتذكيرهم بتعهدهم. وأضاف: «لست منبهراً بهذا النوع من الرسائل. بلجيكا أوقفت تراجعاً منهجياً في إنفاقها الدفاعي وشاركت في عمليات عسكرية كثيرة».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر ديبلوماسي إن الدول الثماني التي تلقت الرسائل هي بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ولوكسمبورغ والنروج وهولندا وألمانيا. وكان ترامب وجّه رسالة مشابهة إلى كندا، ورد فيها أن هناك «إحباطاً متزايداً لدى الولايات المتحدة، لأن الحلفاء الأساسيين، مثل كندا، لم يزيدوا إنفاقهم على الدفاع كما تعهدوا».
وفي خطوة ستعزز مخاوف أوروبا و«الأطلسي»، أوردت صحيفة «واشنطن بوست» أن البنتاغون يقوّم تكاليف سحب الجنود الأميركيين من ألمانيا التي ينتشر فيها أضخم عديد من القوات الأميركية خارج أراضي الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخيارات التي ناقشها ترامب، نقل قوات أميركية من ألمانيا إلى بولندا. ونقلت عن مسؤولين أن التقويم لا يزال يُناقش على مستوى داخلي في وزارة الدفاع.
لكن ناطقاً باسم البنتاغون نفى أي فكرة حول سحب تلك القوات، لافتاً إلى أن الوزارة «تستعرض في انتظام وضع القوات وكلفة» انتشارها. وتابع: «لا نزال ملتزمين مع (ألمانيا) حليفتنا في الأطلسي، ومع الحلف».
وكان ترامب اعتبر خلال حملته الانتخابية أن «الأطلسي» بات «متقادماً»، وقال الشهر الماضي إن ألمانيا «تدفع إلى الحلف 1% (ببطء) من إجمالي ناتجها الداخلي، فيما ندفع 4% من إجمالي ناتج أكبر بكثير». وسأل: «هل هذا منطقي؟ نحمي أوروبا (وهذا أمر جيد) على رغم الخسارة المالية الضخمة، ثم نتلقى ضربات تجارية. التغيير آتٍ!».
إلى ذلك، أعلن السفير الأميركي لدى إستونيا جيمس ميلفيل استقالته من منصبه، نتيجة إحباطه من تعليقات ترامب حول الاتحاد الأوروبي وأسلوب تعامله مع الحلفاء الأوروبيين لواشنطن. وكتب على «فايسبوك»: «إن قول الرئيس إن الاتحاد الأوروبي أُسِس للاستفادة من الولايات المتحدة… أو إن الأطلسي سييء مثل (معاهدة) نافتا، ليس خطأً فادحاً فحسب، بل يثبت لي أن الوقت حان للذهاب».
وميلفيل ديبلوماسي أميركي بارز عمِل سفيراً لبلاده لدى دول البلطيق، ولدى إستونيا منذ العام 2015. وخدم في وزارة الخارجية 33 سنة.