Site icon IMLebanon

واشنطن على وشك تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية

اعلنت مصادر أميركية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب باتت تفكر بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ضمن محاولات مضاعفة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لعزل إيران على الساحة الدولية.

وتشهد أروقة المؤسسات الأميركية الحساسة انقلابا في وجهات النظر في ما يتعلق بموقف الإدارة من الحرس الثوري، إذ كان المسؤولون الأميركيون يخشون على الدوام من أن يؤدي مثل هذا القرار إلى تعريض القوات والسفارات الأميركية في الخارج إلى أعمال انتقامية من قبل إيران.

وظلت هذه العقيدة قائمة إبان حكم إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، كما لم يتغير تقييم أجهزة الاستخبارات الأميركية، الذي ظل رافضا لإقدام الإدارة على “تصنيف جيش دولة أجنبية ككيان إرهابي، وما يتطلبه ذلك من إجراءات سيكون على الولايات المتحدة اتخاذها ضد هذا الكيان”.

ويبدو أن التغييرات التي أجراها ترامب في صفوف كبار المسؤولين في الإدارة، بالإضافة إلى قراره في مايو الماضي بالانسحاب من الاتفاق النووي، أحدثا زلزالا في العقيدة السياسية الأميركية، ونظرة النخبة في واشنطن لدور الحرس الثوري.

وذكرت قناة “سي أن أن” على موقعها الإلكتروني إن قرار تصنيف الحرس الثوري الإيراني، الذي يتبع بشكل رسمي وزارة الخارجية، كمنظمة إرهابية، تحول إلى قمة أولويات الإدارة، ضمن إستراتيجية البيت الأبيض لمواجهة النفوذ الإيراني. وقالت إن مسؤولين أميركيين عكفوا على نقاش هذا القرار لشهور، وجاء الوقت كي يتوصلوا إلى نتيجة نهائية حياله.

ورغم المخاوف المصاحبة للقرار، فإنه من المقرر أن يسمح للولايات المتحدة بتجميد أموال الحرس الثوري خارج إيران، ومنع مسؤوليه من السفر وتطبيق عقوبات قانونية على قيادات فيه، ضمن عقوبات مكثفة تفرضها واشنطن على طهران.

ويقول كريس كوستا المستشار الخاص السابق لترامب لشؤون مكافحة الإرهاب، إن “الولايات المتحدة تريد تغيير السلوك الخبيث للإيرانيين وردع نفوذهم”، مضيفا “لتحقيق هذا الهدف فإن قرار تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية سيكون ضروريا”.

وتقول مصادر في واشنطن إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هو أكثر المؤيدين للقرار. وفي مقابلة سابقة، قال بومبيو “هناك الكثير من الأمور التي يجري نقاشها الآن، والتي ستعود بنتائج مهمة في ما يتعلق بالهدف النهائي، الذي يهم في النهاية”. وأضاف “الهدف النهائي هو محاولة إقناع إيران بأن تصبح دولة طبيعية”.

ولم تمر الولايات المتحدة بمثل هذه التجربة من قبل، خصوصا تجاه قوة عسكرية لها نفوذ واسع في المنطقة، وتتحكم في جزء كبير من الاقتصاد الإيراني، خصوصا قطاع الطاقة الذي تعتمد عليه البلاد بشكل إستراتيجي.

وقالت مصادر لـ”سي أن أن” إن دان كوتس رئيس هيئة الاستخبارات الوطنية، حذر مسؤولين في البيت الأبيض بأن اتخاذ هذا القرار سيعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر، لكن لا يملك كوتس اتخاذ القرار، وينحصر دوره فقط في تقديم المعلومات وتقييم أجهزة الاستخبارات الأميركية الـ16 لها، وعرضها على الرئيس.

وكان وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون من أكثر المعارضين للقرار. وقال في أكتوبر الماضي “هناك الكثير من المخاطر والتعقيدات لتصنيف جيش بأكمله كتنظيم إرهابي، وهو قرار يفرض علينا اتخاذ خطوات محددة تجاهه، وربما لا تكون هذه الخطوات في مصلحتنا”.

وعلى عكس تيلرسون، يسعى بومبيو إلى تمرير أكبر عدد ممكن من القرارات ضد إيران ومصالحها، بهدف خنق الاقتصاد الإيراني.

منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، دخلت العلاقات الأميركية الأوروبية في معادلة صعبة الحل، إذ تبدو واشنطن “أقل صبرا وتفهما” لمصالح حلفائها التقليديين، ومستعدة لإجبارهم على “ابتلاع السم” دون تقديم بدائل مقنعة. ومن بين أكثر الإجراءات جدلا في أوروبا، محاولات الولايات المتحدة إقناع حلفائها بإخراج إيران من سوق النفط بشكل كامل بحلول نوفمبر المقبل، وهو ما يقضي تماما على كل جهود الأوروبيين للإبقاء على الاتفاق النووي قائما.

ومن المقرر أن ينطلق مسؤولون أميركيون الأسبوع المقبل في جولة جديدة لإقناع الحلفاء بالانضمام إلى جهود واشنطن لمعاقبة طهران.

ويقول مسؤول أوروبي إن “الأميركيين لم يشرحوا لنا كيف يريدون الوصول إلى أهدافهم في ما يتعلق بإيران”.

لكن الواضح فقط هو أن الولايات المتحدة لا تنوي إقرار إعفاء الشركات الأوروبية التي لا تزال تعمل في إيران من العقوبات، بحسب ما أكد مستشار الأمن القومي الأميركي لمسؤولين أوروبيين التقى بهم الشهر الماضي.

وتقول مصادر إن بولتون أخبر الأوروبيين أن الولايات المتحدة تريد من إيران “استسلاما كاملا”. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية “نحن ننظر في خيارات كثيرة لتصعيد الضغط على إيران”، بينما قال مسؤولون آخرون إن الإدارة قد تلجأ إلى اتخاذ عدة إجراءات ضد إيران أولا، قبل تبني قرار تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية.

لكن، رغم قوة تأثير القرار، سيظل إن اتخذ قرارا رمزيا، إذ يعتبر الحرس الثوري الإيراني كيانا إرهابيا بموجب القرار التنفيذي الذي اتخذه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، لوقف تمويل الجماعات الإرهابية. وفي أكتوبر الماضي، فرض ترامب عقوبات على الحرس الثوري الإيراني بموجب هذا القرار التنفيذي.

ومن شأن هذا القرار أن يقلب المعادلة في العراق خصوصا، حيث تعاونت القوات الأميركية مع ميليشيات الحشد الشعبي وقوات من الحرس الثوري في تحرير مساحات شاسعة من الأراضي التي سيطر عليها تنظيم داعش في العراق عام 2014. ومن المتوقع أن يتحول العراق إلى ساحة المواجهة الرئيسية، حيث تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ سياسي وعسكري أكبر كثيرا من حضورها في سوريا.

ويقول انتوني شافر، العقيد الأميركي الذي قاد في السابق عمليات استخباراتية في الشرق الأوسط، “توصيتي كانت دائما أن يتم تصنيف الحرس الثوري كتنظيم إرهابي”.

ويصف شافر في كتابه “القلب المظلم” خبراته في مواجهة محاولات الحرس الثوري لتمويل عمليات وأنشطة إرهابية في شرق أفغانستان. وقال “لا أرى أي تغيير حصل من ذلك الحين”.

وقد يؤدي هذا القرار الأميركي المحتمل إلى تحول الحرس الثوري إلى “بطل” في عيون الكثير من الإيرانيين المحافظين، و”رمز للمقاومة”. وسيكون على المسؤولين الأميركيين دراسة الاحتمالات المطروحة لهذا القرار، لكن طبيعة الإدارة الحالية وطريقة تفكيرها ترجحان أن الولايات المتحدة باتت على وشك تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية.