تتوالى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الاميركية أوروبا فصولا، وآخرها خطوة تصعيدية لافتة سُجّلت اليوم حيث حذّر الاتحاد واشنطن من رد عالمي، يتمثل بتعرض صادرات أميركية بقيمة 294 مليار دولار لتدابير مضادة، إذا فرضت الأخيرة رسوما على واردات السيارات.
وذكرت المفوضية الأوروبية، التي تتولى السياسة التجارية لأعضاء التكتل الـ28 في رسالة إلى السلطات الأميركية: قد تتعرض صادرات أميركية تصل قيمتها إلى 294 مليار دولار.. من كافة قطاعات الاقتصاد الأميركي إلى تدابير مضادة”، وهو ما يساوي 19 بالمئة من مجموع الصادرات الأميركية للعام 2017، بحسب الرسالة.
وبذلك، تكون أوروبا ردت على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة الماضي، بتصعيد الحرب التجارية مع أوروبا عن طريق فرض رسوم بنسبة 20% على جميع واردات الولايات المتحدة من السيارات المجمعة في الاتحاد الأوروبي، بعد أن فرض رسوما على صادرات الصلب والألومنيوم الأوروبية.
هذا الواقع المتوتر، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، يدفع الى السؤال عن مستقبل العلاقة بين الطرفين، فهل تستمر في التراجع وتبلغ حد اللاعودة، أم ان المساعي المبذولة لرأب الصدع وخاصة من قبل الفرنسيين، معطوفة الى مناقشات مرتقبة بين الجانبين، قد تساهم في لجم التصعيد؟
فالرئيس الاميركي يشارك في اجتماع للدول الاعضاء في حلف شمالي الاطلسي –الذي لم يسلم بدوره من سهام ترامب- سيعقد في بروكسل مطلع الاسبوع المقبل، يومي الاربعاء والخميس 11 و12 الجاري (قبل اربعة ايام على انعقاد القمة الاميركية – الروسية في هلسنكي في 16 الجاري) وهذه المناسبة ستشكل فرصة لاستعراض مسار الامور بين “الاوروبي” وواشنطن.
إلا أن المصادر ترى أن ترميم العلاقات لن يكون مهمة سهلة، خاصةً وأن ثمة من يعتقد في القارة العجوز أن الرئيس الاميركي إنما يسعى إلى فرط عقد الاتحاد الاوروبي وتفكيكه اذ يرى ان احد اهداف إنشائه هو الاستفادة من الولايات المتحدة لا أكثر.
ولتحقيق هدفه، يستخدم ترامب كافة الوسائل، فتارة يصوب على سياسات دوله ومنها مثلا ألمانيا، وتارة ثانية يرفع السقف في وجه شركات الاتحاد الموجودة في ايران ويتوعّد بعقوبات على كل دولة تتعاطى مع الجمهورية الاسلامية، وطورا يضيق على الاوروبيين اقتصاديا وتجاريا. الا انه، وبحسب المصادر، لا يتردد ايضا في مطالبة بعض أعضاء الاتحاد بالانسحاب منه.
ففي حين يقال ان ترامب شجع بريطانيا على الخروج من الاتحاد، تلفت المصادر الى معلومات مفادها ان ترامب تمنى على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اثناء زيارته الاخيرة الى واشنطن، الانسحاب من الاتحاد الاوروبي وعقد اتفاق تبادل ثنائي مع الولايات المتحدة.
هذه الاجواء المشدودة، تتابع المصادر، تجعل التكهن في مصير العلاقات الاوروبية – الاميركية مهمة صعبة، خصوصا وأن ترامب، صاحب شعار “أميركا أولا”، لا يبدو في صدد مهادنة اي طرف دولي يقف في وجه توجهاته السياسية منها والاقتصادية، تختم المصادر.