كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:
هل يكون التعثّر العقاري الذي شهدناه في الفترة الأخيرة لدى بعض الشركات العقارية مجرد أزمات فردية تعود لأسباب ادارية بحته؟ ام انها بداية لانهيار في القطاع العقاري سيتظهّر تباعا، في حال استمرت ازمة الاسكان من دون حلول جدية في وقت قريب؟
أكد نقيب المقاولين مارون الحلو ان لا انهيار في القطاع العقاري إطلاقا لأن القطاع كان ولا يزال قيمة ثابتة أهم من النقد. واوضح ان العقار مرّ بمراحل عديدة في السنوات الماضية، تنقّل فيها بين الجمود والارتفاع، ولكنها المرة الاولى التي نشهد فيها حركة شبه معدومة في بيع العقارات وشرائها.
وعزا الحلو في حديث الى «الجمهورية» الامر الى غياب النمو الاقتصادي في البلد، الى جانب الجمود في اسعار العقارات التي لم ترتفع منذ مدة، إذ ان العمليات التجارية في القطاع غالبا ما تنشط عندما يكون هناك ارتفاع مرتقب في اسعار العقار، بينما الواقع اليوم ان هناك عرضا وغيابا للطلب، الى جانب توقف بعض الاشغال في الدول العربية وافريقيا ما اثّر على اقبال المغتربين على شراء العقار في لبنان.
وأشار الحلو الى ان اسعار العقارات ترتفع في العادة مرة كل 7 سنوات، لكن القطاع يمر بجمود لافت، بحيث لم ترتفع اسعار العقارات منذ العام 2011.
ازمة الإسكان
يضيف الحلو: بالنسبة الى التطوير العقاري، نلاحظ ايضا جمودا في شراء الشقق السكنية، فلا حركة بيع على الشقق الكبيرة بسبب ارتفاع اسعارها، والطلب على الشقق الصغيرة متوقف بسبب أزمة الاسكان والتي كانت تعتمد على القروض المدعومة من مصرف لبنان ومن المؤسسة العامة للاسكان والصندوق المستقل للاسكان وبنك الاسكان.
وقال: «لا يمكن اعتبار الشركتين العقاريتين اللتين واجهتا ازمة عقارية مثالا ومؤشرا، فتعثّر بعض الشركات العقارية يمكن ان يحصل في كل بلدان العالم». لكن الحلو اكد ان امتداد ازمة الاسكان من دون توفير الحلول المطلوبة بشكل سريع وفي ظل غياب النمو الاقتصادي يمكن ان تؤدي الى المزيد من التعثر لشركات عقارية أخرى، لكنه شدد على اننا بعيدين جدا عن اي انهيار للقطاع العقاري.
وعزا الحلو التعثر في بعض الشركات العقارية الى بعض الاخطاء الادارية التي تلجأ اليها الشركات مثل اتكالها على بيع الشقق قبل المباشرة بالبناء، واتكالها على اموال الشاري في حين المطلوب من الشركات تأمين حد أدنى من رأس المال لأي مشروع عقاري تنفذه، والبيع بعد المباشرة بالبناء يؤمّن حدا ادنى من الثقة بين الشاري والشركة العقارية، ولا يجوز مطلقا المباشرة ببناء مشروع عقاري مرتكز كليا على اموال الشاري، بحيث اذا غاب الشاري يتعثر المشروع بأكمله.
اضاف: ان تعثر بعض الشركات العقارية لا يعني مطلقا ان العقار بأكمله متعثر، لا شك ان هناك صعوبات ونرجو من الحكومة أن تنتهج سياسة اقتصادية واسكانية ناجحة تنقذ فيها الوضع الاقتصادي المتردي.
الحكومة المقبلة
عن المطلوب من الحكومة المقبلة، قال: الخطوات المطلوبة اقتصادية شاملة لا تنحصر فقط بالشق العقاري، عليها أن تخلق نموا اقتصاديا، لضخ السيولة في السوق اللبناني. هذه السيولة تأتي اما من المستثمرين او من المساعدات والهبات، وقال: يجب على الدولة ان تباشر بالاستثمار في مشاريع البنى التحتية ولدى الدولة مشاريع وهبات لا يستهان بها انما ينقصها بعض الاموال لانجاز الاستملاكات…
تابع: المشكلة في لبنان انه ليس لدينا دورة اقتصادية طبيعية في الوقت الحاضر، الى جانب افتقادنا للسيولة لأن المصرف المركزي يعطي المصارف فوائد مرتفعة وبالتالي لا يتشجع المصرف على الاستثمار.
قطاع المقاولات
عن قطاع المقاولات، شكا الحلو من ارتفاع الفوائد على المقاولين، الى جانب الكثير من المقبوضات التي تستحق لهم من الدولة، تقدر بنحو 100 مليون دولار وتعود لعشرات السنين، الا انهم لم يقبضوها بعد وهذا أكثر ما يؤثر على وضعهم. وقال: كحل لهذه المشكلة، طرحنا استبدال هذه المتأخرات بسندات خزينة تعطى للمقاولين. كما طالب الحلو مجلس الانماء والاعمار ووزارة الاشغال بطرح مشاريع جديدة في البلد من شأنها ان تحرّك العجلة الاقتصادية.
ودعا الى خلق دورة اقتصادية سليمة تمكننا من الصمود في وجه الأزمات الاقتصادية. وطالب بتعيين وزراء عمليين ببرنامج عمل واضح واختصاصيين يقدمون على خطوات يتمكنون من خلالها بتحريك العجلة الاقتصادية في اسرع وقت ممكن.
سيدر واعادة اعمار سوريا
من جهة اخرى، أكد الحلو ان قطاع المقاولات يعوّل على التمويل المؤمّن من سيدر لمشاريع البنى التحتية الى جانب الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي سيكون لها الدور الاساسي بانجاح هذه المشاريع، الى جانب الاموال الموجودة في المصارف والاموال الاجنبية التي يتوقع ان تدخل الى البلد ما من شأنه ان يعزّز الميزان التجاري في البلد.
وعن الدور الذي سيلعبه قطاع المقاولات في اعادة اعمار سوريا، قال الحلو: لا شك انه سيكون للبناني الدور البارز في اعادة اعمار سوريا خصوصا وان لبنان شارك في اعمار غالبية الدول العربية وخبراتنا كبيرة في هذا المجال الى جانب الاعداد الكبيرة من المهندسين المتفوقين الذين نخرّجهم سنويا، عدا عن ان سوريا بحاجة الى شريك محلي، والمقاول اللبناني هو من اكثر المؤهلين للقيام بهذا العمل.