Site icon IMLebanon

ما مبررات مواقف “القوات” و”الاشتراكي”؟

كتب د. ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

يشعر الحزب التقدمي الاشتراكي (وفقا لرأي قيادي بارز فيه)، بأنه كان مستهدفا في الانتخابات النيابية التي جرت مطلع ايار الماضي، وكان هناك قرار واضح بتحجيم رئيسه وليد جنبلاط من جهات متعددة، محلية وخارجية، وقد ساهم النافذون بدوائر العهد في تنفيذ هذا القرار، بمختلف الوسائل، بما فيها استخدام النفوذ في دوائر الدولة عن طريق الترغيب والترهيب، وفي دعم خصومه، وشد ازرهم إبان عملية التصويت.

وعملية الاستهداف كانت قد بدأت منذ اكثر من عام، واسفرت عن إنتاج قانون انتخابي طائفي ومذهبي مشوه، كان خصوم جنبلاط يعتقدون انه سيفتت قوة «الاشتراكي»، وحلفائه، ويزعزع نفوذه في الجبل على وجه التحديد.

أما حزب القوات اللبنانية برئاسة د.سمير جعجع فقد أحاطت به المضايقات من كل حدب وصوب إبان الانتخابات النيابية. وشارك في هذه المضايقات اصدقاؤه المفترضون من قدامى قوى 14 آذار، وأطراف التفاهم الذي جرى في معراب عام 2016.

كانت المعركة الانتخابية منهكة للقوات والاشتراكي، لكنهما حققا نتائج غير متوقعة، وفازا بمقاعد نيابية وازنة، إضافة الى الحصول على اصوات عدد كبير من المقترعين لهم دلالاتهم الجيوبوليتيكية، والجيوديمغرافية.

وكان للقوات 15 مقعدا نيابيا، اوصلتهم كتلة اصوات ناهزت 134 الف صوت من الناخبين المسيحيين، ولجنبلاط 9 نواب حصلوا على اكثر من 118 الف صوت، منهم ما يقارب 90 الف صوت من الناخبين الدروز (بما فيها اصوات النائب انور الخليل في حاصبيا، حليف جنبلاط على لائحة الرئيس نبيه بري).

فرضت القوات اللبنانية توازنا واقعيا مع التيار الوطني الحر على الساحة المسيحية، وحصل جنبلاط على ما يتجاوز 75% من اصوات الناخبين الدروز، وأوصل 7 نواب دروز من اصل 8 (علما ان النائب الثامن كان يمكن الحصول عليه بأصوات ناخبي منطقة عاليه كما بينت الارقام لو لم يترك مركز شاغر على لائحة مرشحيه.

يقول مقربون من الحزبين: رغم كل ذلك نفذ الطرفان القواتي والاشتراكي، من كمين سياسي كبير وضع لهما في الانتخابات. وبقي خصومهما، او منافسوهما على ذات الوتيرة من التعامل معهما، بهدف تحجيم دورهما في التشكيلة الحكومية الجديدة، وبدأت تتسرب فرضيات عن تركيب التشكيلة الموعودة، منها ان نائب رئيس الحكومة (القواتي حاليا) يجب ان يكون من حصة الرئيس، وان القوات يكفيها 3 وزراء، على قاعدة ان قسمة النواب على عدد الوزراء الثلاثين يكون لكل 4 نواب وزير تقريبا، علما ان الحضور السياسي اهم احيانا من تفاصيل عدد النواب، ذلك ان هناك نوابا فازوا بما لا يزيد على 600 صوت تفضيلي، وهناك نائب في الشوف فاز بفارق حاصل انتخابي اقل من 0.3%.

امام الشعور بالاستهداف لغايات مختلفة، لدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قرار بعدم التساهل في حصته الطبيعية – لاسيما حقه في تمثيل الدروز الذين منحوه ثقتهم – ولا يريد التفريط فيها احتراما لناخبيه الذين يتهمونه بالتساهل احيانا كثيرة.

وبالتالي، فإن الوضع الطبيعي في النظام البرلماني التوافقي، هو ان يكون القرار لجنبلاط في تسمية الوزراء الدروز، مادام ان الذين يطالبون بغير ذلك هم من أقر هذا القانون الانتخابي الطائفي الملتبس.

ود.سمير جعجع يشعر بأن محاولة تحجيمه حكوميا بمنزلة القصاص على الأداء المشاكس لوزرائه في الحكومة السابقة، كما انها خطوة في سياق تطويقه سياسيا امام الاستحقاقات الدستورية والرئاسية القادمة.

رئيس الحكومة سعد الحريري لا يمكنه التخلي عن الحليفين، ويحاول إبقاء خطوط التفاهم موصولة مع الرئيس عون.