IMLebanon

قراءة “خاطئة” للتطورات الإقليمية تنعكس سلبًا على التشكيل

خلافا لشبه الإجماع السياسي اللبناني على أن العقبات الكامنة في طريق تشكيل الحكومة داخلية بامتياز، تكشف أوساط سياسية مواكبة لعملية التأليف لـ”المركزية” عن أبعاد وخلفيات بعض هذه العقبات، فتربطها بقراءة خاطئة تجريها قوى سياسية موزعة بين المحورين السعودي-الغربي والإيراني، حول التطورات في الشرق الأوسط ودول الجوار من سوريا إلى العراق فاليمن، إضافةً إلى ملفات دولية أبرزها النووي الإيراني ومشروع “صفقة العصر” للسلام في الشرق الأوسط والقمة الأميركية – الروسية في 16 الجاري في هلسنكي.

و”القراءة الخاطئة” للتطورات تنعكس، بحسب الأوساط، تصلبا وتشنجا لدى القوى المشار إليها في مسار التشكيل، إذ إن أطرافا خارجية توظف اعتراضات القوى المحسوبة عليها محليا ورقة ضغط تستخدمها لتعزيز موقفها وموقعها التفاوضي. وعلى رغم نصائح الخارج بضرورة استعجال تأليف الحكومة ليتسنى للبنان الإفادة من زخم المؤتمرات والدعم الدولي الذي تجلى في المؤتمرات، بقي التشكيل عالقا في مربع الشروط والعقد، ما اضطر دول غربية صديقة وحريصة على لبنان إلى لعب أوراق ضغط من بينها أحجام بعض كبار المسؤولين عن زيارة بيروت وربطها بتشكيل الحكومة. إلا أن هذه المحاولات معطوفة على نصائح يتلقاها المسؤولون اللبنانيون من أكثر من جهة خارجية بتسريع التشكيل عوض الاستمرار في سياسة الفرص الضائعة، لم تلق أذانا صاغية. فبعض أطراف فريق 8 آذار، تضيف الأوساط، يرى في التطورات الإقليمية ما يصب في مصلحة محوره، ويقدم الدليل ببقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة واستعادة النظام السيطرة على المناطق التي كانت مع المعارضة المسلحة وطرد المسلحين وإبعادهم وإنهاء وجود الإرهابيين في سوريا، إضافةً إلى غياب أي مطالبة غربية، أميركية أو أوروبية، أو حتى عربية بتنحي الأسد كشرط لبدء المرحلة الانتقالية للتسوية.

بيد أن الذين يدورون في الفلك السعودي الغربي، تؤكد المصادر، يعتبرون أن قراءة مؤيدي المحور الإيراني خاطئة، تنبعث من أمنيات ولا ترتكز إلى معطيات ووقائع. فالمحور الغربي من وجهة نظرهم هو المنتصر وليس إيران، وما بقاء الأسد إلا لمهمة ودور محددين ووفق شروط هذا المحور. وقد قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته الولايات المتحدة الأميركية ألا مشكلة في بقاء الأسد في السلطة شرط أن يتخلى عن المحور الإيراني، وعلى إيران أن تخرج من سوريا ومن الدول العربية. ويقولون إن الأسد لا يزال في السلطة لأنه وافق في اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي على عرض التسوية الروسية – الأميركية المتضمن بقاءه حتى نهاية ولايته ضمن مهمة تقضي بضبط الوضع في جنوب سوريا واحترام منطقة المد الحيوي بعمق 40 كيلومترا ومنع وجود أي ميليشيات مسلحة تابعة لإيران ومنها “حزب الله”، والانتشار على الحدود اللبنانية لضبطها وقد نشر فرقة الهجانة على الحدود وأقفلت المعابر غير الشرعية.

أما الدور فيقضي بمنع أي نفوذ إيراني في سوريا، وهذا ما أشار إليه أكثر من مسؤول روسي، وتحديدا وزير الخارجية سيرغي لافروف عندما دعا المسلحين غير السوريين للخروج من سوريا وسمى “حزب الله” وقوات إيران (الحرس الثوري) والقوات الأميركية، بما يؤشر إلى قبول الأسد بالمهمة والدور، لذلك انتشرت الشرطة الروسية في جنوب سوريا واستلمت معبر نصيب مع الأردن ومنعت أي وجود ميليشيوي. ويضيفون أن الشرطة الروسية فضحت ارتداء عناصر من الحرس الثوري و”حزب الله” بذات جيش النظام للبقاء في الجنوب السوري قرب الجولان وطردتهم. كل ذلك يؤكد خسارة المحور الإيراني وأفول نجمه تدريجيا في المنطقة.

مجمل هذه المعطيات يعكس التخبط داخل قوى 8 أذار ويدفعها إلى وضع العصي في عجلات التأليف، بحسب الأوساط، من تضخيم العقدتين المسيحية والدرزية والتلطي وراءهما إلى الإعلان عن إعادة النظر في حصتها في المشاركة وهي تاليا لا تريد تأليف الحكومة إلا بشروطها وبعد حصولها على الثلث المعطل لأن الغزل القائم بين بعض القوى السياسية من المحورين ومع الرئيس الحريري يقلق “حزب الله” ومحيطه. وتبعا لذلك، سيبقى التشكيل متعثرا، إلا إذا قرر الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري القيام بخطوة تنقذ الحكومة من براثن العقد، والعهد من استنزاف رصيده.