قدّم رئيس مؤسسة الانتربول، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر، جردة حساب للسنوات الـ13 الماضية التي أعقبت محاولة اغتياله في 12 تموز 2005، والتي تصادف ذكراها الـ13 اليوم. وعلى رغم من ألم التجربة القاسية سياسيّاً ومعاناتها الصحية الكبيرة التي زادت على الخمسين عملية جراحية، سامَح المر ووضع ما حصل خلفه ولم يتهم أحداً ولا يريد ان يتهم أحداً. في السياسة، عرض المر الصورة التي حكمت تلك الفترة، بما سادها من انهيار سياسي وأخلاقي، وبما تخللها من قرارات اتخذت كلها لغير مصلحة لبنان، ومن أخطاء كبيرة اشترك في ارتكابها فريقا النزاع السياسي في لبنان 8 و14 آذار.
ومن مفارقات غريبة لعلّ أقساها انّ مَن اختلفوا في الأمس يجلسون معاً اليوم، فلو كانوا جلسوا في السابق، لكانوا وَفّروا على البلد كلّ ما أصابه. الصورة الداخلية كما يراها المر، لا تطمئن سياسيّاً، في ظل محاولاتهم لبناء دولة، إنما على فُتات الشعب. وها هو الخلاف على تأليف الحكومة يقدّم الدليل تلو الدليل، وأمّا اقتصادياً فالوضع يتأرجح في دائرة الخطر ولا من يَنتبه او يجد العلاج. وامّا متنياً، فأكد موقعه الى جانب المتنيين ومعهم في خدمتهم، أولويته استكمال ما بدأه، استكمال الانتصار في المتن على الاغتيال السياسي، وفي هذا السبيل يحاول إنضاج فكرة تأسيس تيار سياسي وطني صادق يخرق الاصطفافات بروحية جديدة وعقلية جديدة.
ويبقى الأساس في ما يحضّره هو إنشاء مكتب للأنتربول في لبنان، وقد قطع مسافة مهمة في هذا السبيل. في ذكرى محاولة اغتياله التي تصادف اليوم الثلثاء 12 تموز 2005 على طريق النقاش، إلتقت “الجمهورية” الرئيس المر، وكان الحوار الآتي:
-ماذا يقول الياس المر في ذكرى 12 تموز؟
ـ أكثر ما أفكر فيه في هذا اليوم، هم الأشخاص الذين استشهدوا منذ الاستقلال حتى يومنا هذا، أكان في عملية اغتيال، أو في الدفاع عن لبنان، أو خلال عمل مقاوم لتحرير الأرض. كذلك أفكّر بكل الذين استشهدوا عام 2005 وبعده، أو استشهدوا في سبيل مشروع سياسي، أو بسبب القلم السياسي كالصحافيين. فكلّ من هؤلاء ضحّى في سبيل وطنه على طريقته.
أفكر أيضاً بالأبرياء، الذين كانوا على الطريق لحظة الانفجار، ومنهم من استشهد ومنهم من تضرّر جسدياً أو معنوياً. كذلك أفكر بأولادي، الذين كانوا آنذاك ما يزالون أطفالاً، وكانوا يشاهدون التلفزيون وإذ بصوَر التفجير تُباغتهم، وقد كبروا مع تلك الصدمة التي لن ينسوها بسهولة.
وأفكر بأهلي الذين تعرضوا لتلك الحادثة الصعبة والقاسية، وعانوا معي في المستشفى وخلال فترات العلاج. وأفكر بأصدقائي السياسيين وغير السياسيين الذين لم يتركوني في تلك المرحلة، خصوصاً أنني أجريت أكثر من 50 عملية جراحية.
إنهيار سياسي… وأخلاقي
– كيف تغيّرت الظروف بين 2005 واليوم؟
ـ في العام 2005 كان هناك قضية لـ14 آذار و8 آذار وحلفائهما، وكل منهما واجَه بالسياسة على طريقته، وبخطابه وبالفكرة التي يؤمن بها. اليوم، لسوء الحظ وبعد 13 عاماً، نعتقد أنّ كل التضحيات التي قدّمت ذهبت سُدى. لو أنّ القوى التي تجلس اليوم معاً على طاولة واحدة، جلست في العام 2005 معاً لتفجير ثورة تَجمع الكل، كما نادى البعض، لإصلاح البلد، لكنّا منعنا دخول أكثر من طابور خامس على الخط، سَبّبَ عمليات اغتيال كثيرة وسقوط ضحايا أبرياء كثر، ولكنّا أنهينا الشلل والتجاذبات التي كانت حاصلة في تلك الفترة، بسبب الانقسام العمودي المذهبي، لسوء الحظ.
ما حصل بين 2005 و2018، هو انهيار سياسي وانهيار أخلاقي في السياسة وسقوط شهداء وبروز خطاب سياسي مُترد وتمثيل سياسي مُترد. وهناك مَن استفاد من هذا الواقع لكي يتمكن من الخروج من مواقع ما كان يفترض أن يخرج منها حينها لتتم محاسبته، وإذ بالانقسام العمودي يسمح لهم بالخروج من مواقعهم فـ”ركبوا المَوجة”، وهؤلاء من الفريقين، والّا لَما وصلوا الى حيث هم اليوم.
في الوقت نفسه، كان من الممكن تجنّب التدهور في الوضع المالي وحالات الحكومات المبتورة أو الفراغ على المستوى الرئاسي على مراحل طويلة.
كل هذا التدهور السياسي والمالي سببه المناخ الانقسامي الذي نشأ عام 2005، حيث ارتكب الفريقان كثيراً من الأخطاء الكبيرة، إن كان في الهستيريا السياسية أو الخطاب غير العقلاني الذي يتجاوز حدود قدرة لبنان على تحمّله، خصوصاً أنّ القوى نفسها تجلس على طاولة واحدة ولا تزال في الأزمات نفسها ولم تحاول حلّ أزمات اللبنانيين، من فقر وبطالة وهجرة، لا بل أكثر من ذلك تمّ إدخال أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري الى البلد نتيجة الخلاف مع سوريا والكلام الكبير الذي قيل يومها…
بعد كلّ التراشق، تَوجّه البعض الى سوريا أو استعاد الحوار معها، و”نام” البعض في سوريا. ومن كانوا رأس حربة في تلك المعارك، يجلسون معاً، فيما كثير من حلفاء الفريقين تعرضوا لـ”ضرب سياسي” أو تَحجّموا أو صاروا خارج المعادلة.
هذه الصورة تزيد من الألم في نفسي بعد كلّ ما تعرضتُ له، خصوصاً أنّ حالة البلد مذرية سياسياً ومالياً واقتصادياً. كما أنّ النتائج التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة تجعلنا نستغرب كيف أن من كانوا يتعرضون للملاحقة عام 2005 وما بعده، صاروا على لوائح واحدة لمصالح شخصية.
المحطات الايجابية في تلك الفترة التي يمكن التوقف عندها هي حرب تموز 2006، والتي حصلت بقرار إسرائيلي لتدمير البلد، وقد انتصر خلالها لبنان، جيشاً وشعباً ومقاومة، على العدو وكان إنجازاً كبيراً. ومن ثم حرب نهر البارد في العام 2007، ويومها كنت وزيراً للدفاع ونائباً لرئيس الحكومة، وقلت يومها انها بداية لحرب ستشهدها دول ثلاث، تبدأ من شمال لبنان لتمر بسوريا وصولاً الى العراق وفق خطة مرسومة، وقد انزعج البعض من هذا الكلام ولكن كان قرارنا سليماً بالحرب على الارهاب، ولو أنه كلّفنا شهداء من الجيش لا يزالون في ضميرنا ووجداننا وعقلنا، لكنها كانت من المعارك التي شنّها الجيش لمصلحة البلد، خصوصاً أنه كان المطلوب أن يكون لبنان منصّة لهؤلاء التكفيريين، كما حصل في سوريا والعراق. ولكن غير ذلك، كل القرارات اللبنانية التي صدرت في الشأن الداخلي حتى العام 2013، كانت ضد مصلحة اللبنانيين.
عَتبي كبير
-هل سامَحت؟
ـ الله هو من يسامح ويحاسب، واذا أعطانا الله فرصة جديدة للحياة فلا يجب ان نحيا ونعيش في حقد الماضي. لقد نسيتُ الموضوع ووضعته خلفي. إنما لسوء الحظ البعض لم يضع هذا الموضوع وراءه، سواء في التصرفات او في الممارسات السياسية. لديّ عَتب على بعض الافرقاء الذين يصحّ فيهم القول “ضربني وبكى وسبقني واشتكى”، ووضعوا أنفسهم خصوماً في السياسة ولم يعتبروا انّ من حق الانسان المعاتبة او “الزعل”. ولكن، هناك كثر في لبنان يلعبون ادواراً مهمة على الصعيد الامني وعلى أصعدة اخرى ايضاً، وتحديداً “حزب الله”، لم أتهمهم، كما اني لا اتهم احداً. إنما اقول انّ من هو قادر على معرفة توقيت الطيران الاسرائيلي في الاجواء وانتظار الاسرائيليين عند مداخل المعابر ليضع له عبوات ناسفة، كان في استطاعته ان يكون فعّالاً اكثر في وجوده مع الاجهزة الامنية لكشف هذا الموضوع أو للمساعدة على كشفه، ولا يستغرب “زعلي” وعتبي.
واعتبر انّ في 2005 تحت حكم الدولة السورية، و”حزب الله” في آخر عشر سنوات كان له دور كبير في المدافعة عن لبنان ومساعدة الاجهزة اللبنانية بكشف أخطر الشبكات، اعلم انّ “حزب الله” لم يكن يقف الى جانبي في تلك الفترة كما يجب ان يكون، لهذا السبب عتبي كبير جداً على الحزب، والانسان يعتب على قدر المحبة، وتصرّفهم خلال 2005 حتى الـ 2015 لم يكن مشجّعاً للقول انّ العتب عليهم لم يكن في محله.
وأنا أسأل: لماذا في “حزب الله” يتصرفون معنا وكأنّ هناك مشكلة دائماً ؟!. طبعاً أوجّه كلامي هذا ليس لأنني اريد منهم شيئاً، وليس لأنّ لدي مطالب. بالتأكيد لا اتكلم عن السيد حسن نصرالله إنما اتكلم عَمّن حوله باستثناء صديق العائلة النائب محمد رعد. كلّ تصرفاتهم وتصرفات مسؤوليهم السياسيين منهم او الاجهزة الامنية الخاصة بهم، غير لائقة ولا تتناسَب مع الطريقة التي تصرفت بها عائلتنا مع الحزب. ولذلك لديّ عتب على البعض.
نصيحتي لنصرالله
-يفهم من كلامك وكأنه تراجع عن اتهام “حزب الله” بعملية اغتيالك؟
لم أتّهم “حزب الله” في يوم من الايام، ولم أقل مرة انّ “حزب الله” هو من حاول اغتيالي، كما انني لا املك ايّ دليل يؤكد الامر. حتى قيادة مخابرات الجيش، عندما كنتُ وزير دفاع وبعد تفجيري، لم تجلب اي معلومة عن حادثة الاغتيال. ولو حصل ذلك لكنتُ أحلتها الى القضاء اللبناني، وكنت واجهتهم وأنا أواجه ولا اخاف من احد.
لذلك أكرّر: ولا مرة في تاريخي اتهمتُ “حزب الله” بأنه وراء تفجيري، إنما المرة الوحيدة التي تكلمتُ فيها عام 2005، قبَيل عيد الميلاد، قلت إني أشكّ برستم غزالي بسبب تصرفاته الاخيرة معي. وانا لا اتكلم هكذا اليوم عن “حزب الله” لأنه متحالف اليوم مع الرئيس او بسبب وجوده في السلطة.
وهذا آخر همّي، لأنّ من هم خارج السلطة منذ 2005 حتى اليوم هم أقوى من الذين داخلها، لأنّ الانسان لا يضعف الّا خلال وجوده في الحكم. كما انني لا أوجّه رسائل الى احد، ولا اريد ان يفهم كلامي انه رسائل لـ”حزب الله”. اقول انه اذا لم يحصل تغيير داخل الحزب على مستوى الاشخاص الذين يتعاطون مع الناس، وهم يعلمون من هم هؤلاء الاشخاص الذين يعتبرون أنفسهم اليوم انهم يحكمون البلد كما كان يحكمها غازي كنعان ورستم غزالي. ولهؤلاء أقول: جَرّبتم حكم رستم غزالي وكنعان ورأيتم النتيجة. ونصيحتي للسيد حسن الذي دعا الى الاصلاح ومحاربة الفساد ان يبدأ من داخل حزبه، لأنّ في داخل الحزب أناساً أساؤوا التصرف كثيراً، ان كان من خلال علاقاتهم أو ادائهم في ادارات الدولة أو من خلال علاقاتهم السياسية مع الكثيرين.
إنني أتفهّم الظروف الامنية ووضع الحزب الحسّاس، انما يجب انتقاء مسؤوليهم بعناية لأنّ البعض وضع كثيراً من السياسيين في خصومة مع السيد حسن نصرالله، وهؤلاء يذكرونني بأداء بعض الضباط السوريين الذين حكموا لبنان.
-بعد 13 عاماً من محاولة تصفيتك جسدياً، ماذا تقول؟
ـ أنا لست نادماً، من 2005 الى 2018 لم أغيّر في سياستي، ولا قناعاتي. لم اكن داعماً لـ 8 آذار، ولا في 14 آذار، بل داعماً لهذا الفريق. ولكن اليوم اسأل من بقي من 14 آذار؟ هناك مليون مواطن نزلوا وعبّروا عن آرئهم. لم يحترمهم أحد. كل فريق باعهم على طريقته تماماً مثلما باع من دفعوا دماً مثلنا. في هذا الشق نعم لدي ندم. فقد بقيتُ صلباً وواضحاً في مواقفي وقناعاتي، فيما 90 في المئة من الذين كانوا في تلك المرحلة تقلّبوا كثيراً في مواقعهم ونقلوا البارودة اكثر من مرة. واليوم يجرّبون ان يبنوا دولة، لكن للاسف على فتات الشعب.
-خلال الانتخابات وعدتَ جمهورك بالاستمرار بالعمل السياسي الى جانبهم، وماذا عن مشروع التيار السياسي؟
ما زلت في طور دراسة إطلاق هذا التيار، والدفة تميل حتى الآن نحو إطلاقه، والأسابيع المقبلة ستحسم قراري، ولن أطلق سوى تيار سياسي يصنع التغيير، خصوصاً على صعيد المتن ومحيطه. سأطلق تيارا صادقا لأّن البلد في حاجة إلى الصدق. وإن لم أتمكّن من تأمين هذا الأمر للناس، فإنني أتمتع بالصدق والشفافية لأقول لهم هذا المشروع غير قائم، وأسرد كل الأسباب التي حالت دون تحقيقه.
وعدت ايضاً بفتح مكتب للانتربول في لبنان.
ـ طرحت إنشاء مركز عالمي في لبنان يعنى بملفين أو 3 أساسية:
ـ الملف الاول، مكافحة المخدرات والإدمان ومساعدة المدمنين بالطرق الحديثة التي تتعاطى بها دول العالم، وليس فقط من جهة التوقيف والإجراءات المعتمدة اليوم في البلد على الصعيد الذي نشهده.
ـ الملف الثاني، الإتجار بالأطفال الذي نشهده في كل العالم وبجزء منه في لبنان على رغم أنه لا يُحكى عنه كثيراً.
ـ الملف الثالث، الجريمة الكبرى في العالم والإرهاب الكبير وذلك للسنوات العشرين أو الثلاثين المقبلة وهي الجريمة السيبيرية، وهذا المركز كانت هناك طريقتان لإنشائه، الاولى من خلال تقديم الدولة العقار فيما نقدّم نحن المبنى، وأرسلتُ في هذا الإطار كتاباً لوزارة الداخلية لتأمين عقار لهذا الموضوع، وفي الوقت نفسه هناك مرجعية بارزة غير سياسية أحبّت أن تقدّم عقاراً في منطقة المتن الشمالي لنستطيع بناء مركز يهتم أولاً بشؤون الطلاب الذين يعتبرون المعنيين في هذا الموضوع وتدريبهم وتوجيههم لعدم الوقوع ضحية هذه الجرائم، وأن يخدم هذا المركز لبنان والحكومة على كل المستويات، واتفقنا مع البطريرك الراعي على أن نضع الحجر الأساس في الأسبوع الاول من تشرين الثاني المقبل، وإذا حدث أي تأخير لأسباب تقنية يمكن أن يؤجّل الامر الى أربع أو خمس أسابيع إضافية، بالطبع نُنسّقها مع البطريرك وعلى أساسها تتم دعوة المسؤولين والجميع في لبنان، لأنّ هذا المشروع يعنيهم جميعاً وهو فخر لهم، فأنا يمكن أن أترك عملي بعد سنة أو بعد تسع سنوات، إلّا أن هذا المركز يبقى للبلد.
“عم يشحدوها”!
-بعد الذي حصل في الانتخابات النيابية وما يجري الآن في محاولة تأليف الحكومة، هل ترى أنّ محاولات الاغتيال السياسي لا زالت مستمرة؟
ـ الاغتيال السياسي يتم في الانتخابات وليس في تأليف حكومات.
-لكن هناك قوى سياسية تصادر قرار الطوائف في التوزير؟
ـ لا أحد يغتال أحداً في السياسة، ولسوء الحظ هناك أحزاب اليوم تملك 10 و15 نائباً “عم يشَحّدوها” الوزارة، وهناك أحزاب ركّبوا لها كتلاً اصطناعية ليعطوها وزارات. لهذا السبب، في بلد كهذا لا يمكن الحديث عمّن يُصادر من، أعتقد أنّ الموضوع الامثل هو التركيز على حكومة تكون غالبيتها تكنوقراط، ممّن يملكون الخبرات اللازمة والسمعة والعلاقات على الصعيد الدولي ليستطيعوا جلب شيء للبلد، وهذا أفضل بكثير من حكومة الأحزاب. هناك طاقات هائلة من اللبنانيين خارج لبنان في أكبر المؤسسات العالمية سواء أكانت إقتصادية، مالية، تجارية، صناعية وغيرها، لا يستفاد من طاقاتهم. ثم انّ من يأتون به اليوم الى الوزارة هو “كاميكاز”، لأن ليست هناك أموال ولا إدارة تستطيع المواكبة، والمجتمع الدولي على الصعيد المالي وعود من دون التزام.
بي الكل… وخي الكل!
-أين تقف من معادلتَي “بي الكل” و”أوعا خيّك”؟
ـ في المبدأ “بي الكل” تلغي “أوعا خيك”، فحين يكون الشخص أباً للجميع، يكون الجميع أخوة، وما من داع للقول لهم “أوعا خيّك”. لم أقتنع بـ”أوعا خيّك” ومثيلاتها منذ البداية، فحين نقول “أوعا خيّك” علينا أن نفكر بشهداء كل من الجيش اللبناني و”القوات اللبنانية”، وعلينا أن نعتذر من أهالي الطرفين، وأن نقول لهم: “لا تواخذونا قتلنا أولادكم ودمّرنا منازلكم، ووضعنا المسيحيين تحت الطاولة في “اتفاق الطائف” نتيجة الاقتتال الذي حدث حينها، واليوم نقول “أوعا خيّك”.
“أوعا خيّك” تُرجِمت في الانتخابات النيابية “أُضرب خَيّك”. لا يُطبقون “أوعا خيّك” إلا حين يريدون التآمر على الآخرين ليقضوا عليهم. في الاغتيال السياسي يتفقون ويُطبقون “أوعا خيّك”، ولا مُشكلة في اغتيال البلد وفي اغتيال آلاف الشباب من الجيش اللبناني ومن “القوات اللبنانية” ومن دون أي اعتذار، ولا مُشكلة في الاغتيال السياسي، إن كان اغتيال ميشال فرعون أو زعامة سليمان فرنجية في الشمال أو آل الخازن في كسروان… ومحاولة اغتيال ميشال المر في المتن وآل سكاف في زحلة… في هذه الحال يتّفق الطرفان وتتحقق “أوعا خيّك”، أمّا على صعيد مصلحة البلد فتسقط “أوعا خيّك” و”أوعا أختك” وتتحوّل إلى “أُقبر خيك” و”اقبر أختك”.
– مع مَن الياس المر في المونديال؟
ـ انا مع فرنسا، (ممازحاً) على رغم اعجابي بأداء البرازيل والمدرسة الالمانية.