كتبت كاتيا توا في صحيفة “المستقبل”:
لا يكاد الوالد المفجوع يدخل قاعة محكمة الجنايات في بيروت التي كانت منعقدة برئاسة القاضي سامي صدقي وعضوية المستشارين القاضيين لما أيوب وربيع المعلوف، وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي يحيى غبورة، حتى يخرج منها، ليس بسبب الحرّ الشديد داخل القاعة بفعل كثرة الموقوفين في قفص الاتهام وأنسبائهم الذين جاءوا لمتابعة جلسات محاكمتهم، وغياب المكيّفات، واقتصار «التكييف» في تلك القاعة الكبيرة، على «مروحة» يتيمة يكاد يلامس هواؤها «المصطنع» وجوه هيئة المحكمة.
كان الوالد سهيل ظماطا، «يبحث» عن المتهم الثاني بقتل وحيده مارسيلينو، حسن فقيه، بعد سوق المتهم الأول الفلسطيني أحمد سعد إلى قفص الاتهام من سجن رومية المركزي. تأخر سوق الأول قرابة الساعة من سجن عاليه، كان الوالد خلال الدقائق الستين تلك، يدخل ويخرج من وإلى القاعة قلقاً، وإنْ كان يعلم مسبقاً أن مصير الجلسة هو الإرجاء بسبب تمسكه ووكيله المحامي ربيع معلولي بسماع إفادة شاهد أساسي في الجريمة والذي لم يتم إبلاغه بداعي السفر. فالوالد، ومنذ إحالة القضية أمام محكمة الجنايات في بيروت وهو يحرص على حضور كافة الجلسات على رغم تمثله بمحام، ورغم أن تلك اللحظات، لحظات مواجهة قاتلي وحيده، تضعه في موقف صعب، حين يجد نفسه عاجزاً عن القيام بأي شيء سوى الانتظار للاقتصاص من القتلة.
دقائق معدودة استمرت الجلسة التي رفعها رئيس المحكمة القاضي سامي صدقي إلى 26 تشرين الثاني المقبل، بعدما أصرّت جهة الادعاء المتمثلة بالمحامي معلولي وبالمدعي الشخصي ظماطا على سماع إفادة الشاهد د.م. الذي كان شاهداً على الجريمة من شرفة منزله القريبة من مكان حصولها في ساحة ساسين في الإشرفية في 16 شباط عام 2016، ورأى بأم العين كيف كان القاتل سعد يوجه ضربات سكينه باتجاه المغدور حتى لفظ أنفاسه، فيما كان الثاني فقيه يشلّ حركة المغدور ويمسك بيديه عندما كان الأخير يتلقى الطعنات من القاتل لسبب تافه، بدأ بتلاسن بين الطرفين لينتهي بالشاب مارسيلينو جثة باتت تحت التراب وهو في عزّ شبابه ووحيد والديه.
ويأتي إصرار الجهة المدعية على سماع إفادة هذا الشاهد، لمواجهة المتهمَين اللذين زعما أثناء استجوابهما أمام المحكمة بهيئتها السابقة في 26 كانون الثاني العام 2017 عدم قصد قتل المغدور.
في تلك الجلسة، أفاد المتهم سعد بأنه «شعر بالخوف» عندما تلقى ضربة بقبضة يد من المغدور ليردّها له بطعنات سكين قاتلة «دفاعاً عن النفس»، وهو الذي قاتل إلى جانب صفوف «حزب الله» في سوريا، كما ذكر المتهم، الذي كرر أكثر من مرة بأنه لم يقصد قتل المغدور، الذي كان أعزل من أي سلاح، إنما كان «يلوّح بالسكين» لإخافته وإبعاده عنه. لكن المتهم أمعن في ضرب المغدورأربع طعنات أصابته مقتلاً.
وحرص المتهم سعد خلال استجوابه آنذاك،على تبرئة رفيقه في الجريمة وفي «النضال» إلى جانب «حزب الله»، فـ«فقيه أغمي عليه بعد أن حاول الدفاع عني عندما تلقى ضربة من المغدور»، وهذا ما زعمه فقيه أيضاً في حين أن أكثر من ثلاثة شهود على الجريمة أكدوا أن فقيه حاول شلّ حركة المغدور وأمسكه من يديه عندما راح الأخير يتلقى الطعنات من القاتل.