خيبة أمل كبيرة مقرونة بقلق واسع يعمان الدوائر السياسية الفرنسية المهتمة بلبنان، كما سائر الدول الصديقة التي استجابت لدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إطار تقديم الدعم في المؤتمرات الثلاثة التي عقدت بين روما وفرنسا وبروكسل. الخيبة ناجمة من جراء التلكؤ اللبناني عن تشكيل حكومة بعد نحو شهرين على التكليف، والقلق تحتمه خشية من تراجع أصدقاء لبنان عن تعهداتهم بتقديم المساعدة والدعم الموعودين إذا ما استمرت المماطلة في تأليف الحكومة.
هذه الأجواء نقلتها مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، مؤكدةً أنها ليست في وارد التهويل أو حتى تحميل المسؤوليات لطرف سياسي معين، إنما من منطلق الحرص على لبنان الذي لم توفر باريس جهدا في سبيل صون استقراره وتأمين الدعم لإنهاضه من الواقع المزري الذي يقبع فيه، وتترجم ذلك من خلال سلسلة خطوات تبدأ من مؤتمرات الدعم ولا تنتهي بالزيارات التي يقوم بها كبار المسؤولين إليه وفي مقدمهم الرئيس ماكرون الذي، ولئن لم تطأ قدماه أرض بلاد الأرز بعد، إلا أنه عازم على زيارته قبل نهاية العام كما تؤكد دوائر الإليزيه. أما وزيرة الدفاع فلورانس بارلي التي كانت تعتزم الحضور إلى بيروت في 6 الجاري، فإنها لم تلغ الزيارة كما تؤكد المصادر، كاشفةً أنها أرجئت إلى شهر أيلول المقبل.
وتوضح المصادر، في هذا المجال، أن زيارة بارلي معطوفة على المحادثات اللبنانية – الفرنسية التي تزمع إجراءها في بيروت ستتركز على سبل التنسيق العسكري بين الدولتين وفي شكل خاص التزام باريس بتقديم قرض للبنان بقيمة 400 مليون يورو من أصل 550 وعدت بها لتسليح الجيش اللبناني ومده بالسلاح المتطور.
وتشدد على أن تشكيل حكومة قادرة على الإنتاج والعمل في أسرع وقت بات حاجة ملحة وضرورية تعويضا عن الوقت الضائع الذي تصفه المصادر بغير الطبيعي لتشكيل حكومة كما المفاوضات التي تنصح بألا تكون مرتبطة في أي شكل بتطورات الخارج، إذ يبدو أن البعض يراهن على تطورات إقليمية معينة، يحاول لأجلها تأخير تشكيل الحكومة.
وتنقل المصادر عن شخصيات قريبة من الإليزيه ووزارة الخارجية التقتها على هامش الاحتفالات لمناسبة العيد الوطني في 14 تموز قولها إن لا سبب وجيها يمكن أن يقنع الدول الصديقة للبنان بأن المسؤولين لم يتمكنوا بعد من تشكيل حكومة، خصوصا أن الانتخابات النيابية جرت قبل نحو شهرين وأفرزت قوى تمثيلية يمكن الركون إليها لتشكيل الحكومة سريعا، لأن كل يوم يمر يرفع نسبة الخسارة للبنان على المستويات كافة.
ويستغرب هؤلاء عدم حسم المعنيين أمرهم سريعا لتشكيل الحكومة وانتظار تطورات قد تأتي أو لا تأتي من الخارج، فيما دول الدعم الصديقة لم تعد تتوانى عن إبداء امتعاضها من التلكؤ اللبناني في تأليف حكومة بات وجودها ضروريا لإجراء الإصلاحات المطلوبة في مؤتمر “سيدر” كشرط لتقديم المساعدات التي أقرت وتناهز قيمتها 12 مليار دولار.