كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:
عقدة تمثيل النواب السُّنة المُعارضين لتيار المُستقبل في الحكومة الجديدة موجودة على طاولة التأليف، ولو أنها لا تتقدم على غيرها من العقد. رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، لا يريد الاعتراف بهذه المعارضة، خصوصاً بعد أن تلقّى منها أوجع الضربات الانتخابية، ما أدى ليس إلى خسارته ثلث المقاعد النيابية السُّنية، بل فقدانه حصرية تمثيل تياره للطائفة السنية بأكملها. قبِل الحريري مُرغماً كأس الانتخابات المرّة، التي أتت بعشرة نواب سُنّة من خارج عباءته، ولو أن بينهم نائبين لا يصنّفهما خارج «بيته» (فؤاد المخزومي وبلال عبدالله)، لكنه سيحارب كي لا تنسحب النكسة النيابية على معادلة التأليف الحكومي. لذلك، يردد الحريري منذ ما قبل تكليفه تأليف الحكومة أنه لن يسجل على نفسه أنه وافق على تمثيل هؤلاء في حكومته الثالثة، ولو بوزير واحد.
هذا الرفض الحريري لا يستسيغه المُعارضون، لكنهم يتأنّون في إعلان موقفهم. حينَ جرى التداول بمعيار «وزير لكل أربعة نواب»، سارع ستّة نواب منهم إلى «جمعة» ضمّت كلاً من النواب جهاد الصمد، عدنان طرابلسي، فيصل كرامي، قاسم هاشم، الوليد سكرية، وعبد الرحيم مراد. هذه الفكرة رماها رئيس الجمهورية ميشال عون. حين أكد له المعارضون السُّنة حقهم في التمثيل الوزاري، سألهم عمّا إذا كان باستطاعتهم تشكيل كتلة، فكانت فكرة اللقاء التشاوري، بدعوة من مراد.
ومع أن سعد الحريري يؤيد المعيار الذي يستند إلى نتائج الانتخابات النيابية، لكنه لا يزال يرفض بالمطلق تمثيل معارضيه المنتمين إلى الطائفة السُّنية، وفق ما يؤكّد النائب مراد. رفضه هذا «يعني تهربه من الاعتراف بوجود نسبة 40 في المئة من الطائفة السُّنية لا تؤيّد خطّه السياسي». يستغرب مراد إصرار الحريري على تجاهل معارضيه واستبعادهم. أيُّ سلوك يؤدي إلى تكريس ثنائية أو ثلاثية في الطائفة السُّنية، كما هو الحال عند الشيعة والمسيحيين والدروز، ليس مقبولاً في أعراف الحريري.
في المقابل، يسجّل على معظم هذه المعارضة تمسكها بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة. يُستثنى من ذلك النائبان جهاد الصمد وأسامة سعد. كان بمقدور الآخرين تسمية أحدهم أو الامتناع عن تسمية الحريري أو غيره. الغريب أن بعض هؤلاء أعطوا الحريري الشرعية التي يُصرّ هو على الردّ عليها بإنكار وجودهم. فهل يندم هؤلاء النواب على ما اقترفت أيديهم؟ يؤكّد مراد لـ«الأخبار» أن هذه الخطوة كانت عبارة عن مبادرة حسن نية من قبلنا تجاه سعد الحريري، «ولم نندم عليها». يضيف: «في حال عدم تمثيلنا في الحكومة، سنكون سوبر معارضة. أما مسألة حجب الثقة عن الحكومة، فلا يُمكن أن نفتي بها بشكل منفرد الآن. سيكون لنا اجتماع يومَ غد وموقف موحد، ولكل حادث حديث».
مبادرة حسن النية التي أشار إليها مراد سابقة للانتخابات النيابية. يعود عبد الرحيم مراد إلى ما قبلَ عامين ليتحدث عن لقاء جمعه بالرئيس الحريري بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق. إذ ذاك، قال رئيس حزب الاتحاد للحريري أن «ليس بإمكانك مهاجمتنا فقط لأننا نقف في صف المقاومة وسوريا».
أين هو حزب الله من مسألة تمثيلكم؟ وهل يخوض الحزب معركة المعارضة السُّنية، أم سيترككم تخوضونها وحدكم؟ يجيب مراد بأن السيد حسن نصرالله «عندما تطرق في خطابه الأخير إلى مسألة المعيار الموحد للتمثيل استناداً إلى نتائج الانتخابات النيابية إنما كان يقصدنا». يقول مراد: «إننا على تنسيق دائم مع الإخوة في حزب الله، وقد استفسرنا منهم ما إذا كان موقفهم من تمثيلنا يقتصر على التمنيّ، أو أن هناك إصراراً من قبلهم، فأكدوا أنه سيكون هناك إصرار وتمنٍّ، وأنهم فاتحوا الرئيس المكلف في هذا الأمر».
قد تكون عودة الحريري في هذه المرحلة إلى السرايا الكبيرة حاجة أساسية لمعظم القوى السياسية في البلد. الجميع يريده في رئاسة الحكومة. لعلّ معرفته بذلك تدفعه إلى التشّدد «عسى ألّا يدفع هذا التشدّد الآخرين إلى التنازل له» يقول مراد.