كتب محمد خالص ملص في “الاخبار”:
لم تمر مرور الكرام تغريدة نائبة طرابلس ديما الجمالي التي «بشّرت» فيها أبناء المنية ودير عمار بإعادة البحث جدياً في إنشاء مكب للنفايات على سفح جبل دير عمار. «البشرى» وقعت كالصاعقة على أهالي المنطقة الذين يخشون أن يكمل المكب الحصار الذي يفرضه معمل الكهرباء عليهم. حملة الاعتراض من المقرر أن تكبر في الأيام المقبلة، في سباق مع الإملاءات والضغوط السياسية لإمرار المشروع
تجهد البلديات المتعاقبة في دير عمار على تحويلها الى قرية سياحية. قناطر حجرية تزيّن مدخلها، وطرقات وأرصفة واسعة جعلت منها منطقة نموذجية، يضاف إليها موقعها الجبلي المطلّ على البحر… لولا معمل دير عمار الذي يمتدّ على طول واجهتها البحرية، ومصدر القلق الدائم لأبنائها. إذ يعتبرونه المسبّب الرئيس لارتفاع نسبة المصابين بالسرطان في البلدة، ولليباس الذي ضرب بساتين الزيتون واللوز والليمون فيها. إلى هذا القلق، خوف مستجدّ يغمر أهالي البلدة، وقرى المنية المجاورة، من «الخبريات» التي تنتشر عن نية استحداث مكبّ في سفح جبل دير عمار، «وكأن هذا اللي ناقصنا لنجمع المجد من كل أطرافه. قالوا لنا قبل الانتخابات النيابية إن الرئيس سعد الحريري سيخصص لمناطقنا مشاريع إنمائية تحمل معها عشرات الوظائف. لم نكن نعرف أن أول تلك المشاريع مكب نفايات»، على ما يقول أحد أبناء دير عمار.
تغريدة نائبة طرابلس عن تيار المستقبل ديما الجمالي التي «بشّرت» فيها بإعادة البحث جدياً في إنشاء مكب للنفايات على سفح جبل دير عمار أكّدت ما كان يُشاع عن إقرار الحكومة قبل نحو عام إنشاء مكب على العقار الرقم 399 الذي تبلغ مساحته نحو 421,493 متراً مربعاً. مصادر مطلعة أكدت لـ«الأخبار» أن العقار الواقع في منطقة جبلية كان تابعاً لوزارة الدفاع الوطني، ومقراً لأحد ألوية الجيش اللبناني. وأضافت أن «الدفاع» تنازلت عنه لمصلحة وزارة الطاقة، في مقابل تنازل الأخيرة عن قطعة أرض في برج أبو عدس (قرب معمل الكهرباء) لمصلحة وزارة الدفاع تنتقل إليها وحدات الجيش.
ويُطرح مكب دير عمار بديلاً من مكب طرابلس الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، بعدما بدأ في نفث الغازات السامة التي تتسبب بانتشار روائح كريهة في مختلف أنحاء المدينة، إضافة الى انهيار أجزاء من حيطان الدعم فيه بسبب عدم قدرته على استيعاب مزيد من نفايات المدينة (نحو 400 طن يومياً)، وارتفاعه الى ما يزيد على 44 متراً، ما حوّله الى قنبلة موقوتة من شأن انفجارها تهديد سلامة السكان، وتحوّل البحر الى مستوعب كبير للنفايات. وبالتالي، هناك ضرورة ملحّة لإيجاد بديل يحول دون وقوع أزمة نفايات قادمة لا محالة على طرابلس إذا ما حلت كارثة انهيار المكب نتيجة استمرار استعماله.
الخبر زفّته الجمالي لأهالي طرابلس، في اجتماع ضم معظم نواب المدينة، مشيرة الى أنه سيصار الى إنشاء مطمر صحي بمواصفات فنية وبيئية عالمية، يخدم مدن الفيحاء ثلاث سنوات. وفي غضون ذلك، يتم تنفيذ المشروع المستدام لمعالجة النفايات في منطقة دير عمار.
«البشرى» وقعت كالصاعقة على أهالي دير عمار والمنية، وخصوصاً أن سوابق مطمري الكوستا برافا وبرج حمود ــــ الجديدة تشير الى أن لا صدقية كبيرة للوعود الحكومية والنيابية بإنشاء مطامر تراعى فيها الشروط البيئية والصحية وشروط الفرز والطمر وفق الأصول. وعلمت «الأخبار» أنه يجري الإعداد لتحركات شعبية واسعة ترافق موقف البلديات الرافض، على غرار ما حصل في عكار قبل سنوات رفضاً لمكب سرار.
رئيس بلدية دير عمار خالد الدهيبي أكد «رفضنا أن تكون بلدتنا كبش محرقة لأي منطقة أخرى». وأوضح «أننا أبلغنا الحكومة اللبنانية منذ شهور رفضنا التام لاستحداث أي مكب في منطقتنا. ولم نتبلغ بعدها أي كتاب رسمي يعيد فتح موضوع المكب. وإن حصل ذلك، فسنكون أول المتصدّين للمشروع». ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عما إذا كانت هناك أي ضغوط سياسية للسير في المشروع ، أجاب: «سابقاً، حكت معنا معظم الجهات السياسية. لم نقبل ولن نقبل، لا الآن ولا في المستقبل».
رئيس اتحاد بلديات المنية عماد مطر، من جهته، أوضح أن الخطة التي وضعتها الـ UNDP لاستحداث مطامر بديلة في مناطق الشمال، تضمّنت منطقتين، في دير عمار وفي منطقة عزقي، لتحويلهما الى مطامر بيئية صحية». وأكّد «أننا كاتحاد سنقف ضد المشروع الذي اقترحه عدد من نواب المستقبل على الرئيس الحريري. لن نكون حلاً لنفايات أي منطقة، وسنقف الى جانب بلدية دير عمار في وجه هذا المشروع القاتل». وأضاف: «نحن نسعى الى إيجاد حلول لنفايات مناطق اتحاد المنية، ونعمل على استحداث مكب يراعي الشروط البيئية في منطقة عزقي، ومتابعة تشغيل معمل فرز النفايات، وسنعلن قريباً إقفال مكب عدوة بشكل نهائي».
نائب المستقبل عثمان علم الدين أكّد لـ«الأخبار» أن «كل ما يشاع عن افتتاح مكب في دير عمار غير صحيح»، وأنه سيكون «أول من سيقف في وجهه». لكنه لفت الى أن الرئيس الحريري كان قد توافق سابقاً مع النائب السابق كاظم الخير ورئيس بلدية دير عمار على إنشاء المكب، قبل أن يتراجعا عن ذلك «بسبب رفض الأهالي». وهو ما نفاه الدهيبي، واصفاً كلام علم الدين بـ«الافتراء». كما اعتبر الخير أن «ما يشيعه» علم الدين يندرج ضمن «تضليل الرأي العام». وأوضح لـ«الأخبار» أن «نقاشاً دار بيني وبين الرئيس الحريري استمر أكثر من ساعتين، في حضور رئيس بلدية دير عمار. وقد حاول إقناعنا بأهمية المطمر، إلا أننا أبدينا اعتراضنا الكامل عليه». ودعا الجميع الى الوقوف في وجه هذا «الخطر الإضافي على بلدات المنية ودير عمار».
وكان الخير قد أعلن مراراً أن أحد الأسباب التي دفعت الحريري الى التخلي عنه في الانتخابات النيابية هو وقوفه ضد إنشاء المطمر ومعمل دير عمار ـــ 2.