صحيح أن “انفجار” الأمور بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” على خلفية الحصص والأحجام في الحكومة المرتقبة يصيب بشظاياه، وفي الصميم، عملية التأليف التي لم تقلع بعد جديا على رغم مرور أكثر من شهر على تكليف رئيس الحكومة سعد الحريري. إلا أن العقدة المسيحية ليست فقط ما يحول دون إبصار الحكومة النور، وفق ما تقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية”.
ففي رأي الاخيرة، يسعى أكثر من طرف يدور في فلك “حزب الله”، زورًا، إلى تصوير المطالب والسقوف “القواتية العالية” وكأنها السبب الوحيد وراء التأخير الحاصل. وقد لوّح الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله شخصيا، ومن بعده المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الوزير علي حسن خليل، بإعادة النظر في الحصة التي يطالب بها الثنائي الشيعي، إذا استمر البعض في “نفخ” حجمه الفعلي.
إلا أن الوقائع التي سُجلت في الأسابيع الماضية أثبتت أن ثمة عقبات كثيرة تعترض طريق التشكيل. واللافت للانتباه، في هذا السياق، هو، أن بروزها يبدو منظّما ومُدارا من قِبل “قائد أوركسترا” واحد، على حد تعبير المصادر، هو “حزب الله”. فالأخير، وإن كان يحاول إظهار نفسه وكأنه الأكثر تسهيلا للتأليف لأنه حدد حصته الحكومية منذ اللحظة الأولى، إلا أنه يقف وراء تحريك أكثر من طرف سياسي وخلف حثّه على التمسك بالتمثيل في الحكومة المرتقبة. من هذه الاطراف، تضيف المصادر، سنّة 8 آذار. ففيما رئيس الحكومة المكلف يعتبر أن هؤلاء ليسوا في تكتل واحد وبالتالي لا مبرر لتوزير أحدهم، يصر هؤلاء على الحصول على وزيرين. وفي رأي المصادر، ما كان هذا الفريق ليرفع سقفه لولا الغطاء الذي تؤمنه له الضاحية.
الأمر نفسه ينطبق على رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان. فوفق المصادر، يتمسك “الحزب” بمشاركة حليفه في الحكومة المرتقبة، وهو يدعمه بقوة في مطلبه بالحصول على وزير درزي، مع علمه بأن رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يصر على الحصة الدرزية كاملة (3 وزراء) في الحكومة.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن الاشتباك الناري الذي اندلع بين “التيار الوطني الحر” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، على خلفية مواقف جنبلاط من النزوح السوري، إنما يظهر في جانب منه مدى الاحتقان السائد بين الطرفين بسبب دعم الفريق الرئاسي و”البرتقالي” لتوزير أرسلان، وقد دل هذا “الشجار” غير المسبوق إلى أن تذليل العقدة الدرزية قد لا يقل صعوبة عن تلك المسيحية أو السنية.
وإذ تدرج في خانة “المطبات المستحدثة” عينها مطالبة “التكتل الوطني”، الذي يضم “المردة” وعددا من المستقلين، بالتمثيل في الحكومة بحصص قد لا تتلاقى وحجمها النيابي، تشير المصادر إلى أن بعد سرد هذه المعطيات كلّها، لا يمكن اعتبار العقبة المسيحية أساس التأخير، بل يمكن القول إن ثمة “تلطيا متعمدا” وراءها.
لماذا؟ لأن “حزب الله” ربما يسعى “بالواسطة” إلى الحصول على ثلث معطل في الحكومة، من دون المطالبة مباشرة به. وربما يكون التأخير مقصودا لتلمّس مسار الأمور إقليميا ودوليا، والمنحى الذي ستتخذه لاسيما في أعقاب القمة الأميركية – الروسية المرتقبة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في هلسنكي في 16 الجاري. إذ يكثر الحديث عن أن القمة ستكرس بقاء بشار الأسد في الحكم في سوريا، أو أنها ستطلق فعليا مسار تطويق الحضور الإيراني في سوريا والمنطقة. وبحسب المصادر، قد يحاول اللبنانيون “صرف” هذين التوجهين في السوق “الحكومي” الداخلي.