يصيب الأرق جميع الفئات العمرية من ذكور وإناث. ولكنّ السيدات ما فوق الخمسة والستين هنّ معرّضات للأرق أكثر من الرجال. وطبعاً للأرق ميزاته الخاصة والتي تجعل الإنسان ضحيّة التعب النفسي والجسدي. التعب النفسي يكون سببه عدم القدرة على النوم بشكل سليم وصحّي والتعب الجسدي يكون لأنّ كلّ إنسان بحاجة كل يوم إلى ساعات محدّدة من النوم كي يستيقظ في اليوم التالي نشيطاً ومستعدّاً لعمله.
ما هو الأرق و ما هي أسبابه؟
قلّة ساعات النوم، مشكلة من الممكن أن يعاني منها كل إنسان لفترة معيّنة من حياته، بسبب مشكلةٍ ما يمرّ بها. وطبعاً قلّة ساعات النوم، تختلف كل الإختلاف عن الأرق، حيث المصاب بها، يريد أن ينام وهو بحاجة للنوم، ولكن لن يستطيع الإستسلامَ للنوم. فما هو الأرق بشكل بسيط؟
الأرق أو Insomnia، هو إضطرابٌ في النوم الذي يصبح متقطعاً، وذات جودة منخفضة، وهو أحد الإضطرابات التي تكلّم عنها الطبّ النفسي والعلاج النفسي وصدرت عنه العديد من الكتب والمقالات العملية وما زالت تصدر حتى يومنا هذا. وطبعاً يؤثر الأرق على حياة المصاب به، من الناحيتين النفسية والجسدية. وأكّدت دراسات علميّة بأنّ الأرق يمكن أن يظهر في مختلف الفئات العمرية ولكنّ الإحصاءات تؤكّد بأنه يطلّ برأسه في أواخر الثلاثنيات وكلما تقدّم الإنسان بالعمر، كلما زاد احتمالُ الإصابة بالأرق.
للأرق ثلاثة أصناف وهي:
أولاً، صعوبة في الإستسلام للنوم، عندما لا يستطيع بسهولة الشخص أن ينام، وسببه هو التوتر النفسي.
ثانياً، المصاب بهذا النوع من الأرق، لا يعاني من النوم، ولكن يعاني من الإستيقاظ المتكرّر خلال الليل، وعدم القدرة للنوم مجدّداً إلّا بعد ساعات.
ثالثاً، الإستيقاظ المبكر (الساعة الثالثة أو الرابعة فجراً) وعدم القدرة للرجوع إلى النوم.
أما الأسباب المباشرة لإصابة الإنسان بالأرق فهي التالية:
• «ميلاتونين» Melatonin هو هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية بالدماغ، وهو مسؤول عن إنذار الإنسان للنوم. ولكن بسبب تقدّم عمر الإنسان، ينقص إفراز هذا الهرمون في جسمه، ما يؤدّي إلى الأرق، فحوالى 85% من الناس، بعد عمر الخمسين، يلاحظون بأنّ عدد ساعات النوم قد انخفض لأنّ هرمون الميلاتونين، يفرز عادةً ابتداءً من (حوالى) الساعة التاسعة مساءً لمدة 12 ساعة. ولكن عند المسنّين هذه الإفرازات تصاب أيضاً «بالشيخوخة» ويتناقص عملها مع مرور الوقت.
• القلق هو من أهمّ العناصر التي تلعب دوراً سلبياً لظهور الأرق عند الإنسان. فكلنا نعرف، كلما تقدّمنا بالعمر، كلما زاد لدينا القلق، وبالتالي هناك علاقة «ودّية» ما بين القلق والأرق، بمعنى أنّه كلما زاد القلق، كلما ظهر الأرق. كما الإكتئاب والضغوط العائلية تساعد في إظهار الأرق.
• المشكلات العاطفية والإرهاق النفسي هما أيضاً من الأسباب المباشرة لطرد النوم من الجفون خصوصاً إذا كانت هذه المشكلات تتراكم عند الإنسان ولا يحاول أن يعالجها.
• بعض السيدات، خلال مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، يمكن أن يكنّ فريسة سهلة للأرق.
• عدم إنتظام الساعة البيولوجية الموجودة عند كل إنسان والتي تنظّم ساعات نومه. وسبب عدم الإنتظام هو التغييرات الكبيرة في حياة الإنسان منها: التغييرات الجغرافية (الإنتقال للسكن من بلد إلى بلد آخر) التغييرات المناخية، المفاجآت السارة أو الحزينة التي يمكن أن يمرّ بها الإنسان وغيرها.
• بعض الأدوية والكافيين (القهوة وأخواتها نيسكافيه، كابوتشينو…)، والنيكوتين (السجائر وتوابعها)، الكحول على أنواعه.
كيف يمكن تجنّب الأرق؟
هناك بعض النصائح التي يمكن أن يطبّقها كل شخص لتجنّب الأرق ومنها: أولاً الخلود إلى النوم في ساعة محدّدة والإستيقاظ في الصباح بساعة محدّدة أيضاً. ذلك يساعد في تنظيم «الساعة البيولوجية» الموجودة عند كل إنسان. تجنّب التدخين وتناول الكحول وطبعاً الإبتعاد عن الكافيين (أي القهوة…) خصوصاً حين يقترب موعد النوم. أما الأطفال الذين يجب أن يستعدّوا للنوم، أيضاً الراشدون، فيجب أن يتحضّروا لوقت النوم مثلاً، قراءة مجلة مسلّية، كتاب عن رواية ممتعة، كما غرفة النوم يجب أن تكون ذات حرارة معتدلة ومظلمة.
ماذا عن العلاج؟
«لكل داء، دواء» وطبعاً للأرق «دواء»، لا ضرورة أن يكون الدواء «كميائيّاً» ولكن يمكن أن يكون العلاج بسيطاً وغيرَ دوائي. فلمعالجة الأرق، أولاً، يجب معرفة الأسباب الكامنة أو الظاهرة التي أدّت لهذه الحالة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص. وطبعاً يجب معرفة إذا كان السبب بيولوجياً – جسدياً أو نفسياً أو يمكن أن يكون مزيجاً بين عدة عوامل. ولكن من المهم، عدم الإلحاح في محاولة النوم، بل يجب الخلود إلى الفراش عند الشعور بالنعاس. وطبعاً هذه الحالة مختلفة عند الأطفال الذين لا يريدون النوم ليس بسبب الأرق ولكن يريدون إكمالَ لعبهم أو ما شابه ذلك. وفي هذه الحالة، يجب التفسير للطفل بأنّ النوم مهمّ لصحّته الجسدية ولنموّه. ممارسة الرياضة عند الأشخاص الذين يعانون من الأرق، هي أساسية. فالرياضة مهمّة لتحريك الجسم وقد أثبتت الدراسات أنّ الحركة أثناء النهار تساعد المصاب بالأرق على النوم. الإستحمام بماء معتدلة قبل الخلود إلى الفراش، تساعد في استرخاء الجسم والإستسلام للنوم.