Site icon IMLebanon

ارتفاع منسوب الضغط الخليجي لاحتواء تدخلات حزب الله في اليمن

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يسود الترقب في بيروت للزيارة التي يفترض ان يقوم بها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة سعد الحريري في الساعات المقبلة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في سياق جوجلةِ نتائج الجولة الجديدة من المفاوضات التي شهدتْها الأيام الأخيرة ومحاولة دفْع مسار التأليف العالِق عند العقدتيْن الرئيسيتيْن المرتبطتيْن بالتمثيل المسيحي والدرزي.

وفي انتظار زيارة الحريري لقصر بعبدا، يبدو ان قطار التأليف الذي كان انطلق قبل 50 يوماً ما زالت أمامه مطبّات لا يُستهان بها رغم محاولات ضخّ «جرعات» من التفاؤل التي يُعتقد أنها تحمل في شكل رئيسي أبعاداً تطمينية في ظلّ عمليات «نفْخ» بمخاوف مالية واقتصادية في سياق لعبة «لي الأذرع» في الملف الحكومي.

وغداة وضْع الاشتباك بين «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وحزب «القوات اللبنانية» في عهدة الكنيسة المارونية والتفاهم على تحييد الخلاف حول الحصة القواتية في الحكومة عن المصالحة المسيحية، و«استراحة المحارب» في «المعركة الشرسة» بين التيار و«الحزب التقدمي الاشتراكي» بزعامة وليد جنبلاط، شخصت الأنظار على اللقاء الذي يفترض ان يكون جَمَع ليل أمس بين الحريري ورئيس «التيار الحر» وزير الخارجية جبران باسيل.

وفيما شكّل لقاء الحريري – باسيل استكمالاً لمروحة المشاورات التي أجراها الرئيس المكلف مع كل مع رئيس البرلمان نبيه بري وجنبلاط ثم جعجع إضافة الى تواصُلٍ مع «تيار المردة» (النائب السابق سليمان فرنجية)، فإن مطّلعين على أجواء التأليف كانوا تحدّثوا قبيل زيارة رئيس «التيار» للحريري عن ان العقد ما زالت تراوح وتحديداً في ما خص حصتيْ «القوات» و«التقدمي»، وسط حرصٍ من الحريري على مراعاة مطالبهما انطلاقاً من قناعته بأنه في صدد تشكيل حكومة «ائتلافٍ سياسي» بعيداً من أي أعراف مستحدَثة مثل إخضاع التأليف لمعايير من نوع النسبية قياساً الى نتيجة الانتخابات النيابية، وبما يُفْضي الى تشكيلةٍ تُراعي الحدّ الأدنى من التوازنات التي تجنّب لبنان «العين الحمراء» الخارجية التي تزداد احمراراً من بوابة الأزمة اليمنية والاتّهامات الخليجية لـ «حزب الله» بلعْبِ أدوار فيها.

وفي هذا الإطار، تشير الأوساط المطلعة الى أن أمام عقدة تمثيل «القوات» أكثر من مسار ممكن للحلول، موضحة ان الأخيرة أبدت مرونة كافية تتيح توفير مخارج لمسألة حصّتها، بعدما تراجعتْ عن التمسك بخمسة وزراء بينهم نيابة رئاسة الحكومة وحقيبة سيادية ولم تمانع الحصول على 4 وزراء بحقيبتين أساسيتيْن وثالثة أقلّ أهمية ووزير دولة.

وفيما تقول الأوساط ان تدوير الزوايا في ما خصّ حصة «القوات» أمر غير مستعصٍ ولا سيما انه لن يُظهِر أي طرف (التيار الحر و«القوات») مكسوراً في ضوء فتْح «القوات» الباب أمام أكثر من خيارٍ للحل، تشير الى ان هذا الأمر يجعل الكرة في ملعب باسيل المتمسك حتى الساعة بحصْر التمثيل القواتي بثلاثة وزراء.

وبحسب الأوساط نفسها، فإن العقدة الدرزية تبدو أكثر استعصاءً بعدما حوّلتْها «المعارك» السياسية – الإعلامية التي دارت على تخومها بين «التيار الحر» و«الاشتراكي» الى مواجهة لا مخارج لها إلا على طريقة «يا غالب يا مغلوب» في ضوء الإصرار الثابت من باسيل على انتزاع مقعد درزي لمصلحة حليفه النائب طلال ارسلان وتمسُّك جنبلاط بحصْر التمثيل الدرزي (3 وزراء في حكومة ثلاثينية) بحزبه وكتلته، وهو ما كان أبلغه الى الرئيس عون حين التقاه الأسبوع الماضي مؤكداً انه غير قادر على «التسوية» في هذا الموضوع.

ولاحظت الأوساط عيْنها ان «الوقت الضائع» في مسار التأليف بدأت تملؤه إشاراتٍ مقلقة يُخشى ان تضيف عوامل تعقيد جديدة على عملية التشكيل، متوقفة في هذا السياق عند رفْع «حزب الله» منسوب تصويبه على أبعاد خارجية للتأخّر في ولادة الحكومة وكلامه عن نية لاستهداف عهد الرئيس عون وتقويض نتائج الانتخابات النيابية.

ولم تستبعد الأوساط ان يكون هذا التصويب من «حزب الله» ذات صلة بالاندفاعة المتدحْرجة بوجه الحزب على خلفيّة أدواره في اليمن والتي ارتفع مستواها في الأيام الأخيرة بدءاً من رسالة الخارجية اليمنية التي تضمّنت إدانة واحتجاجاً شديد اللهجة على «السلوك العدواني» لحزب الله بدعم ميليشيات الحوثي ودعوة الحكومة اللبنانية الى التصدي له مع تلويح بـ «تدويل» هذا الملف، مروراً بتأكيد السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي ان بلاده «ستتصدى لميليشيات حزب الله اللبناني في كل مكان وتفضح ممارساته امام المجتمع الدولي»، متّهماً الحزب «بالسعي لزعزعة استقرار الأمة العربية»، وصولاً الى الكلام اللافت لوزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي أنور قرقاش الذي غرّد أمس ان «سياسة النأي بالنفس التي نتمنى أن يلتزم بها لبنان الشقيق تقوّض مجددّاً في تناول أزمة اليمن، ونتمنى أن يكون للدولة وللأصوات العاقلة وقفة وموقف».

وفي رأي الأوساط المطلعة ان هذه المواقف التي تحمّل لبنان – الدولة مسؤولية ممارسات «حزب الله» تعكس منحى جديداً للتعاطي الخارجي مع لبنان الرسمي، وتعبّر في جانب منها عن الحساسية الكبيرة التي تحوط بملف تشكيل الحكومة ومخاطر التسليم بتوازنات فيها تُفسّر على انها لمصلحة الحزب وتقلّص هامش الفصل، الذي بدأ يضيق أصلاً، بين «حزب الله» والدولة.